مواضيع اليوم

الحلقة الثامنة

محمد اقنيبع

2012-01-04 18:36:42

0

 على ضفاف نيل بلدتهم الهادئة مشى حسام شارد الذهن . كان لاول مره يرى الدنيا غير ما كان يراها . حتى عبير هواء تلك المساحة الخضراء الكبيرة . والتي تعانق نيل بلتهم والمسماه بالكورنيش . لم يعد له نفس الرائحةو العبير . رائحة واحدة ماذالت عالقه في انف حسام . رائحة اشجار النبق والمسك اللذين عطروا بهما كفن ندى ممزوجة برائحة التراب . كان حسام يدرك بعقله الواعي ان تلك الحالة التي غيرت طعم الاشياء . لها اسباب قد يزول بعضها ويبقى الاخر راسخا في قلبه وعقله .
وفاة ندى ........وهذا سبب كان سيحزنه على اي حال سواء كانت تحبه دون ان يعلم ام لا . 

حبها له ..........وذلك امر لم يكن له يد فيه . ولكنه ايضا لم يحاول ان يفهم يوما سر تعلقها بكفه عندما كان يصافحها . وهذا سبب لحزن اضافي فوق حزنه عليها.

و معرفته انه احب لسنوات طوال انسانه ليست هي التي تمناها .
نعم لقد احب خياله . ولم يفكر للحظة ان كانت هنا تطابق تلك الفتاة القابعة بخياله ام لا. 
نزل حسام ليجلس بجوار صفحة النيل . كان بصره يتابع نباتات ورد النيل وهي تسبح في اتجاه التيار . اما عقله وفكره فكانا يسبحان عكس التيار . تيار حياته الذي لطالما سار في تجاه واحد دون ان يتوقف للحظة ليفكر ان كان يسير في الاتجاه الصحيح ام لا . ذلك التيار الذي اغرق ندى بل كاد ان يغرقه في قاع التعود ...........لقد تعود حسام ان يحب فتاة كبرت بين يديه . دون ان يفهمها او حتى يحاول ذلك . لم يكن يعاتبها يوما على اي خطأ ترتكبه .حتى وان تكرر مرات ومرات..
كانت في عينيه دائما تلك الصغيرة التي ان اخطاءت ضحك وضحك وضحك . فهي طفلة من حقها ان تعبث كما تشاء . 
ونسي انها اصبحت فتاة كبيرة أخطائها ليست عبثا . أخطائها لم تعد تحطم نافذة او لعبة . بل اصبحت تحطم مشاعر وعواطف وقلوب الاخرين ..........

كانت هناك فكرة تكاد تخنقه . وهي هل فعلا كان سر اهماله لندى عجزها؟. هل حاسب انسانه بريئة على ذنب لم تقترفه . لقد كانت امامه منذ الصغر ولم يحبها هل لانها لم تكن قادره على مشاركته اللعب . هل لانها لم تكن تستطيع ان تبني سعادتها على تطلعات الاخرين . كم هي عظيمة ندى تلك التي لم تحاول يوما ان تصارحه بحبها من اجل ان تحافظ على حبه لفتاة اهاناتها وطعنتها بقسوة في احلامها وكيانها وأنوثتها ...........


انه وبالرغم من مرور اكثر من اسبوع على وفاة ندى فانه لم يستطع ان يأخذ اي قرار يتعلق بحياته و بعلاقته مع هنا........ وان كان قد توصل لانه لم يكن يحب هنا بقدر ما كان متعودا على وجودها في حياته .....
وانه سيعيش بقية حياته دون حب . فلا معنى للحب في هذه الحياة . الحب الحقيقي كان ندى وندى رحلت ولن تعود . 

وعاد حسام للقاهرة ليتابع حياته بعد ترك مدينتهم دون ان يحاول ولو لمرة واحدة الاجابة على هاتف هنا . دون ان يستجيب لاشارتها المتكررة والتي كانت ترسلها من النافذة كي يلقاها في الاسفل . حتى بعد ان جاءته للمنزل وطلبت من امه ان تبلغه انها بالخارج رفض مقابلتها . وجعلها ترحل بعينين دامعتين وقلب يكاد الغيظ يشقه. كانت هنا تعتقد ان سر الجفاء تلك القاهرية التي كانت نائمة في سريره . 

اما القاهرية فقد كان الشوق يضنيها . واصبح النوم يجافيها حتى وهي في سرير حسام التي تعودت النوم بين احضانه كل يوم بعد خروج والدها للعمل . فقد طال غياب حبيبها . دون ان تعرف لغيابه اسباب . 
في هذا اليوم ذهبت كالعاده لشقة حسام وفتحتها . ثم توجهت لسريره والقت جسدها بين احضان ما تبقى من رائحة حسام التي اخذت تخفت من طول غيابه . ولانها كانت تسهر الليل حتى الصباح دون نوم فقد كانت تروح من ان لاخر في غفلة قصيرة لا تخلو من حلم او حلمين يضمهما فيه حسام او يقبلها . كانت في كل مرة تصحوا وهي تشعر انها معه وبين احضانه . تشعر انها امامه وهو مبتسم لها . 

ولكنه هذه المره لم يكن مبتسما فلقد حضر حسام فعلا ودخل شقته . واسرع لغرفته عندما لاحظ ان المكان يبدوا منظما ولا يوجد اي اثر لاتربة تغطي الاثاث بالرغم من طول غيابه . ما ان فتحت عيونها حتى صاح فيها من انت وماذا تفعلين في سريري .
كادت الدماء تتجمد في عروق شرين وقد امتزج خوفها بسعادة غامرة برؤية حبيها الغائب . وقفت شرين سريعا . وهي تحاول لملمة جسدها الذي بعثرته الاحلام . ولكن حسام عاجلها بصرخة هزتها وهو يقول لها اجيبيني من انت؟ . سالت دموعها وقالت له انا شرين جارتكم .
حسام : وما الذي جاء بك الى هنا ؟ وكيف تسمحين لنفسك بالنوم في سريري ؟ ما هذه الاخلاق ؟ وكيف دخلتي الى هنا ؟ الهذا الحد توجد في هذه الدنيا وقاحة . ؟
لم تدرك شرين كيف تواجه طوفان الغضب الذي اغرقها به حسام. فنهمرت دموعها ولم تجد امامها الا الجري في خوف شديد تجاه الباب بعد ان بدد حسام احلامها في لحظات. غير انها تعثرت في السجادة المسجاة في الصالة . فارتطمت على الارض بقوة مما جعلها لم تسطع النهوض . وحسام مستمر في صراخه وغضبه العارم . وخوفها منه يكاد يقتاها فأخذت تذحف على الارض محاولة الوصول للباب باي شكل وباي طريقة .

وفجأة توقف حسام عن الصراخ عندما شاهدها تذحف على الارض فلقد. تذكر ندى وهي تذحف محاولة وداع امها حين توفيت . حضرته الصورة وحضرته الكلمات ......

" رحلت امي ...ماتت امي ....... تركتني . وفي قلبي الان وحدتين . وحدة عن العالم ووحدة عن نفسي . فلقد ماتت نفسي . ماتت ولم تهتم بي تركتهم يحملونها ولم توصيهم بان يحملوني كي اودعها ....... لو كانت تقدر على الكلام لقالت لهم . احملوها من على الارض . فالارض باردة عليها . احملوها ودعوها تقبلني في وجنتي احملوها ودعوا دموعها تبللني وتغسلني . تركوني يا امي واعتقدوا انهم بصراخهم عليك سيريحوكي . ولم يعرفوا انك كنت تتالمين لانني لم استطع وداعك . حاولت يا امي وذحفت قدر جهدي لاصل لشرفة المنزل . ولكن اقدامهم واحذيتهم منتعتني يا امي من الوصول اليك . سامحيني يا امي . وسامحيهم . امي الحبيبه ............"

كان مشهد سقوط شرين واقع راءاه من قبل بعينيه ولكنه لم يفهمه ساعتها .

 

 
تحياتي والى اللقاء في الحلقة القادمه



التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !