الحناء مادة نباتية تجميلية، استمر توارثها بين النساء من جيل لأخر لما لها من مزايا وفوائد، تعد من بين الوسائل التجميلية التي تستعين بها المرأة لإبراز جمالها و زينتها، و قد ارتبط حضورها في الأفراح و المسرات و اتخذتها بعض النساء مؤشرا لإظهار القوة و التعبير عن التفتح.
ماهو تعريف الحناء؟
ما هو دور الحناء في الأفراح و المناسبات؟
ما خصائص هذه النبتة و فوائدها؟
ما مدى تأثيرها على الفرد خاصة المرأة؟
تعريف الحناء:
الحناء نبات يستخرج من مسحوق الحناء، تستخدمه أغلب النساء للصبغ أو لعمل نقوش على اليدين، وقد اشتهرت زراعة نبتة الحناء بالمغرب في المناطق الجنوبية خاصة الجنوب الشرقي( زاكورة، فم زكيط...) كما تدخل هذه المادة في صناعة بعض مستحضرات الشعر بالدول المتقدمة, وتعتمد زراعة الحناء بالدرجة الأولى على الحرارة وهذا ما يفسر تواجدها بكثرة بالمناطق الجنوبية بحكم مناخها الصحراوي الجاف الذي يساعد هذه النبتة على النمو بسرعة، مما يجعل حصاد محصول الحناء يكون أربع مرات في السنة، وهذا يعني أنها تحصد أربع مواسم متتالية. إلا ان محصول فصل الصيف يكون أفضل من ناحية الكم طبعا.
تزرع نبتة الحناء من الجذور و ليس من البذور، وتعيش أشجارها ما بين 80 سنة إلى 120 سنة على أقل تقدير، وبعد حصادها مباشرة تعرض لأشعة الشمس لغرض التجفيف و بعد أن تصبح الأوراق يابسة تأتي عملية الطحن و التي تستغرق أقل من نصف يوم و بالتالي الحصول على محصول الحناء.
الحناء في المناسبات و الأفراح:
إذا كانت الحناء رفيقة النساء في كل وقت و حين و خاصة الأعياد و المناسبات بحيث لا تكاد تمر مناسبة دون أن تكون الحناء حاضرة، فإن حضورها في الأفراح المغربية يعد أمر ضروري بمعظم المناطق المغربية كما يعد عدم تزيين العروس بالحناء في ليلة زفافها فال سيئ و نذير شؤم وهذا من بين المعتقدات الشعبية السائدة.
ومن المعلوم لدى الجميع أن لحظة وضع العروس للحناء هي للحظة المميزة لليلة زفافها، وتسمى هذه الليلة بليلة الحناء، و التي يستدعى لها صديقات العروس و بعض النساء المقربات من أسرتي الزوجين و بالتالي يتم الاحتفال بالعروس و الحناء معا.
خلال هذه الأثناء تزين العروس من طرف (النكافة). و هي السيدة المتخصصة بتهيئ الفتاة المقبلة على العرس و تزينها و تلبيسها الحلل و الأزياء التقليدية، وهكذا يمكن القول أن الحناء شأنها شأن الحلل أو أكثر باعتبارها رفيقة المرأة و هي الأصل الذي تعود إليه بالرغم من تقدم وسائل الزينة و التجميل.
و في أجواء تغمرها البهجة و السرور ، تمتزج طقوس تزيين العروس بالحناء مع أهازيج و مواويل غنائية ترددها الفتيات و النساء الحاضرات و أحيانا من طرف فرقة غنائية تحيي تلك الليلة الخاصة بالحناء إلى أن تنتهي العروس من تزيين يديها و رجليها بالحناء، و في الوقت ذاته ترمي الحاضرات بقطع نقدية على صحون الحناء التي تكون غالبا بجانب قوالب السكر و البيض كلها مواد ترمز إلى البياض وتدل على التفاؤل بحياة سعيدة بين الزوجين.
و لا يمكننا الحديث عن الاحتفالات دون أن نذكر مناسبة العقيقة عند ازدياد مولود جديد بحيث يمكن اعتبارها بمثابة عرس مصغر. و حضوره يكون بغرض تزيين الأم و طفلها أيضا لكي تكتمل الفرحة، هذا من جانب. و حتى أجواء المناسبات الدينية لا تخلو من هذا الطقس ففي عيد الأضحى تحرس العديد من النساء على طلي مقدمة رأس كبش العيد تفاءلا و تبركا به. أما في عيد الفطر فتقوم النساء و الفتيات بنقش الحناء على أيديهن فرحة بالعيد و استقباله بشكل يليق به.
و قد لا يقتصر الحناء على المناسبات فقط و إنما تحضر أيضا في الهدايا المتبادلة حيث تحرص العديد من الأسر في كثير من المناطق على إكرام ضيوفها من النساء باشتراط عدم مغادرتهم إلا بعد تزيين اليدين و الرجلين بالحناء، وهذا دليل على الكرم وحسن الضيافة و هي عادة اشتهر بها سكان و أهالي سوس بصفة خاصة ومناطق الجنوب بصفة عامة.
خصائص هذه النبتة و فوائدها:
إن أكثر ما يجذب النساء المغربيات إلى مادة الحناء هو فوائدها الجمة على الصحة, فإلى جانب ما تمنحه هذه المادة للجسد من زينة و نظارة طبيعية فهي تستعمل كعلاج لبعض المشاكل بحيث أثبتت عدة دراسات بأن الحناء يمكن استخدامها لعلاج الحروق بوضع مسحوق الحناء على الجزء المصاب فإنها تقلل من الألم، في حين أثبتت بعض التجارب على أنها مادة مضادة للفيروسات و تساعد على التئام الجروح المزمنة و خاصة التي تصيب مرضى السكري في الأقدام و تقلل من الإصابات بحيث تقوي الجلد و تجعله أكثر مقاومة و مرونة.
تأثيرها على الفرد خاصة المرأة:
ترمز الحناء في أغلب الأحيان إلى البياض و الصفاء، و من بين المعتقدات السائدة في العديد من المجتمعات هو أن الإكثار من استعمال الحناء يزرع في قلب المرأة الحنان و العطف مما يجعلها محبوبة لدى الناس، و لم تعد الحناء تلك المادة التقليدية التي تخص النساء المتقدمات في السن فقط، بل أضحى نقشها على الأذرع و الرجلين و أسفل الظهر من مؤشرات الانفتاح على العصر ومواكبة تطلعات الموضة.
خاتمة:
إن أهم ما دفعني إلى طرح و تناول هذا الموضوع هو تلك المكانة الخاصة التي تحضى بها الحناء داخل المجتمع المغربي فقد أصبحت هذه المادة تشكل هاجسا أضحى بمثابة الاعتقاد والأيمان بقوتها و تأثيرها على حياة الفرد، و إن عدم حضورها في الأفراح خاصة في الأعراس يعتبر فالا سيئا و نذير شؤم على العروس .كل هذا دفعني إلى القول أن الحناء مادة تستحق دراسة وعناء.
التعليقات (0)