الوحدة العربية حلم أم خيال؟
إنه الحلم الذي راود أجيالاً متعاقبة وحاول بعض الزعماء تحقيقه على أرض الواقع لكنهم فشلوا أو أفشل حلمهم ووئد الحلم العربي منذ ذاك الوقت ... ولم تشهد الشعوب العربية حدثاً موحداً له كيومِ وفاة الزعيم جمال عبد الناصر ... حيث نعتهُ الأمة العربية وشعوبها من محيطها إلى خليجها ...
والآن ونحن نتابع مسار الثورات العربية وهي تتنقل من بلد لآخر والتي تُعتبر المرحلة الاولى واللبنة التأسيسية لمشروح التوحيد الفعلي بعيداً عن مقررات الجامعة العربية والتي فرّقت أكثر مما جمعت ... زخم الثورات العربية أعاد للحلم القديم الجديد جذوته.
كثيرة هي مشاريع الوحدة السابقة الثنائية منها أو الثلاثية التي فشلت والتي في أغلبها جاءت مُسقطة وليست نتيجة مطلب قاعدي شعبوي ... ولهذا تعتبر عملية التغيير هي المرحلة الاولى والأهمّ في مشروع التوحيد ...
قد يتساءل الكثيرون كيف نستطيع إنجاح الوحدة بأنظمة مختلفة الطبيعة والهياكل والتنظيم وقد فشلت سابقاً وهي المتطابقة وإن إختلفت في الدرجة ؟
ربما الإجابة المنطقية والأقرب لهذا التساؤل هو ما يقع على الأرض حالياً، وأن هذه الثورات بما ستُحدثه من تغييرات في صلبِ طبيعة الحكم من شمولية وإستبدادية إلى حكمٍ شعبي أي مستمدّ فعلياً من الشعب بإعتباره تجاوز مرحلة الوصاية إلى مرحلة التقرير ...
هذا الشعب العربي الذي يجمعه إرثاً ثقافياً وتاريخاً نضالياً وكياناً جغرافياً واحداً بالاضافة إلى إرث إستبدادي متشابه مازالت المظلة التوحيدية هدفه ... وعليه ما تشهده بلدان الشمال الافريقي بمثلثها تونس، ليبيا ومصر قد تشكل بداية أو نواة لتحقيق الحلم العربي الذي قد يجد صداه في بلاد الشام والهلال الخصيب ليعانق تخوم اليمن ...
قد يعتبر الكثيرون أنّ هذا من قبيل الوهم أو الحلم الجميل مع الأخذ في الحسبان الحسابات الاقليمية والعالمية ... ولكن ألا يرى هؤلاء أن شقيّ ألمانيا قد إجتمعا بعدما تفرقا واتخذ كل شطرٍ منهما سبيل مخالف كلياً للآخر ...
إن التغييرات التي ستنجز عن هذه الثورات بما فيها التغيرات الإقتصادية والإجتماعية والتعليمية كما الثقافية هي من ستؤسس وتعيد وضع خارطة طريق التوحيد بإعتبار أن هذا لم يعد مطلباً إنتقائياً بل هو مطلب جماهيري، ولكن هل لحكومات منتخبة ديمقراطياً أن تقمع هذا الحلم ؟؟؟؟؟؟؟؟؟
لقد حاولت الأنظمة الشمولية وعبر الزخم الإعلامي ترسيخ ما يسمى " وطني أولاً " فمرة تطغى على واجهة الخطاب الإعلامي المصري " مصر أولاً" ليتلقفها الاردن ولتعم صداها الإعلام الحكومي لبقية أقطار بني يعرب ... ولكن هل نجحت هذه السياسة في إستئصال الفكر والشعور التوحيدي للشعوب العربية ؟ وأبرز دليل على ذلك أنه في خضم الثورات كانت الأعلام الوطنية لبلدان الثورات ترافقها أعلام أقطار عربية أخرى ولا سيما منها العلم الفلسطيني .. وما أن تندلع ثورة بأحد الأقطار العربية حتى تجد صداها في البلدان التي سبقتها في إنتزاع حريتها من الاحتلال الداخلي .. في إعتقادي أن هذا دليل على أن الشعور بوحدة المصير متأصل في نفوس الشعوب العربية ولم تستطع الأيام والسياسات أن تستأصلها من صدور الشعوب العربية رغم أبواقهم الإعلامية ....
وما تشهده تونس وليبيا ومصر واليمن من تحركات وتململ إنما هي ظاهرة صحية بإعتبار أن الولادة العسيرة تتطلب مجهوداً أكبر ...وحتى من يهابون ترصّد الدول الخارجية لهذا المشروع لإجهاضه فإنّ ذلك يظلّ عسيراً عليها بإعتبار تغير الظروف وسقوط سدنتها في الداخل وبإعتبار وضع اليد على المقدرّات ....
إنّ الحرية المسؤولة والتحرر من ربقة الإحتلال الداخلي والخارجي يجعلنا رقماً صعباً في المعادلات الاقليمية والدولية ...
فهل نحن سائرون بإتجاه تحقيق الحلم ...؟؟ لنرى
التعليقات (0)