علي جبار عطية
دخلت سوق الهرج في ظهيرة يوم قائظ ودفعني حب الاستطلاع للفرجة فماذا كانت الحصيلة؟
انها مجموعة مشتريات غذائية وكهربائية متنوعة قد احتاجها حاليا و ربما لا احتاجها الا مستقبلا واكتشفت ان سر زيادة مشترياتي هو جوعي الجسدي و النفسي على حد سواء وحين كررت التجربة بعد شاسبوع تكرر السيناريو نفسه مع بعض التفاصيل اذ ان ترددي قبل دخولي الى ما وراء اسوار كتل الكونكريت اتاح لي قراءة بعض اللآفتات الطريفة على الجدران قرب ساحة عدن- مدخل الكاظمية الغربي اذ كتب صاحب مطعم حجبت عنه كتلة كونكريتية بأرتفاع اربعة امتار شمس الاصيل فاضطرته خسائر الزبائن الى خط لافتة تقول (مطعمنا اهنانا-اكمز تلقانا)!!
قبل ايام كنت في ساحة الطيران وما ان لمحني شيخ طاعن في الاسى حتى اسرني بتوسلاته وهويحثني على شراء احد معروضاته من الملابس المستعملة و هي ليست من البالات ثم ركز مدحه على خفين بلاستيكيين زرقاوين مستهلكين وقال انهما افضل من الجديد الذي هو يحظى بالسمعة فقط!
وكنت ادفع توسلاته بصعوبة اذ انه يروم اقناعي بشراء ما لا ارغب به وما لا احتاجه و لكني تخلصت من الحرج الذي اوقعني فيه ترددي بقولي له: لقد اوصتني عائلتي بمشتريات وانا ملزم بشرائها وليس فيها ما تعرضه يا حاج !
لكن ليس كل مرة تسلم الجرة فها هو بائع فاكهة قرب الشيخ الطاعن يصطادني ويقنعني اولا بشراء كيلو غرام ونصف تفاح احمر و كيلوي غرام برتقال وكيلو غرام واحد من الموز ليصل المبلغ الذي ادفعه له ثمانية الآف دينار ولما هممت بالأنصراف هم ليقنعني بشراء كيلوغرام من العنجاص المستورد ليحتفظ بعملة العشرة الاف دينار لكنني اخذتني الحمية فقلت: اطفالي لا يحبون العنجاص!
افلح اخيرا في اقناع قصاب بأخذ العملة الحمراء المثلومة من فئة الخمسة والعشرين الفا بشرط انه سيعيدها الي لو اعادوها عليه!
لكنه يبشرني بعد ايام انه زج بعملتي منقوصة الاهلية بكتلة نقدية كبيرة ارسلها الى المصارف في الموصل!
تمتزج فرحتي بالخلاص من مأزق تلك العملة بحزن شفيف على مصير من تقع تلك الورقة الملعونة بيده .
خارج اسوار الكونكريت تبدو الحياة ضاجة بالسيارات العامة ومنبهاتها وبسيارات المسؤولين وحمايتهم وبهمرات عراقية اما داخل اسوار الكونكريت فتضج الحياة بالأسواق و صياح الباعة وانواع المعروضات و احدث الافلام على اقراص DVDبسعر التراب!
هكذا اخترنا ان نصنع الحياة بالنحت على الكونكريت لتنبت اشجارنا الوارفة بين الصخور بينما اختار غيرنا حياة المنافي مختارا او مكرها او بين بين ربما ليروا الشمس تشرق على الوطن الامن.
كاتب وصحفي عراقي
التعليقات (0)