قبل كل شيء اود ان اسجل اعتراضي على محاولات تكفير الكاتب سيد القمني واستصدار فتاوى تتهم هذا الكاتب بالردة بهذا الشكل الأعتباطي . وذلك لأن استصدار مثل هذه الفتاوى شرعا تحتاج الى محاكمة عادلة ومستقلة عن أي تأثير سواءً أكان حكومياُ او حزبياً او شعبياً , يقودها فقهاء عدول وعلى اعلى درجات العلم والفقه , مما يؤهلهم لأن يكونوا قضاة اكفاء في مثل هكذا قضايا .على ان يكوم حكمهم وفق قوانين واضحة ونافذة , تصدر عن لجان قانونية وفقهية معروفة ومعترف بها من قبل المجتمع ولها سلطة التشريع . وعند ذلك فقط يمكن ان نطمأن الى الحكم الصادر بالتكفير والردة . ولأن الأسلام دين عدل وقانون فأن الحكومة والحكومة فقط هي صاحبة الحق الوحيد في تنفيذ العقوبة اللتي تراها المحكمة مناسبة بحق القمني وغير القمني وفق القانون المصري في هكذا قضايا . لكي لا يصبح الحال على ما هو عليه الآن في دولنا المسلمة حيث يُقتل الناس على يد كل من هب ودب بدعوى الكفر والأرتداد بسبب فتوى يطلقها مؤذن في جامع صغير تتخذ صفة التشريع والحكم النهائي ؟! ..
___________________________________________________
تابعتٌ بأهتمامٍ كبير السجال اللذي لايزال دائراً بين الأخوة المصريين الأعزاء من خلال الأعلام والأنترنت حول موضوع منح جائزة الدولة التقديرية للكاتب ( السيد القمني ) تكريما له على كتاباته وأهمها كتابه ( الحزب الهاشمي ). كما اني تابعت بالتزامن مع قضية القمني (وربما قبل ذلك) قضية التنظيمات الشيعية المزعومة في مصر وأخبار ملاحقة الشيعة المصريين وقياداتهم من قبل السلطات المصرية .
ان أي قاريء يملك قدرا بسيطا من الوعي الثقافي لكتاب سيد القمني المعنون بالحزب الهاشمي , سيفهم أن الكاتب وأن لم يجاهر بأنكاره لنبوة الرسول الأعظم في كتابه هذا . الا انه اراد ان يقول بأنه "صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله" لم يأتي بدينه من السماء بل انه صلوات الله عليه قد ورثه عن آبائه من بني هاشم . وأن الأسلام بصورته البدائية كان موجودا بصورة واضحة في مجتمع الجزيرة العربية قبل البعثة المحمدية بسنوات ولكنه لم يكن منتشرا الا في اوساط معينة اهمها بني هاشم آل الرسول" صلى الله عليه وآله وسلم".
كما ادعى القمني اللذي لم يأتي لا من قريب ولا من بعيد على ذكر نزول الوحي على رسول الله "صلى الله عليه وآله وسلم" مطلقا في كتابه ( وأن لم ينكر نزوله بوضوح ) ان العرب كانوا يتهيأون قبل بدء الدعوة المحمدية بزمن لتأسيس دولة قومية تضمهم في الجزيرة العربية لأول مرة في التأريخ ؟!. كما يدعي القمني ان الهاشميين كانوا يطمعون ويخططون منذ مدة الى سيادة العرب وتولي مقاليد ملكهم حال أن يؤسس العرب دولتهم المنتظرة . وأن نبوة الرسول "صلوات الله عليه وعلى آله" هي نتاج لهذا الحلم القومي ! .
ويكمل القمني ادعاءاته بأن بني هاشم ومنذ ايام جد رسول الله قصي بن كلاب استطاعوا قرآءة واقع الجزيرة العربية في هذه الفترة وأستخلصوا بذكائهم المتوارث بأن الدولة العربية قادمة لامحالة . ولذلك فقد استغلوا علمهم بأديان السابقين من يهود ونصارى واحناف الى عمل توليفة لتأسيس دين جديد ينهض به احد ابناء هاشم يمكنهم من قيادة العرب عبر دعوتهم لهذا الدين , وبذلك تكون لهم حقوق القيادة خالصة بأعتبارهم اصحاب فكرة هذا الدين حصرا . وهذا ما تم على يد محمد بن عبد الله الهاشمي ( صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله ) .
كما ان القمني ومن خلال عدة حوادث تأريخية يسردها في فصل (النبي المنتظر) من كتابه , اراد ان يقول بأن كثيرين من العرب قبل رسول الله قد جائوا بمثل ما جاء به القرآن الكريم في اقوالهم واشعارهم . وأنهم كانوا مثل رسول الله تماما في استقامتهم وأخلاقهم . وأن الكثير من اهل الكتاب صدقوا بنبوة بعض هؤلاء العرب(( مثل امية بن عبد الله)) . تماما كما فعل الراهب بحيرا مع رسول الله "صلوات الله وسلامه عليه" الا انهم فشلوا في تأسيس الدولة العربية المنتظرة فيما نجح في ذلك المسعى رسولنا الأعظم .
والسؤال اللذي تهمني اجابته هنا هو ..
أذا كانت الحكومة المصرية ترى في كتابات من يقول ان العرب كانوا يعدون العدة للتوحد في وطن قومي يضم كل قبائلهم البدوية في جزيرة العرب ( ومتى؟؟؟) في القرن السادس الميلادي بحثا علميا ! . وترى في قول هذا الكاتب ان رسول "الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم" انما جاء بدين الأسلام من اسلافه اللذين صنعوه من مزيج من الأديان السابقة , وتحقيقا لنبوءة جده عبد المطلب وليس عن طريق الوحي , ابداعا !! . فلماذا اذا تحارب هذه الحكومة كتابات الشيعة المصريين الموحدين اللذين تمتلأ كتبهم بعبارات مدح رسول الله وتعظيمه لأنه برأيهم رسول الله اللذي بعث له جبريل عليه السلام بالحق . وتقول عقيدتهم فيه بأنه خاتم الأنبياء المنزه والمعصوم عن الخطأ لحمكة الهية , فهو ((وما ينطق عن الهوى ان هو الا وحي يوحى)) . واللذين يكفرون كل من ينكر قول ان محمد رسول الله .
ما يهمني في هذا المقال هو ليس تقييم كتاب سيد القمني لا من الناحية الدينية ولا من الناحية العلمية . ولكني اود ان اقارن هنا بين منح الحكومة المصرية ممثلة بوزارة الثقافة جائزة الأبداع لسيد القمني عن كتاب يحاول كاتبه فيه بصورة ملتوية (كعادة القمني في الكتابة) أثارة الشك في سماوية البعثة المحمدية . وبين تكفير هذه الحكومة ذاتها ممثلة بمباحث امن الدولة للمسلمين الشيعة المصريين ومحاولتها تجريمهم ومحاكمتهم وفق هذه التهمة .
حيث خلصت تحريات مباحث أمن الدولة المصرية الى تقديم مذكرة فى القضية التى حملت رقم ٦٢٤ حصر أمن دولة عليا ، تشير فيها الى إن عدد المتهمين الذين بدأ التحقيق معهم ١٢ متهماً على رأسهم الشيخ حسن محمد شحاتة موسى، وهو شيعى المذهب، كان يعمل فى السابق خطيباً لمسجد كوبرى الجامعة ومقدماً للبرنامج الشهير «أسماء الله الحسنى»، الذى قدمه التليفزيون المصرى قبل سنوات قليلة ، وإلى اعتناق حسن شحاتة وباقى المجموعة أفكاراً متطرفة مخالفة لصحيح الدين الإسلامى منها الادعاء بأحقية سيدنا على بن أبى طالب فى الخلافة عقب وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم، وبطلان خلافة صحابته، وممارسة العبادات بأسلوب يخالف صحيح الدين، بأداء الصلاة على قطعة من الحجر تسمى «الشقفة» وتكون من أرض كربلاء التى استشهد فيها الإمام الحسين بن على، وعدم جواز رفع الأذان أو أداء الصلاة إلا خلف إمام من آل البيت أو من ينوب عنه بإذنه.
وبذلك اصبحت الحكومة المصرية (( العلمانية في هذه الحالة )) اللتي منحت اعلى الجوائز للقمني على التشكيك الضمني بنزول الوحي على الرسول بطرق وصفتها اللجنة التقييمية التابعة لوزارة الثقافة المصرية بالعلمية . هي نفس الحكومة (( الثيوقراطية هنا )) اللتي تحاول تطبيق الأفكار التكفيرية المتطرفة على الشيعة المصريين تحت حجج واهية افتى ببطلانها من قبل مفتي مصر الرسمي الأول الشيخ علي جمعة نفسه . وليس لأي اسباب تمس اصول الدين كما هو واضح من المذكرة اعلاه . واللتي ساقت المباحث فيها وفي سبيل تجريم الشيعة وأتهامهم بالكفر نعوتا لايطلقها على الشيعة الا اعتى النواصب والتكفيريين من اعضاء جماعات التكفير الظلامية .
لم تنفك الحكومات العربية عن القفز من حبل العلمانية الى حبل الوطنية الى حبل الثيوقراطية في سبيل احكام قبضتها على الحكم بأي طريقة . فلقد اصبح مكشوفا للجميع سبب هذا التكريم للقمني بعد ترشيح وزير الثقافة المصري للمنصب الدولي . وسبب هذا التكفير((السياسي)) للشيعة واللذي لايمكن تجاهل ربطه بعلاقات هذه الأنظمة المتأزمة مع أيران وحزب الله . وأني لعلى يقين لو ان القمني كتب غدا كتابا يحاول فيه التشكيك في دستورية وشرعية النظام المصري لما توانت اجهزته الأمنية عن محاكم القمني بتهمة الكفر والردة بسبب ما كتبه في كتاب الحزب الهاشمي .
فأذا كان هذا التكفير الأعتباطي لمليون مسلم مصري (( هو معدل تعداد شيعة مصر )) يأتي من قِبل الحكومة المصرية والمفروض انها حكومة وطنية لكل المصريين وليست حكومة دينية كما تدعي . فلماذا تنتقد هذه الحكومة الجماعات التكفيرية الظلامية وتحاربها ؟ . اليس ما تفعله هذه الحكومة وباقي الحكومات العربية في جميع الدول تقريبا من تكفير للشيعة وسلبهم لأبسط حقوقهم مثالا يحتذى من قبل الأفراد والجماعات المتطرفة في بلاد المسلمين وغيرها ؟؟ . ورحم الله من قال ...
لاتنهى عن فعلٍ وتأتي بمثلهِ عارٌ عليك أِن فعلت عظيمُ .
ولنا عودة لتناول كتابات القمني من جوانب اخرى انشاء الله .
www.alarabiya.net/articles/2009/02/04/65714.html
www.almasry-alyoum.com/article2.aspx
www.alkalema.net/hashemy/hashemy.htm
التعليقات (0)