الحوار مطلوب لسبب بسيط كون المحاورة لغة حضارية إنسانية وأخلاقية، ان الحوار لغة التعالي ولغة الفضلاء ولا غرابة أن يتم تمجيد الحوار والتشجيع عليه والدعوة للاحتفاظ به كآلية إنسانية مقبولة ومتوافق عليه، فلا تنتهي حرب الا بالتفاوض ولا ياتي التفاوض إلا بعد دعوات الحوار الموجهة لكل المتعاركين من اجل تغليب لغة العقل والمنطق، لذلك فالحوار ينمي التقارب الإنساني ويسهم في خلق نموذج طيب من التنافسية والانفتاح والتشاور، ولهذا فان كافة الأديان السماوية او الوضعية منها وأرباب الحكمة والفلسفة وبناة الحضارة البشرية دافعوا عن الحوار وجعلوه خاصية بشرية عقلانية منطقية.
إن الحوار الإنساني مطلوب ومرغوب لذاته ولما يحمله من صفات عادلة أخلاقية إنسانية والحضارة العربية ـ الإسلامية وضعت قواعد للسلم والتسامح ومن ابرز الطرق المؤدية لنزع فتيل التنازع والاقتتال الانفتاح والحوار فلا بد من جلوس المتخاصمين على مائدة الحوار...فينشأ عن ذلك قبول الآراء وتفهمها وإبعاد شبهة التطرف والدوغمائية أي كل طرف يوجه رسالة للآخر على انه يحمل فكرة الحوار .انها قاعدة إسلامية منطلقها القران الكريم وأحاديث النبي عليه السلام وكذلك أدبيات كبار الصحابة والخلفاء والأمراء على مر تاريخ الأمة الإسلامية من دولة الخلافة الراشدة مرورا بالدولة الامية والعباسية ..وكذلك اتخذ الحوار منعطفا كبير عندا حمل على أكتاف علماء ومفكري الأمة فوضعوا القواعد المؤسسة لحوار بناء وهادف
نذكر على سبيل المثال لا الحصر حوار الاشاعرة مع فرقة المعتزلة، وحوار علماء وكبار منظري الاعتزال مع أهل الحديث والسنن حوار لم يخرج عن الطابع الإسلامي الايمانى الذي يجعل من المتحاورين إخوة لا أعداء.. امة تختلف لكنها تتحاور وهذا هو المقصد من تبني الكتابة الفكرية للسجال الؤدي للحاور لا القطيعة والمجتمع الاسلامي المعاصر التعاقد مع التخلف يعاني من مرارة طرد الحوار والتخلي عنه اولا كفكرة وثانيا كاستراتيجية يلجأ اليها في حالة نشوب الخلاف بين طائفتين او تيار سياسي ضد اخر .وللاسف فعالمنا غريب امره يتعايش فقط مع الانتهازية والرذالة ولا ينصت ابدا للغة الفكر الممجدة عبر التاريخ .
ان ما ينقص العالم الاسلامي ليس فكرة الحوار انما الايمان بقيمته ،كبديل عن الحرب والصراع والتنافس القاتل الذي يؤدي الى تمزيق الامة والعبث بقدراتها ..
التعليقات (0)