لم تتعدى ذاكرته المنحنية أفق التاريخ .. التاريخ الذي يحمل بين طياته صوراً متشابهة , حتى وان ضاقت أو شابها شيئاً من الظلام تبقى مساحة ضيقة من النور والضياء تُرسل من خلالها شُعاعاً وبريقاً نفاذاً يحمل بين أطيافه بعضاً من الأمل .. الأمل الذي يتعدى مساحة الظلام إلى النور بنا أخذاً ..
هذا الظلام الذي احدودبت بـِه ظهور المجتمعات وقاسى منه الإنسان واستُعصي عليه مُجاوزته حتى قيل لو أن الفقر رجلاً لقتلته ولا فقر أعظم من الجهل إذ الجهل شر الأصحاب وآفة كُلها شر , يبقى أثرُهما أي الفقر والجهل في المجتمع ينهش من إمكاناته وقدراته فالجهل يُثني الفقر على مجاوزة حالة الفاقة , والفقر لا يتُرك للجهل مجالاً ليغير من حاله فيبقيه في ظلمات تحفها ظلمات هذه الظلمة التي تكاد تحصر المجتمعات في بوتقة ضيقة من التعثر من جوع وفاقة تشمل بطن الإنسان وعقله وتبقيه في حالة من التقوقع السلبي نحو ذاته ودائرته المغلقة التي يحيلها إلى دائرة أوسع وأعمق توشك أن تؤدى بالمجتمع اجمعهٍ بفقر مدقع وحالة من الضياع والفلتان جراء تنافر المال والعلم ..
بما أن المال اقتحم كافة ميادين الحياة فلا سياسة دون المال ولا مرافق وتنمية اجتماعية واقتصادية ولا تعليم جيد ولا استراتيجيات مجتمعية من غير قدرات وإمكانات مالية تحسن من أوضاع المجتمع وتغير من شانه , وقد تغيب القدرة على إدارة المال إدارة جيدة وسديدة متى ماغاب الخيط الرفيع الذي يحمل في استقامة خطه شُعاعاً واضحاً وضياءاً براقا يحمل في أطنابه شيئاُ من العلم الذي هو زاد الإنسان ودليله في تعامله مع نفسه ومجتمعة ومع الكون والحياة ..
فمن بين ثنائية العجز الفقر والجهل وظلمة الحياة وقسوة العيش يتحتم على الفرد بكونه ركيزة المجتمعات والقادر على التغيير الخلاق نحو غد مميز يعيش فيه المجتمع برغد وسعة أن يدرك أهمية المال والعلم وحاجة المجتمع إليها وان يسعى جاهداً نحو تحقيق الحلم . الحلم بان نعيش داخل منظومة مجتمعية متكاملة القوام متراصة الصفوف يسعى صاحب المال لدعم تعليم جيد وتعلم جاد وتوفير مؤسسات ونوادي وجمعيات ودوريات تقوم على تهيئة الجو المناسب وتحُض طالبي التعلم وتدخلهم في ميادين العلوم والمعارف وتُكسبهم الكثير من القدرات وتنمي من مهارتهم , ويسعى صاحب العلم نحو تحقيق المعادلة نحو حاجة المجتمع وتلبيتها..!!
وحتى نعيش في وطن بلا فقر يجب أن يُقتل الجهل لا الفقر ..
التعليقات (0)