مواضيع اليوم

الحقيقة و بالون الوهم

نزار يوسف

2014-06-26 06:08:08

0

 

تساءل دائماً و دوماً عن الحقيقة .. ظل يبحث عنها .. أتاه صوت من الداخل من أعماق أعماقه .. إن أردت الحقيقة أبحث عنها هنا في نفسك في داخلك .. و إن لم تستطع .. فابدأ من نفسك من داخلك .. و إياك إياك أن تطلب الحقيقة من الغير .

جرب و بدأ من نفسه يبحث فيها و ينبش .. لكنه تعب من الخطوة الأولى .. أنهكه جهله وقناعه الفكري العقائدي الذي وُضِعَ له عند الولادة .. أنهكه ما تلقمه من تأويلات الحقيقة و الحق و الصواب الذي رُكَب له في تلاليف دماغه .لذلك .. اتجه صوب الخارج صوب البرية القفرة المتوحشة صارخاً منادياً .. أين الحقيقة .. باحثاً عن شخص يعطيه إياها و يُعطاها منه .

في البرية .. صادف شخصاً غريب الهيئة معه بالون .. اتجه صوبه و ركع أمامه قائلاً له .. أريد الحقيقة .. أين هي الحقيقة ؟؟ أعطنيها من فضلك .. شكلك و هيئتك يوحيان أنك وقور .

ابتسم الغريب ثم نفخ البالون و كتب عليه ( الوهم ) ثم أطلقه بالهواء قائلاً له .. هذه هي الحقيقة أركض وراءها و امسك بها لتعرفها .

بدأ الرجل يركض خلف البالون الذي طار بالهواء .. من وادٍ إلى واد و من جبل إلى جبل .. يقطع الفيافي و القفار و الليالي و الأيام .. إلى أن أنهكه التعب و انتابه الهزال والشحوب و بدا عليه الزوال .

بالصدفة صادف رجل غريب آخر معه دبوس .. صرخ به و قد سقط على الأرض من الإعياء و بدا عليه الإغماء .. أيها السيد .. أيها الشهم النبيل الهمام .. أمسك لي بالون الحقيقة من فضلك .. فقد أنهكني التعب و تكاد تفلت مني الحقيقة .. شكلك و هيئتك يوحيان أنك وقور .

ابتسم الرجل و مد يده في الهواء البعيد ملتقطاً البالون .. ثم قدمه للرجل الملقى على الارض قائلاً .. أهذا هو بالونك للحقيقة ؟؟؟!!! .

- نعم إنه هو اعطني إياه من فضلك .

- كلا يا صديقي لن أعطيك إياه .. لأنك تبحث عن الحقيقة و هذا البالون هو وهم .. انظر بنفسك .. ألا ترى ما هو مكتوب عليه .. الوهم .. هي عبارة كتبها الذي نفخه لك و رماه في الهواء لتلحق به ..

قال الغريب ذلك ثم شك الدبوس الذي معه بالبالون فانفجر و تطايرت أشلاؤه في الهواء .. فصرخ الرجل الملقى على الأرض صرخة مدوية .. لاااااااااا .. اللعنة عليك .. لقد نسفت لي الحقيقة بعدما وصلت إليها .. بعدما كدت أمسكها بيدي هاتين .. أيها الحقير الملعون .. أيها الساحر الكذاب .. ( و بدأ يشتمه بأبشع الشتائم ) .

ابتسم الغريب بهدوء و ثم أخرج من جيبه بالون شبيه بالذي كان طائراً قبل قليل .. نفخه و كتب عليه ( الوهم ) ثم أطلقه في الهواء مرة أخرى و قال للرجل .. أنا الصوت الذي أتاك ذات مرة من داخلك و طلب منك أن تبحث عن الحقيقة في نفسك و أعماقك .. لا تؤاخذني أنا آسف .. ها هو بالونك قد عاد إليك هيا قم و الحقه .

قال الغريب ذلك ثم اختفى فجأة .. بينما نهض المعتوه المحطم المتهالك مرة أخرى محاولاً اللحاق ببالون الوهم .

 

نزار يوسف .

 




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !