هي حكومة تعمل لأنها فازت؟ هي حكومة مستقلة في قراراتها و سيرها و تطبيق ما وعدت به، أم هي حكومة أريد لها أن تكون لتخطي مرحلة الربيع العربي بأضرار أقل؟ صعد بنكيران المنبر و تحدث عن مشوار المئة يوم، الإنجازات و الإخفاقات، الإرث الكبير و الجيوب المقاومة و دعوة الناس له بالنصر على من يعاديه، الإقرار بالواقع حجة الرجل لتبرير الحصيلة، أين حماسة الحملات الإنتخابية ألم يكن يدري بواقع المغرب و إكراهاته و بطبقته السياسية المتحكمة و أذرعها المستبدة على الإدارات بشكل أفقي و عمودي؟ صعود الرجل و تحدثه أمام برلمانيي الأمة خطوة إيجابية، فكثير ما كان يشكو النواب من تجاهل رؤساء الحكومات السابقة لهم.
في إطار تفعيل المحاسبة و سلطة المجلس الرقاباتية كما جاء به الدستور ترجل الرجل بشعبويته و بنكاته ليخاطب و يستمع لأسئلة نواب الأمة، اللافت أن الرجل و في إطار حديثه مايز بين صنفي المعارضة، تقرب للإشتراكيين بكلامه الإيجابي عن عبد الرحمان اليوسفي و تهكم على الدستوريين ردا على إنشاء النائبة الجارح في حقه و حق حكومته، الجميل أن الدستوريين كانوا أقرب إلى الدخول في حكومة بنكيران، بحكم ابتعادهم عن العمل الحكومي لسنوات عديدة و ملازمتهم لكراسي المعارضة بجنب الإسلاميين في حكومات الفاسي و قبيله جطو و اليوسفي...، غير أن فتاة الإتحاد الدستوري ألزمها رداء المعارضة و إن بدون اقتناع أن تخطب مهاجمة الحكومة بشتى أصناف القدح .
بالعودة إلى بنكيران و حصيلة حكومته و طريقة عملها و علاقتها بالقصر و محيطه، ما صدر إلى الآن و ما ظهر لا يمكن البناء عليه من أجل إصدار حكم نهائي في حق هذه الحكومة، هذا لا يمنع من أن هناك ملاحظات يمكن استنتاجها ممن خلال ملفات فتحت و كتب عليها أن تعرقل و أن تقفل دون متابعة أو أخرى لاقت ترحيبا لدى الشارع ، أخص ملف المأذونيات عنوان إقتصاد الريع، رغم حديث بنكيران عن خطوات مقبلة تدرس حاليا، كذلك ملف دفتر التحملات الجديد الخاص بوسائل الإعلام و ما لاقاه من معارضة قوية من رؤساء المؤسسات الإعلامية العمومية و من طرف سياسيين ليبراليين وعلمانيين بل و من داخل أغلبية الحكومة تحدذوا عن محاولة الإسلاميين الهيمنة و الحجر على وسائل الإعلام، الملف تم تأجيله بعد إحداث لجنة وزارية لدراسة الموضوع و يبدو أن الأمر دخل في باب الإذعان لضغوط من خارج الحكومة لتغيير بعض بنود الدفتر الجديد الخاص بإدارة المؤسسات الإعلامية العمومية. خطوة الخلفي و إتجاهه لإصلاح و بناء منظومة الإعلام العمومي و رفع يد الإحتكار و الفساد خطوة تحسب لهذا الشاب و لبنكيران أيضا، و في انتظار ما ستأتي به اللجنة الوزارية وما تحدثت عنه صحف باقتراب تغيير كبير يعجل برحيل مسئولي قطبي الإعلام العمومي.
من جهة أخرى و في ما يخص ملف الإدراة الترابية و التعيينات الجديدة في صفوف العمال و الولاة، تحدثت الصحافة عن بقاء نفس الأوجه و أن ما حدث من تعيينات لا يعدو كونه تغيير لمواقع لا غير، بقاء رجالات البصري و الهمة، عنوان آخر لقلة الحيلة و ضعف الحال لدى بنكيران و كأن الرجل منع من إدارة الملفات الأمنية و الترابية أو انتزعت منه لصالح القصر و محيطه، الرجل تحدث عن ملف التعيينات و أنه مارس دوره و الدليل رفضه لشخصية معينة لسيرته السيئة، لم يفصح الرجل عن الطريقة التي تم بها اختيار باقي المسئولين و هو بذلك لم يجب عن اتهامات الصحافة.
سجن الحاقد و إضراب القضاة و الحديث عن حوار وطني شامل لإصلاح القضاء، ملف الجمعيات و الدعم المالي و ما أثير حوله من تجاوزات و فساد، التحرك الدبلوماسي المغربي اللافت للنظر و حركية العثماني ...و عناوين كثيرة ميزت العمل الحكومي، قد لا يسعنا التطرق إليها إجمالا و يكفي ما ذكر سلفا.
بين إقناع الشارع المغربي و إرضاء القصر، سيحاول بنكيران جاهدا العمل من أجل الإستمرار و الحصول على الثقتين، يبدو عملا صعبا لطبيعة الواقع السياسي و الإقتصادي، نعلم جميعا أن الرجل يعمل داخل أغلبية مختلفة هي جزء من المشكلة و بتوابع سلبية و لا يمكن أن يتحكم فيها، و بالتالي هو لا يمتلك ناصية قراراته، وقد تقف المسيرة في نصف الطريق إن حاول الإبتعاد عن ما رسم له، هكذا يبدو لي الأمر، هل جيء ببنكيران كعنوان لمرحلة لا غير؟
التعليقات (0)