الحوار و احترام الاخر مبدأ إسلامي- فادي سميسم
مجتمعاتنا العربية مجتمعات دينية سواء كانت من أتباع الدين المسيحي أو الإسلامي ،ولا يمكننا أن نحكم على دين من الأديان من خلال تصرفات بعض أفراده التي قد تكون بعيدة عن الدين ولا تمت إليه بصلة، أو تكون نتيجة لفهم خاطئ.
ونحن اليوم إذ نعيش فترة الثورات العربية التي اصطلح على تسميتها بالربيع العربي، نجد خلطا في الأفكار منها ما هو مقصود لأنه تابع لفكر معين معروف وهذا ليس بجديد على الإسلام، ومنها ما كان نتيجة عدم اكتمال الرؤية أو النظر إلى الفكرة من زاوية واحدة دون الإحاطة الكاملة بها مما أنتج حكما ناقصا او مشوها.
معلوم أنه من المبادئ الأساسية مبدأ ( التعميم من العمى ) وأن ( النادر لا حكم له )، وأن الدين الإسلامي لا تؤخذ مبادؤه إلا من خلال قناتين هما القرآن والسنة التي جاءت بمثابة شرح للقرآن الكريم، فالذي يريد أن يحكم على الإسلام أو أراد أن يعلم مبادئ الإسلام فإنما سبيله إلى ذلك هذين المصدرين.
أما اللجوء إلى استعمال عبارات الهزيمة والتخلف والرجعية فهذه تسيء إلى قائلها قبل أن تسيء إلى غيره وتدل على عدم الموضوعية في الحوار وعلى تراجع في المستوى الثقافي؛ لأننا نعلم أن طريقة الفّلاح في التعبير عن احتجاجه تختلف عن طريقة طالب الجامعة والمثقف؛ ففي حين أنك تجد الأول يعبر عن ذلك بحمل الفأس للقضاء على الآخر مع السب والشتم تجد المثقف يتبع أسلوباً آخر مثل الرسم أو الشعر ...وإذا كان من حق الآخر أن يطبق ما يعتقد صحته فلأي إنسان يتبع ديناً أن يطبق ما يمليه عليه دينه و إلا كانت دعوى الآخر فارغة لا رصيد لها. ونحن نجد أن الإسلام جمع بين كل الآراء التي تخالفه في ظله؛ وقد ذكر الدكتور مصطفى السباعي في كتابه “من روائع حضارتنا” عن خلف بن المثنى وصفه للحلقات العلمية الشعبية التي كانت تنعقد في العهد العباسي الذي قال فيه: لقد شهدنا عشرة في البصرة يجتمعون في مجلس لا يعرف مثلهم في الدنيا علماً ونباهة، وهم:
الخليل بن أحمد صاحب النحو (وهو سني).
الحميري الشاعر (وهو شيعي)
صالح بن عبد القدوس (وهو زنديق ثنوي)
سفيان بن مجاشع (وهو خارجي صفري)
بشار بن برد (وهو شعوبي خليع ماجن)
حماد عجرد (وهو زنديق شعوبي)
ابن رأس الجالوت الشاعر (وهو يهودي)
ابن نظير المتكلم (وهو نصراني)
عمر بن المؤيد (وهو مجوسي)
ابن سنان الحراني الشاعر (وهو صائبي)
كانوا يجتمعون فيتناشدون الأشعار ويتناقلون الأخبار، ويتحدثون في جو من الودّ لا تكاد تعرف منهم أن بينهم هذا الاختلاف الشديد في دياناتهم ومذاهبهم ! وكلهم تحت رعاية إسلامية إنسانية، فهل نجد لذلك شبيهاً، أم أن غير المسلمين يريدون أن يرموا المسلمين بدائهم وينسلوا ؟؟
وأخيراً وقبل أن تغيب شمس كلماتي أقول: إن الحوار مسألة معرفية (أنتربولوجية) بحتة وعلامة على مدى تقدم الإنسان في سلم المصدر الصناعي المشتق منه، وإذا ما غاب الحوار حل الدمار وهذا ما لا يرضاه العقلاء.
إشارة:
ذكرت كتب الأدب أن أخوين كانا يسكنان داراً واحدة، وكان أحدهما تقياً يسكن في الطابق الأرضي والآخر ماجناً يسكن في الطابق العلوي، فسهر ليلة هذا الماجن وعنده بعض أصحابه يغنون ويطربون ويضجون، مما أزعج التقي ومنعه النوم، فمد رأسه إلى أخيه الماجن وناداه: ( أفأمن الذين مكروا السيئات أن يخسف الله بهم الأرض)، فأجابه الماجن على الفور: (وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم).
https://www.facebook.com/fsmesem
التعليقات (0)