مواضيع اليوم

الحوزات الدينية في قم مؤسسات دينية أم إقتصادية ؟

سليمان شعيب

2011-03-30 20:20:43

0

 بعدما غاب نجم الحوزات الدينية في مدينة "النجف" وتخلى طلاب العلوم الدينية الشيعة العرب من التوجه للمدينة العراقية وساروا(مشاية ـــ بيادة) نحو مدينة قم الإيرانية طيلة العقود الماضية ظهرت فئة جديدة تدين بالولاء المطلق للعاصمة الدينية في إيران ألا وهي مدينة "قم" جنوب العاصمة طهران و أعتكف الكثير من الشيعة العرب عن مواصلة دراستهم الدينية بسبب الخوف من الولاء أو الإتهام بالولاء لقم وطهران مما أفسح المجال للطلاب الفرس بالأخذ بزمام المبادرة وسط هذه الأجواء. ففي ظل غياب دور النجف بين الشيعة العرب قام البعض من رجال الدين الشيعة من المتخرجين من حوزات "النجف" مهمّة فتح حوزات دينية بديلة في مناطقهم لعدم رغبتهم في التوجه نحو قم وذلك لعدم الإتهام بالإنتماء للنظام الديني الشيعي في طهران لكن اليوم يسعى البعض من المفكرين الدينيين في إيران وعلى رأسهم الدكتورعبد الكريم سروش حث رجال الدين الشيعة وطلاب الحوزات على التوجه نحو النجف لإضعاف مكانة قم حيث يحاول النظام استخدام هذه المدينة لقيادة عالم التشيع بهدف نشر الفكر الصفوي عبر هذه المدينة .
و يرى سروش أنّ الديكتاتورية الدينية في إيران تحتم على الطلاب ورجال الدين الشيعة مغادرة قم لأن الديكتاتورية في إيران تمسك بعصا الأخلاق وإيمان الشعوب و تعمل على توظيف الدين خدمة لسياسة الحكومة الدينية في هذا البلد لكي يتسنى لهؤلاء عبر مغادرة قم العثور على متنفس للتعبير عن رأيهم بحرية و مناهضة النظام المستبد هناك ويشير سروش الى الكبت الذي تمارسه السلطات ضد الناشطين الدينيين المعارضين حيث لم يتبق مخرج للإجتهاد الديني للمجتهدين ومكاناً للحرية في كتابة الرسائل العملية لرجال الدين ولم يتبق شئ من المكانة التي كان يتمتع بها رجل الدين حيث فقد معظم رجال الدين الشيعة استقلاليتهم وشرعيتهم بين مقلديهم جراء تدخل السلطات بشؤون المؤسسة الدينية .
من هذا المنطلق يرى الكثير من الخبراء الدينيين الشيعة في إيران أنّ الحوزات الدينية في قم تحولت الى ملاذ للفاشلين دراسياً حيث أنّ الحوزات الدينية التابعة للحكومة الإيرانية المنتشرة في مدن، قم وطهران ومشهد ، عبارة عن معقل للهاربين من جحيم التعليم الأكاديمي الذي يتطلب إمتحاناً صعباً للدخول في الجامعات الحكومية وعصابات فساد تتخذ من الحوزات منطلقاً لبسط نفوذها من هنا يتوجه معظم الشباب العاطلين عن العمل أو الباحثين عن موقع سياسي الى الحوزات حيث لا يؤمنه لهم سوى "الرداء الحوزوي" الديني .
يروي لي بعض الدارسين في حوزات قم المنتشرة في هذه المدينة أنّ معظم خريجي الحوزة لا يتقنون اللغة العربية ولا حصة المنطق والفلسفة ويتهرب معظمهم من المحاضرات ولكن يجتازون المواد بسهولة بسبب علاقاتهم التي تشبه المافيا في حوزة قم . حيث يدرس طالب الشريعة في الحوزة الدينية عدة أعوام متتالية دون أن يمارس معظمهم مهنة أو عملاً في حين يتقاضى مرتباً شهرياً لا بأس به يخصصه له المرجع المسؤول عن "الحوزة" التي ينتمي إليها.
وقد تتجاوز دراسة طالب الشريعة في الحوزة الأربع سنوات حسب رسوبه أو اجتيازه للمواد فلا تراعى أثناءها أمور الحضور والغياب، رغم أن رجل الدين بحاجة إلى ما يقارب 4 سنوات على الأقل حتى يفوز بلقب "ثقة الإسلام"وعشرة سنوات "حجة الإسلام"وأكثر من عشرين عاماً ليحوز على لقب "أية الله" ومن ثم أية الله العظمى ولكن في حوزة قم يخرج رجل الدين المعمم إلى مجتمعه وله رؤاه الدينية الخاصة حسب انتماءه أو عدم ولاءه للحكومة الدينية هناك.
على الأرجح أن هنالك ثلاثة مراحل رئيسية في الحوزة وهي: المقدمات والسطوح والخارج ولكل مرحلة من هذه المراحل كراساتها وكتبها الخاصة ولكل سنواتها الدراسية. فيما يتعلق بمرحلة "المقدمات"، يدرس طالب الدين كتباً في المنطق وأصول الفقه وعلم المعاني والبيان وعلوم الصرف والنحو في اللغة العربية، إضافة إلى حفظ القرآن وتجويده. أما في مرحلة "السطوح"، فيستمر الطالب بدراسة الفقه الشيعي والمنطق، ويضاف إليها دروس في الفلسفة وعلم الكلام والحديث والتفسير.
أما بشأن مرحلتا "المقدمات" و"السطوح" تمتد إلى حدود سبع سنوات، يحق للطالب بعدها أن يلتحق بمرحلة "الخارج" التي تتضمن أبحاثا حرة في الفقه والبحث في قضاياه نقدا وتحليلا. ويستطيع الطالب في هذه المرحلة أن يطرح آراءه ونظرياته الفقهية الخاصة ليصل من خلالها إلى رتبة "الإجتهاد"، ويطلق عليه لقب "مجتهِد"، أي غير "مقلِّد" لأحد من مراجع التقليد المعروفين. ولا تنتهي هذه المرحلة إلا بعد أن يكون الطالب قد أمضى في دراساته الدينية ما يقارب 15 سنة، ليتخرج بعدها مستحقا لقب من ألقاب رجال الدين الشيعة المعروفة.
تصرف رواتب طلاب العلوم الدينية من أموال "الخُمس" والحقوق الشرعية حيث يتحول البعض إثر ذلك إلى "تجار" فيصبحون أصحاب محلات تجارية فخمة و شركات ومصانع فهم يتحولون الى أصحاب رؤوس أموال نتيجة هذا المزج بين الدين والسياسة والإقتصاد . أضف الى ذلك تصرف الحكومة رواتب لأئمة المساجد أو الحسينيات نتيجة أداءهم لفرائض صلاة الجماعة والجمعة فرجال الدين الشيعة أصبحوا بعد الثورة يتمتعون بنفوذ واسع في الحياة السياسية والإقتصادية في إيران ولا نغفل كره الشارع لهم بسبب فساد معظمهم ودورهم في الحياة السياسية والإقتصادية .




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

فيديوهاتي

LOADING...

المزيد من الفيديوهات