الحوار الوطني الفلسطيني وأسرار الفشل
بقلم/ حسام الدجني
قد يكون عنوان المقال سوداوياً، ونابع من نظرة تشاؤمية للعلاقات الفلسطينية الداخلية، وتحديداً علاقة حركتي فتح وحماس، أو منظمة التحرير الفلسطينية وحركات الإسلام السياسي في فلسطين.
ولكنني عملت جاهداً في معظم كتاباتي أن أشيع جواً تفاؤلياً، وعلى ما يبدو أنني فشلت في ذلك، والسبب ليس أنا، بل هم!! فجولات الحوار على مر التاريخ في معظم جولاتها كانت تصل إلى بيان ختامي لا يرتقي إلى درجة المصالحة الحقيقية، والتي نعبر عنها دائماً بمصالحة القلوب والبرامج والاستراتيجيات والفكر السياسي والأيديولوجي.
الحوار الفلسطيني له جذور تاريخية في مسيرة الحركة الوطنية الفلسطينية، وثقافة الاشتراطات لم تكن وليدة اتفاق أوسلو أو فوز حماس في الانتخابات، أو أحداث يونيو/حزيران 2007.
وسوف أتناول في مسيرة الحوار الوطني الفلسطيني أربع مراحل من الحوار بين منظمة التحرير الفلسطينية والتيار الإسلامي.
أولاً: حوار م.ت.ف مع الإسلاميين حول انتخابات اتحاد طلبة فلسطين في الكويت عام 1977.
بدأ الحوار بين منظمة التحرير الفلسطينية والتيار الإسلامي حول عقد انتخابات لاتحاد طلبة فلسطين عام 1977م واستمر ثلاث سنوات دون أي تقدم يذكر، حيث كانت المنظمة تخشى فقدانها احد أهم المؤسسات السياسية الفلسطينية في الكويت فعملت على تأجيلها، حتى اشترطت على التيار الإسلامي قبوله ببرنامج منظمة التحرير الفلسطينية (برنامج النقاط العشر)، مما دفع التيار الإسلامي عن تشكيله إطار آخر موازي لاتحاد طلبة فلسطين، وأطلق عليه حينها (الرابطة الإسلامية لطلبة فلسطين).
ثانياً: حوار القاهرة عام 1995
دار الحوار بين حركة المقاومة الإسلامية حماس وبين منظمة التحرير الفلسطينية بدعوة ومباركة من الرئيس المصري محمد حسني مبارك، وكان يرأس وفد المنظمة السيد سليم الزعنون رئيس المجلس الوطني الفلسطيني بالإنابة، وكان يرأس وفد حماس السيد خالد مشعل، وكان الهدف من هذا الحوار هو عملية احتواء حركة حماس، وحثها على المشاركة في الانتخابات الفلسطينية والتي عقدت في 20/1/1996م، ووقف الكفاح المسلح، حتى لا يتم إحراج السلطة الفلسطينية، وكذلك احترام التزامات منظمة التحرير الفلسطينية السياسية.
وأيضاً فشل الحوار وخرج في بيان ختامي عام، ووصلت الأمور بين الطرفين إلى ما وصلت عليه من اقتتال واعتقال واستئصال للحركة الإسلامية في فلسطين.
ثالثاً: اتفاق القاهرة 2005
عقد في القاهرة، وشاركت فيه غالبية الفصائل الفلسطينية، وتوصلوا إلى اتفاق القاهرة، ولكن لم يوضع لهذا الاتفاق أي ضمانات للتنفيذ، حيث يتكون الاتفاق من نقاط نفذت الفصائل النقاط المتعلقة بالتهدئة والانتخابات ولم تنفذ السلطة الفلسطينية بند إصلاح منظمة التحرير الفلسطينية، مما زاد ذلك من حجم الأزمة، فغابت الثقة بين فتح وحماس، وشعرت حماس بمكيدة تجهز لها، ولكن كان لاغتيال الشهيد إسماعيل أبو شنب الدور الأبرز لعدم تنفيذ مآرب السلطة الفلسطينية وأجهزتها الأمنية والتي أعلنت حالة الطوارئ في صفوفها لاعتقال كوادر وقيادات حماس والجهاد الإسلامي.
رابعاً: اتفاق مكة عام 2006
تم برعاية كريمة من جلالة الملك عبد الله بن عبد العزيز، ودار الحوار في مكة المكرمة، وبالقرب من الكعبة المشرفة اجتمع الوفدان فتح وحماس، وترأس السيد محمود عباس وفد حركة فتح والسلطة الفلسطينية، وترأس السيد خالد مشعل وفد حماس والحكومة الفلسطينية، واتفق الطرفان على نقاط عامة، سرعان ما انهارت واشتعلت أحداث مؤسفة أوصلتنا إلى ما نحن عليه الآن.
نخلص القول أن أسرار فشل الحوار الوطني الفلسطيني يندرج في نقاط جوهرية وهي:
1- غياب حوار استراتيجي مكفول بضمانات عربية وإسلامية.
2- غياب ثقافة سياسية عند الحركة الوطنية الفلسطينية بما يتعلق بالمفاهيم السياسية المعاصرة كشراكة السياسية والتعددية واحترام الإنسان الفلسطيني.
3- أزمة الثقة بين الأطراف الفلسطينية.
4- اختلاف البرامج والمناهج بين الحركتين.
5- سياسة المحاور والأحلاف في المنطقة.
ما سبق هو إيجاز لسلسلة من الحوارات وأسرار الفشل التي كانت ترافقها لذا أتمنى على الراعي المصري الاستفادة من الإخفاقات السابقة، والعمل على إبرام مصالحة حقيقية، كل بند فيها يجب أن يدرس جيداً وتوضع كل سيناريوهات النجاح والفشل، وان توضع ضمانات كافية عند التنفيذ، فحالتنا الفلسطينية في ظل الأخطار المحدقة بنا وبمقدساتنا لا تحتاج المزيد من المغامرات والمقامرات السياسية.
حسام الدجني
كاتب وباحث فلسطيني
التعليقات (0)