من مفاجآت الديمقراطية المصرية العريقة ، ذلك السلوك البائس فى مؤتمر أتحاد الصحفيين العرب ، عندما فوجئ مشاهدى التلفزيون وسط دهشة كبيرة بهذا الأسلوب الغير متحضر لبعض الصحفيين المصريين الذين بدأوا فى الصياح والكيل بالعبارات والأتهامات التى لا تليق بصحفى مثقف يشارك فى مؤتمر يمثل فيه بقية زملائه الصحفيين وبؤس التمثيل والردح الصحفى إضافة إلى محاولة تلك القلة الغوغائية بإلقاء حقيبة على الجانب الآخر المعارض لهم .
صورة الحقيبة الطائرة فى مؤتمر أتحاد الصحفيين العرب سيظل عالقاً بالذاكرة مذكراً بالحالة العقلية التى يتمتع بها هؤلاء الصحفيين المصريين الذين يؤمنون بالإرهاب وسيلة لفرض آرائهم بدلاً من تقديم سلوك حضارى من الحوار والنقاش وأستيعاب الأختلافات فى جو ودى لا يفسد روح الأخوة والزمالة بين الصحفيين .
إن دل هذا المشهد على شئ فهو يدل على الدكتاتورية التى تتمتع بها نخبة صحفية من المجتمع المصرى بشتى مؤسساته والفساد المتغلغل فى بنيان العقلية الثقافية والذى ينفث سمومه عن طريق هؤلاء الصحفيين فى صحفهم ووسائل الإعلام المختلفة .
كيف يفكر مجتمعاً يتلقى أخبار بلده والعالم من صحفيين صفتهم التشنج والأنفعال والغضب والتهور بدون أنضباط أو أحترام ؟
كيف يتكلم الصحفيين عن الإصلاح وهم أنفسهم فى حاجة إلى إصلاح ؟ إن الصورة التى رأيناها جميعاً تعزز أساليب وسلوكيات الدكتاتورية وتقول إن كان هذه هو حال الصحفيين فكيف سيكون حال الصحافة المصرية نفسها ؟
إن الخلافات على المناصب فى المؤسسات المهنية العربية هو المصيبة الكبرى التى تنخر فى العقل العربى ، تلك الخلافات التى تخفى ورائها مصالح وأغراض شخصية ، مما تسئ إلى مبادئ المهنة الصحفية إساءة بالغة وتوضح مدى الإعاقة الإعلامية التى تسيطر على شخصيات العاملين فى بلاط صاحبة الجلالة .
كيف يمكن تصفح الصحف المصرية والأعتماد على مصداقيتها وهذه هى سلوكيات ومبادئ الصحفيين فيها ؟
الصحفيين المصريين هم فى الواقع يمثلون جزء كبير من النخبة المثقفة المصرية ، وما صدر عن تلك القلة من الصحفيين يدل على الأزمة الثقافية التى يعيشها شعب مصر ، لذلك ليس غريباً أن نرى تردى الخطاب الثقافى فى مصر ليعبر عن ذلك أصدق تعبير ذلك المشهد الدرامى لصحفيى مصر المتشبثين بعقلية متخلفة لا تعى أسس العصر ومكتسباته الحضارية التى تخدم قضية تحرير الإنسان وتنويره وأنتشاله من الدكتاتورية التى تسيطر على حياته .
الصحفى المصرى أظهر بجدارة قدرته على تشويش صحافة بلده وتشويه وجه مصر صاحبة الحضارة بأسلوب الفهلوة والشطارة والسير قدماً فى طريق الصحافة المصرى الذى لا يعبأ بقضايا المواطنين ، لأن المواطنين هم قطاع خاص يمتلكه النظام السياسى يحركه كما يشاء فى مشهد مسرحى على مسرح الدولة .
الصحفى المصرى فى مرحلة حرجة وضعه فيها الإعلام الرسمى الذى يسيطر على كل نواحى الإعلام بوزارة الإعلام الشهيرة ، ذلك المحراب المقدس الذى يحتضنه النظام السياسى المصرى ليضمن وصول الحقائق الإستهلاكية التى يرغب فيها وإخفاء المشاكل التى تزعجه وتقلق منام الوزراء الشيوخ !
هل نتوقع خروج المؤتمر بنتائج طيبة تزيل آثار السحابة المصرية القاتمة التى خيمت على بداية المؤتمر ؟
أن الصحافة المصرية وصلت إلى مرحلة الشيخوخة وتخطت سن المعاش بكثير ، وتحتاج إلى وجوه شابة تعرف لغة عصرها ولديها المهارة فى مخاطبة الأجيال الحاضرة بلغتها وليس بلغة الخنساء أو امرؤ القيس أو جحا أو الحجاج !
2004 / 10 / 6
التعليقات (0)