الحوار في بلادي لماذا هو ممنوع ؟!وشبه محرم؟! بل وقد يعتبر لدى البعض كافر
من يقوم بمخالفة رأي احد العلماء مهما كان ذلك العالم حتى لو أن ماجاء به يستحق النقاش او الحوار ...وهذا ينطبق ايضا على بعض المثقفين والمسئولين .....
ولو كان ذلك الحوار لزيادة في المعرفه .. او لتبيان وجهة النظر الاخرى ...
فكلنا يعلم ان هناك خلاف في فهم ماجاء عن النبي من احاديث وكما يقول العلماء ان
الخلاف رحمة للناس ...
الا ان الكثير في عصرنا الحالي يحرم النقاش فيما ياتي به بعض العلماء مهما كان موقعه
ودرجة علمه او المثقفين او المسئولين ...
بل ...واشتهرت لدينا مقولة ( العلماء لحومهم مسمومه).
التي بحثت لها عن مصدر في.... معجم لسان العرب .... ومعجم مقاييس اللغه .... ومعجم الصحاح في اللغه ... ومعجم القاموس المحيط ... ومعجم العباب الزاخر ....
ولم اجد كلمات او تعابير مطابقه ذات صله ؟!...
وبحثت عنها بالاحاديث النوبيه الشريفه فلم اجد حديث يقول ان العلماء( لحومهم مسمومه) على الاطلاق ...
وكل ماوجدته ان للعلماء فضل بهذه الحياة الدنيا ..
وحث المسلمين على طلب العلم لما له من فضل بالدنيا واجر بالاخره ....
ووجدت حديثا في( سنن ابن ماجه) في باب : الانتفاع بالعلم والعمل به :أن النبي صلى الله عليه واله وسلم قال)لاتعلموا العلم لتباهو به العلماء , ولا لتماروا به السفهاء, ولا تخيروا به المجالس , فمن فعل ذلك , فالنار النار)..
ورغم ذلك نجد وللاسف حتى من بعض المثقفين بل وبعض العلماء من يضفي صفة التحريم على مناقشة مايأتي به علمائنا هذه الايام او المثقفين او المسئولين ... ويعتبر ذلك من المحرمات وبالاستفسار عن السبب يقول أن(العلماء لحومهم مسمومه)؟!
حتى ان بعض المنتديات وللاسف الشديد والتي تعتبر من اهم المنتديات العلميه بالمملكه ويقوم عليها اناس على درجة كبيره من العلم وربما يتخرج من تحت ايديهم اجيال
نجدهم يقومون بحذف أي موضوع فيه نقاش او رد او حوار لفتوى او حتى لخطبة او للقاء عالم من علمائنا ويعتبر ذلك تطاول على العلماء يجب عدم الخوض فيه؟!!!!
ويبررون ذلك بمقولة(العلماء لحومهم مسمومه).... وحتى لايقبلون مناقشة ماجاء به بعض المثقفين او المسئولين ..
وللحق انا لم اسمع من عالم دين لدينا بالسعوديه يقول ان لحمه مسموم او قاتل او ان كل مايأتي به هو الصحيح ويجب اتباعه وعدم مناقشته او الخوض فيه او رده ...
ولم اسمع من علمائنا من يقول انه معصوم عن الخطأ .....
بل سمعت بعض علمائنا ومثقفينا والمسئولين يحاورون ويناقشون من يرد عليهم ويردون الحجة بالحجه .. وهذا هو ماأمرنا به الله عز وجل ونبينا محمد صلى الله عليه واله وسلم ....
فقد حاور الله عز وجل وهو القادر على كل شئ وقوله الحق حاور ابليس اللعين بحوار طويل كما جاء بقوله عز وجل بسورة الاعراف
(ولقد خلقناكم ثم صورناكم ثم قلنا للملائكة اسجدوا لادم فسجدوا إلا إبليس لم يكن من الساجدين . قال مامنعك ألا تسجد إذ أمرتك قال أنا خير منه خلقتني من نارٍ وخلقته من طينٍ. قال فاهبط منها فما يكون لك أن تتكبر فيها فأخرج إنك من الصاغرين . قال أنظرني إلى يوم يبعثون . قال أنك من المنظرين) الى اخر المحاوره....
هذا هو الله ربنا عز وجل حاور اللعين ابليس ...
وقد امرنا الله عز وجل بالاخذ بما انزل علينا في القران الكريم وتلك الايات انما تدل على وجوب الحوار والنقاش وانه ليس هناك من لحمه مسموم او قاتل او من هو فوق الحوار ...
وليس هناك معصوم الا نبينا محمد صلى الله عليه واله وسلم الذي ثبت عنه انه قال (انتم ادرى بشئون حياتكم ) او كما جاء عنه صلى الله عليه وسلم ...
كما امر الله عز وجل نبيه موسى عليه السلام بالذهاب الى فرعون لانه طغى... وقال عز وجل بسورة طه(فقولا له قولا لينا لعله يتذكر او يخشى) ايه 44.....
كل هذه الاوامر والتعليمات لديننا الحنيف .... تحثنا على الحوار فيما بيننا والنقاش بل وحتى مع اطغى الطغاة واشد الكفار كفرا وطغيانا .. لامانع من محاورتهم وباللين ...
بينما نحن نحرم حتى الخوض فيما قاله او جاء به بعض علمائنا او حتى مفكرينا ؟!!!ونحرم الحوار فيما بيننا ولا نتقبل النقاش من بعضنا البعض او الخلاف في الرأي .. فما بالك بحوار الغير وتقبل وجهة نظره او حتى سماعها..
ومما جاء بالاثر ان امرأة عجوز حاورت الفاروق عمر ابن الخطاب رضي الله ثاني الخلفاء الراشدين وقال عمر رضي الله عنه اصابت امرأة واخطأ عمر او كما قال ...
ولم يرد في الاثر أن احدا قال لها ان لحوم الخلفاء او العلماء مسمومه او قاتله ولم يؤنبها احد على فعلتها بل افادت واستفادت وتراجع القائل وهو الفاروق عمر بن الخطاب عما قاله واعترف بخطأه ....
وقد اعجبتني مقولة فضيلة العلامه الشيخ على الطنطاوى رحمه الله الذي قال:
( ( فلا تقولوا للعلماء (رجال الدين) ولا تحملوهم وحدهم واجبات الدين , فإن رجال الدين هم كافة المسلمين , ليس عندنا الا العلم والتقوى , فمن كان عالما عظمناه وسألناه , ومن كان تقيا أحببناه وأجللناه ومن أخطأ وحرف رددناه او ردعناه , كائنا من كان ذلك المخطئ وذلك الناقد , ليس الناقد بأقل من تلك العجوز , وليس المنقود أفضل من عمر)) انتهى كلامه رحمه الله..
كل هذه الدلائل الثابته والحقائق الداعيه للحوار والنقد .. وأن كل إنسان يؤخذ منه ويرد عليه إلا المصطفى صلى الله عليه واله وسلم .....
الا اننا نجد من يحاول ان يجعل حول بعض الشخصيات او الرموز الدينيه او الثقافيه او غيرها سياجا ويحرم حتى مناقشة مايأتون به . ... وجعله كأنه امر منزل يجب اتباعه ولو كان بغير اقتناع .....
رغم ان الحوار لايتضمن الاساءة الى شخص ذلك الرمز او العالم او المسئول و التطاول عليه بالقول ...
بل ان كثير ممن حاولوا مناقشة ماجاء به اولئك الرموز او العلماء او المسئولين هم من يتلقون الاساءه والتطاول من بعض محبي هؤلاء العلماء لفهمهم الخاطئ لمفهوم الحوار وعدم تفريقهم بين الحوار والاساءه .. واعتبارهم ان مجرد مناقشة ماجاء به رمزهم او العالم او المسئول هو تطاول واساءه ...
في ظل صمت مطبق من اولئك الرموز والعلماء والمثقفين والمسئولين وعدم افهامهم لمحبيهم ان مايقومون به خطأ وخارج عن امر الدين ويخالف الشرع وان الحوار ليس محرما او ممنوعا ...
وكأن الامر جائز لهم ويعجبهم تطاول اولئك الاتباع الذين يقومون بما يقومون به عن جهل تام قد يؤثم عليه علمائهم لعدم تنويرهم وافهامهم حقيقة الحوار وتقبل الرأي الاخر مهما كان مصدره ..
وان الحوار باللين ورد الحجة بالحجه وليس بالاساءه .. وانه ليس هناك من هو معصوم غير المصطفى صلى الله عليه واله وسلم ..
فهل يأتي اليوم الذي نتمسك فيه بمفهوم الحوار والنقاش بالمنطق ودحض الحجة بالحجه . وليس اما معي او ضدي . او يتحول النقاش الى قطيعه وربما تكفير وتطاول واساءه ...
والى متى ونحن نخالف امر الله عز وجل ونسير ضد التيار .. حتى اوشكنا ان لانسمع الا انفسنا واغلقنا اذاننا عن أي محاولة حوار او نقاش سواء داخل الوطن او خارجه ..
. والله من وراء القصد والسلام..
ابو بندر // سعود عايد الرويلي ..
التعليقات (0)