مواضيع اليوم

الحمار ينجو من عدة كمائن ويحتال كى يتحول إلى مواطن

حسن توفيق

2009-05-10 04:03:00

0

            الحمار ينجو من عدة كمائن..

            ويحتال كي يتحول إلى مواطن

                     من مقامات مجنون العرب

 

».. أفقدُ حياتي ولا أفقد ذيلي.. قُولي هذا لأصحابي ولأهلي.. ورغم أني
حمار إلا أني لن أخضع.. ولن أقبل لهذا الذيل أن يُقطع.. كيف أهش الحشرات التي
ترتع؟.. وكيف أبعدها عن ظهري قبل أن تلسع؟.. لا.. لن أتخلى عن هذا
الذيل... مهما توعدني الظلم بكل الويل.. أما أنت ياحمارتي ويانور العين.. فإني
أرجوك أن تهتمي بالجحشين.. وتأكدي أنك ساكنة في القلب.. لكني لن أعود
للحظيرة إلا إن عاد الحب.«


هذا مانطق أو نهق به الحمار.. قبل أن يفر هاربا من السيف البتار.. ولم
تستطع الحمارة أن تمنع ما اتخذه الحمار من قرار.. ولهذا طلبت من المجنون أن
يسير معه.. حتى لاتقلق عليه كلما ثارت زوبعة.. وبالطبع فإن المجنون وافق
على هذا الأمر.. لكنه رجاها ألا تبوح لأحد بالسر.. وهكذا تحول المجنون إلى
حلقة وصل.. مابين القاعدة ومابين الذيل.


بمجرد دخول الحمارة من باب الحظيرة.. تعرضت لصفعات مؤلمة كثيرة.. وتلقفتها
بالعصي مجموعة من الشياطين.. وإن كانت وجوهها وجوه آدميين.. وعلى الفور
جيءَ بالجحشين.. وقد فُقِئتْ من عينيْ كل منهما عين.. عقاباً لهما على أعظم
جريمة في الكون.. بعد أن رفضا أكل الروث المخلوط بالتبن.. وبعد أن شربت
الحمارة من كؤوس العذاب.. بدأ التحقيق معها والاستجواب:


> أين كنت أيتها الحمارة الساقطة.. ولماذا تطلقين علينا سهام نظراتك
الساخطة؟
- كنت أنوي أن أرحب بكم بالطبع.. لكني الآن لا أملك سوى الدمع.
> هذا النهيق ينطوي على سوء نية.
- لا أملك غيره أهديه تحية.
> وأين حمارك الذي لايكف عن النهيق.. متوعدا سماء الحظيرة بألف حريق
وحريق؟
- لا أعرف أين هو الآن.
> إذن استريحي الآن.. وسنستأنف بعد فاصل الإعلان

.
.. على أحد مواقع الإنترنت الثرثارة.. قرأ المجنون للحمار عما جرى
للحمارة.. لكنه لم يخبره بما جرى للجحشين.. حتى لاتفيض الدموع أنهارا من
العينين.. ولم يجهش الحمار بالنهيق.. لكن الثورة في قلبه تحولت إلى حريق.. وظل
الاثنان هائمين مابين قرى ومدائن.. وتنقلا من مكان إلى أماكن.. دون ان يشعر
أحدهما بأنه آمن.. وإن كان الحمار قد نجا من عدة كمائن.. دون أن يستطيع
مطاردوه أن يوقعوه في أي شَرَك.. بعد أن امتلك من الحيل ما امتلك.
تثاءب الحمار أكثر من مرة.. وظل يشكو من العيشة المرُة.. وبعد أن استبد به
التعب.. طلب من المجنون أغرب طلب:


> سأكون لك من الشاكرين.. لو استطعت أن تحولني إلى رجل من الآدميين!
- أنا لا أحب الذين يتخلون عن مبدأ أو جنسية أو وطن!.
> ولكنك تعرف جيدا ما أواجه من محن.
- رغم المحن عليك ان تتفاءل.. ولا يحق لك ان تساوم أو تتنازل.. وأنا أؤكد
لك أن صاحب الحظيرة شرير.. لكنه سينال مايستحق من سوء المصير.
> وأنا حين أتحول من حمار إلى رجل.. سأقول للكل هيا إلى العمل.. وحين
يتواصل عمل الجماعة.. فهذا سيكسبها أعلى درجات المناعة.. ولن تكون الأمور على
هذا النحو من البشاعة.
- إذا كان هذا ما تراه.. فإني سأسعى لتحقيق ما تتمناه.. ومادمت قد أفلتَّ
من الكمائن والمكائد... فإني سأطلب من صديقي المارد.. أن يحولك من حمار
إلى مواطن.. وفيما بعد نستطيع أن نستأجر لك أحد المساكن.
> وماذا عن الحمارة والجحشين؟
- لا تكن متسرعا في كل شأن.. لابد أن تتحول أنت إلى مواطن في البداية.. ثم
نتابع بعد ذلك فصول الرواية.. ألم تسمع عن سياسة »خطوة.. خطوة«؟ أنا
سأحاول أن أطبقها ولكن بالحيلة لا بالقوة.
> أنت إنسان من الذهب!
- لاتنافقني فأنا لست من ذهب.. أنا قلب يواجه  أبا لهب.. أنا مجنون العرب.
> هل تحدثني عن هذا المجنون؟
- نعم.. إن من يعرفونه يقولون:


عاشق لم يتبْ
صوته من لهبْ
يعشق الشمس في
كل أرض العربْ
إن رأى نكبة
في الديار اكتأبْ
أو رأى حلوةً
يحتويه الطربْ
صدقه قلعةٌ
ليس فيها صخبْ
قلبه وردة
حين يحلو العتبْ
صمته نسمةٌ
حين يطغى الغضبْ
إنه شاعر
ذاب فيما كتبْ
شعره كنزُهُ
إن أتى أو ذهب

ليس يعنيه ما
في القصور الذهبْ
نايه هائمٌ
في حقول القصبْ
والضحايا له
إخوةٌ في النسبْ
هُّمه أن يرى
من يداوي العطبْ
في الزحام ابتدا
للضمير انتسبْ
ليس في قلبه
قطرةٌ من كذبْ
والجنون الذي
ذاب فيه انسكبْ




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !