تحرير طرابلس كان ضربة سريعة لم يتوقعها القذافي أو حتى دول الناتو . الفضل كله لثوار ليبيا البواسل فقد أتبتوا انهم أهل للسيطرة على بلادهم دون مساعدة خارجية على الأرض . لقد كان دور الناتو حماية المدنيين من الأسلحة الثقيلة لكتائب القذافي من دبابات ومدافع طويلىة المدى ومخازن الأسلحة . ورغم بطء قصفهم إلا أن هذه المساعدة المحدودة كانت عاملا مساعدا للثوار في هزيمة الكتائب. لكن الفضل كله والمجهود كله للثوارفقد واجهوا كتائب الطاغية وحرروا ليبيا شبرا شبرا أو زنقة زنقة بتعبير القذافي . لا أحد كان يصدق أن الثوار سيدخلون طرابلس بالسهولة التي تم بها , وكنا نتخوف وندعو الله أن يحمي طرابلس من حمام دم فحماقة القذافي غير محدودة وقد يقدم على تهديده بالأرض المحروقة . كان خطاب القذافي الأخير يدل على أنه فقد السيطرة وكان يهدي بدلا من يتكلم . وكان يجتر أحلامه بتاييد الملايين الذين كانوا يهتفون ويهللون له في ميدان الشهداء , وينادي القبائل وفروعها بالأسم قبيلة قبيلة كما نادى سابقا عائلات مصراتة أسرة اسرة ولكن بعد فوات الأوان . أن نهاية القذافي لن تكون نهاية الكفاح لليبيين لأن بناء ليبيا الحرة لن تكون عملية سهلة وتحتاج إلى أيادي وأفكار كل المواطنين . والشئ المهم هو تكريس الجهود لتجنب الخلاف وعدم تحويله إلى صراع مسلح . فالخلاف في الراي شئ صحي ويجب أن ينظم في شكل أحزاب معترف بها للتنافس في جو سلمي ديمقراطي . وليبيا رغم بقائها تحت حكم الطاغية القذافي لفترة 42 عاما إلا أن ليبيا تتمتع بمكانة هامة تاريخيا وإجتماعيا . الليبيون منذ القدم لعبوا دورا هاما في تاريخ البحر الأبيض المتوسط وفي الصحراء الكبرى وكانوا عرضة لغزوات كل الأمبرطوريات التي سيطرت على البحر المتوسط وأستطاعوا تحرير أنفسهم من السيطرة الأجنبية بعد صراع شرس أتبتوا فيه شدة العراك . لقد توالت عليهم غزوات البزنطيون والرومان والعتمانيون والطليان وطردوا كلهم من التراب الليبي .
اني من جيل عاش في ظروف غير الظروف التي يعيشها الليبيون اليوم فقد كان التعليم معدوما وكان النظام القبلي مسيطرا على الحياة السياسية والأجتماعية وفد شجع هذا النظام نعرات إقليمية تدعو إلى التقسيم. وفعلا حدث هذا بعد تحرير ليبيا من الحكم الأيطالي والحكم العسكري للحلفاء ولكن حكمة الملك إدريس وزعماء البلاد إستطاعوا التغلب على هذه النزعات الاقليمية بانشاء نظام فدرالي مؤقت سنة 1951 وقد الغى هذا النظام بعد ما تلاشت النزعات الأقليمية إلى غير رجعة . فقد ساعدت الفدرالية على التنافس على الموارد وإضعاف سلطات الأتحاد ونشر الفساد وتعرض أمن البلاد للخطر وشجع بعض عناصر الجيش على الأستلاء على الحكم لتعذر قوات الامن المنقسمة اداريا بين الولايات حماية النظام . لكن مع تطور ليبيا وإنتشار التعليم وإحتلال مكانتها بين الدول المتمدنة للعالم الديمقراطي المتحضر لم بعد النظام الاتحادي قادرا على تنمية البلاد وحماية أمنها القومي . واليوم يبدأ الليبيون مرحلة بناء دولتهم الديمقراطية الجديدة والسير في ركاب الربيع العربي الذي ينبض في كل أرجاء العالم العربي . وسيتمسك الليبيون باقامة نظام ديمقراطي وحدوي متماسك وقوي يليق بليبيا ومكانتها في البحر الأبيض المتوسط وحلقة الأتصال بين الغرب والشرق وبين الشمال والجنوب . لقد حاول القذافي إحياء النظام القبلي البغيض لتحقيق سياسة فرق تسد في تقسيم ليبيا والسيطرة عليها , ولكنه فشل فلم تعد للقبيلة سيطرة على سلوك الناس كما يحصل في الماضي في المجتمعات البدائية , وأصبح مجرد الأنتماء إلى القبيلة كالأنتماء إلى المدينة التي يولد فيها الأنسان مجرد مصدر إعتزاز كأعتزاز الليبي بأسلامه وعروبته . إن الليبي كان ولا يزال يتنقل من غرب البلاد الى غربها ومن شمالها إلى جنوبها دون أن يشعر بأنه غريب عن غيره من الليبيين حتى أصبحت المدن الليبية تضم عائلات تتوزع أصولها وفروعها في عدد من المدن الغربية والشرقية والجنوبية والشمالية .
التعليقات (0)