مواضيع اليوم

الحوار.. وتأصيله في نفوس الناشئين

nasser damaj

2009-05-25 21:50:29

0

فضاء الكلمة
بقلم: خليل إبراهيم الفزيع

الحوار.. وتأصيله في نفوس الناشئين

 

     تفتقر مؤسساتنا التعليمية إلى الرغبة في تأصيل ثقافة الحوار بين الناشئين، مما يوجد لدى معظمهم شيئاً من الوجل والتردد قبل الحديث في أي موضوع ولو كان بسيطاً وعادياً، بفعل سياسة القمع التي يمارسها الآباء على الأبناء بإجبارهم على الصمت عندما يتحدث من هم أكبر سنا، وبذلك تنشأ معهم عقدة التردد وعدم الثقة بالنفس، وهنا نجد أنفسنا أمام مسؤوليات تربوية وتعليمية لا بد من الإشارة إليها ومحاولة علاجها، لما تمثله من أهمية في صياغة أساليب الحياة للأجيال القادمة، من خلال تنمية الوعي لدى الناشئين بضرورة التعود على الحوار، والالتزام بالقيم والمبادئ الأساسية في العلاقات الإنسانية العامة، ومن هذه القيم والمبادئ إشاعة ثقافة الحوار مع الآخر، وتنمية نزعة التعامل معه وفق معطيات ينتفي معها التردد أو التشرنق حول الذات، وعدم منحها فرصة التعامل مع الآخر، من خلال الحوار المتكافئ والانفتاح على معطيات العصر دون التخلي عن الثوابت ذات العلاقة بالهوية والانتماء.
     إن الكثير من الحواجز النفسية التي تحكم علاقتنا بالآخر تنجم عن سيطرة التردد والخوف والشك في ما قد تؤول إليه هذه العلاقة من نتائج سلبية، وهذا السلوك هو نتاج إرث اجتماعي وتربوي متراكم تحكمت في مساره أساليب التربية الخاطئة، وأسهمت في تجذيره بعض الحوادث التاريخية التي لم يعد لها وجود، مما يعني نفي تبعاتها على مستوي العلاقات الإنسانية، من خلال تنمية ملكة الثقة بالنفس منذ سن الطفولة فذلك كفيل بأن يثري عقول الناشئين بأهمية القدرة على تجاوز كل العقبات التي قد تعترض طريقهم في المستقبل حين التعاطي مع الآخر في أي شأن من شئون الحياة، في عصر لم يعد من الممكن لكائن من كان أن يعزل نفسه عن الآخرين.
     إن ما تفرضه الحياة من علاقات في مختلف المجالات.. تحتم على الأجيال الجديدة التخلي عن التردد أو الإعجاب الشديد بالذات، المؤدي إلى وهم التفوق وهو وجه آخر لعدم الثقة بالذات، إلى درجة الاعتقاد بتلقائية الانفصال عن الآخر والحذر الشديد في التعامل معه، والخوف من كشف أي خواء ذاتي يتضمنه وهم التفوق.. وهذا اعتقاد لا يخدم المصالح المشتركة بين الأفراد ولا بين الأمم والشعوب، بل يضع أمامها سدوداً منيعة لا يمكن اختراقها من أجل الوصول إلى تحقيق تلك المصالح، من هنا يأتي دور التربية والتعليم في تأصيل ثقافة الحوار، سعياً لتذويب كل الحواجز التي قد تسهم في بقاء وتنامي الشعور بالحذر أو عدم التكافؤ في الحوار مع الآخر، مع أن هذا الحوار كان وما يزال الوسيلة الأجدى للإسهام في صنع حضارة الإنسان عبر التاريخ، وهي حضارة لا تتحقق بالتصادم مع الآخر وإقصائه، ولكن بالحوار الواعي والواثق وفق الأنساق السلوكية التي ينشأ عليها الأطفال لتفتح أمامهم آفاق الحياة الجديدة المبنية على الثقة بالنفس وبالآخر.
     وفي غياب الحوار.. تغيب كثير من الحقائق التي تظل في عالم المجهول، ويترتب على ذلك غياب فرص المعرفة التي تساعد على إدراك أمور يعتبر غيابها أو تغييبها عامل تأخر في اللحاق بركب الحضارة، فالمعرفة هي أساس التقدم، ولا يمكن اكتساب المعرفة بغير الحوار خلال العملية التعليمية، التي سيطرت عليها أساليب التلقين والحفظ، دون الالتفات إلى أهمية الحوار وجدواه.

 




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

من صوري

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي صورة!

فيديوهاتي

LOADING...

المزيد من الفيديوهات