تقارير عن احباط محاولة جمال ومجموعته حل مجلس الشعب وتوريثه الحكم.. ووعيد للعرب الذين يسيئون للمصريين!
14/07/2009
كانت الاخبار والموضوعات الرئيسية في الصحف المصرية الصادرة امس الاثنين عن حضور الرئيس مبارك ومعه الرئيس السوداني عمر البشير حفل تخريج دفعة جديدة من طلبة كلية الشرطة، واستقباله رؤساء الهيئات القضائية السابقين، وقرار محافظ القاهرة الدكتور عبدالعظيم وزير الغاء الاحتفال بمولد السيدة زينب والاكتفاء بأداء صلاة المغرب بحضوره ومعه رئيس مجلس الشعب الدكتور احمد فتحي سرور ونائب السيدة زينب. وجاء قرار المحافظ بعد طلب مقدم له من نقيب الاطباء ووزارة الصحة والاوقاف ومستشار منظمة الصحة العالمية واطباء من جامعتي القاهرة وعين شمس. كما كانت الاخبار عن ظهور حالات جديدة لانفلونزا الخنازير، واستمرار موجة الحر والرطوبة والاعلان عن انكسارها اليوم الثلاثاء، وكذلك الاعلانات عن بيع الشاليهات والشقق في المصايف، وكان كاريكاتير زميلنا سميرعبد المنعم في نهضة مصر يوم الاحد عن اثنين على الشاطئ، احدهما ينظر الى نملة ويقول: يا سلام على عظمة الخالق، نملة شايلة حباية رز اتقل منها الف مرة، فرد عليه الثاني سافرا بينما تمر فوقه فتاة رائعة الجسد: الهي تنهرش، بقى انت شايف عظمة الخالق في الرز ومش شايفها في اللحمة!
واستدعى مكتب النائب العام عادل صبري نائب رئيس تحرير جريدة الوفد لسؤاله في البلاغ الذي قدمه ضده المفتي الدكتور الشيخ علي جمعة، ومطالبة رابطة النقاد الرياضيين بمنع دخول مدرب الاهلي السابق جوزيه بسبب تصريحاته الاخيرة لمجلة سوبر التي تصدر في الامارات.
والى قليل مما لدينا:
جمال مبارك
نبدأ بجمال مبارك الامين العام المساعد للحزب الوطني الحاكم وأمين أمانة السياسات الذي تعرض في الدستور يوم الأحد الى غارة شارك فيها ثلاثة أولهم رئيس تحريرها زميلنا وصديقنا إبراهيم عيسى الذي قال: يمكن أن نقول ببساطة إن أمانة السياسات وجمال مبارك نالا هزيمة سريعة وحاسمة وإن كانت مؤقتة وقصيرة فيما نعتقد، فلا شك أن الرئيس مبارك أجهض فكرة حل مجلس الشعب خلال الأسابيع الماضية، ورغم أن الرئيس قد يعود ويستجيب لضغوط ابنه فإنه حتى الآن أوصل رسالة للجميع بأنه لا يزال الرئيس الفعلي والقوي والمتحكم الفرد في قرارات مصير مصر وتفاصيل شؤونها. ورغم كل محاولات المراوغة والالتفاف والإنكار الهش التي يمارسها أطراف في أمانة السياسات قريبون حتى الالتصاق بجمال مبارك محاولين التنصل من فشلهم في حل المجلس والادعاء أن فكرة حل مجلس الشعب لم تكن مطروحة، فإن الثابت أن هذه الأمانة (غير المستأمنة) اقترحت الفكرة وروجتها وطرحتها بالفعل على الرئيس مبارك وأوحت للجميع داخل المحيط السيادي في الدولة - قبل أن تتلقى ردا نهائيا حاسما من الرئيس - بأن مبارك مقتنع بها وسوف يأمر بتنفيذها ومن ثم يلحقها بانتخابات رئاسية مبكرة يقدم فيها الأب ابنه!
المشكلة أن الجميع يخشى من مفاجآت الرئيس مبارك، فمع سعادتهم الغامرة بأن الرجل انتصر للجمهورية حتى الآن ولا يزال يرفض مشروع التوريث وتخلص من إلحاح حل البرلمان لكن كل الاحتمالات في مصر الفرعونية مفتوحة، ثم إن الابن لم ييأس والمحيطون به يطالبونه بالأمل وبالعمل.. إنهم يدفعون الابن إلى أن يدفع.
والهجوم الثاني في الدستور ضد جمال جاءه من زميلنا وصديقنا خالد السرجاني الذي ركز على محاولات جمال التغلغل في المجال الرياضي بقوله: كلنا نعرف أن السيد جمال مبارك ليست له سوى الصفة الحزبية فقط، وعندما يقوم بأي نشاط فهو يقوم بذلك بصفته الحزبية، وقبل مباراة المنتخب الوطني مع رواندا رأيناه يجتمع بأعضاء الفريق ويستقبلهم في المطار ثم عقدت لجان حزبية لقاءات مع الفريق وجهازه الفني، وبعدها رأينا لافتات الحزب الوطني تملأ جنبات الاستاد الذي أقيمت فيه المباراة وخلال الفترة الماضية لاحظنا أن الحزب الوطني، خاصة المنتمين فيه لما يسمى بتيار الفكر الجديد لديهم رغبة في السيطرة على الرياضة كوسيلة لزيادة شعبية الحزب.
من أجل أن تكون الرياضة هي إحدى الوسائل التي يستثمرها الحزب في زيادة شعبية أو في حملة علاقات عامة تستهدف تحسين صورته وتبييض وجه أعضائه، وإذا كان ذلك من حقه، فإن علينا أن ننبه إلى أن تدخل السياسة في الرياضة ليس مستحباً.
أما الهجوم الثالث في الدستور فجاء من زميلنا ومراسل قناة الحرة التلفزيونية طارق الشامي وتحليله لعدم حصول جمال على أي شعبية فقال: ما يستحق الرصد والتأمل هو: لماذا لم يتمكن جمال مبارك من النفاذ الى قلوب غالبية الجماهير العريضة للشعب المصري، خصوصا لدى الطبقة المتوسطة والفئات الشعبية، رغم بروزه على ساحة العمل السياسي بالحزب الوطني بشكل واضح قبل أكثر من سبع سنوات؟
أولا: لم يخاطب جمال مبارك الجماهير العريضة من الشعب عبر وسائل الإعلام التي يفضلونها، فهو مقتنع ـ أو هكذا يبدو ـ بأن الظهور في صحف أو فضائيات لم تروض سياسيا، ليس إلا مغامرة طائشة قد يكون ضررها أكثر من نفعها، وهو ما يجعله في النهاية بعيدا عن الوصول الى معظم الشعب ويبقيه مرتبطا في أذهان من يصل اليهم بالوسائل الإعلامية المستأنسة.
ثانيا: تظل الصورة المنطبعة في أذهان القطاع الأوسع في المجتمع هي ان جولات جمال مبارك في القرى الفقيرة والأحياء الشعبية، مجرد محاولة لتجميل صورة شوهت عبر السنين من أجل تحقيق جماهيرية مطلوبة في اللحظة الراهنة، والسبب وراء هذه الصورة السلبية هو الترتيبات المسبقة للزيارات التي تحاط بإجراءات أمنية صارمة تخلف أثرا فوقيا لدى العامة وتمنعهم من الاقتراب والاختلاط بصاحب الزيارة.
ثالثا: يفتقد جمال مبارك الى الابتسام وممازحة الناس بالطريقة التي يحبونها وهي أقصر الطرق الى قلوب الناس ونيل محبتهم خصوصا لدى شعب متيم بروح الفكاهة والدعابة، عاشق للتلقائية والبساطة التي تشعر الجميع بان من يخاطبهم ليس إلا واحداً منهم.
رابعا: اتصال جمال مبارك بالقوى السياسية والمجتمع المدني من أحزاب وتيارات ونقابات واتحادات يكاد يكون منعدما، لا يحتاج جمال مبارك الى توليد انطباعات ايجابية كما فعل في الولايات المتحدة مؤخرا بقدر ما يحتاج الى ان يترك لدينا هنا في الداخل المصري نصف هذه الانطباعات.
نعم قد لا يحتاج نجل الرئيس الى جماهيرية يفوز بأي انتخابات نعلم جميعا كيف تجري في بلادنا لكن ماذا لو كانت هذه الجماهيرية قائمة بالفعل، وهل ليس بمقدور رئيس لجنة السياسات دفع الثمن الكامل المطلوب لإنجاز هذا الهدف ؟ ربما.. لأن الثمن الكامل يتطلب كثيرا من الشفافية والمصداقية وقدرا واسعا من الحرية والحراك السياسي، لكنني أعتقد جازما ان بوسع جمال مبارك ان يدفع نصف الثمن على الأقل، ولن يخسر الكثير.
وما أن انتهى هؤلاء الثلاثة من هجومهم حتى استأنفه وفي نفس اليوم رئيس تحرير المصري اليوم زميلنا وصديقنا مجدي الجلاد بقوله: إحنا فعلا إزاي ما سألناش جمال مبارك ومن معه، انتم مين وبتعملوا إيه وقاعدين ليه هنا.. هي بلدنا ولّا بلدهم. أول مرة أقتنع إن إحنا مكبرين دماغنا بس تكبير الدماغ ينفع في حاجات كتيرة إلا البلد والمستقبل.. كلمات عفوية قالها لي شاب يتدفق بالحيوية والذكاء، تعليقاً على مقالاتي الثلاث هنا خلال الأيام السابقة. الشاب الذي استوقفني في الطريق تناقش معي كثيراً بوعي متقد ولكنه أنهى كلامه بعبارة شديدة الخطورة هو إحنا من إمتى بنسأل وبنحاسب.. إحنا بنتكلم مع بعض بس نشكو ونبكي دون أن نتحرك. والله عندك حق، إحنا لازم نتغير. لم يكن هذا الشاب هو الوحيد الذي تلقيت تعليقه، إذ وصلتني رسائل واتصالات عديدة، تؤكد أن الشعب المصري له وجهة نظر فيما يحدث، ولكنه بحاجة إلى نخبة واعية تقوده نحو التغيير. وللأسف، فإن هذه النخبة غائبة الآن، سواء في الأحزاب أو النقابات أو المجتمع المدني بالكامل. هذا مثلا ما يؤمن به خليل حسين ـ باحث أكاديمي ـ حيث قال في تعليقه المقتضب إن فساد النخبة في مصر بات ينافس فساد الحكم.
والأخطر أن الشخصيات العامة النظيفة آثرت العزلة وأغلقت الأبواب على نفسها، وكانت النتيجة أن رموز المصالح والفساد هم الذين استحوذوا على كل شيء، بل تحول بعضهم إلى قدوة للأجيال الجديدة، وما أخطر ذلك على مستقبلنا.
ثروت عبدالحميد، مهندس، يتفق ويختلف معي: أنت كتبت أن الحاشية المحيطة بجمال مبارك فاسدة، وأن بعضهم أساء إليه سواء من رجال الأعمال أو الصحافيين، أنا أتفق معك، بل أزيد أن بعضهم كان وراء تسميم الأجواء السياسية في مصر، بينما حقق آخرون ثروات ضخمة، ولكنني أرى أن جمال مسؤول عنهم كلهم، ولا ينبغى أن نشفق عليه، بل لا بد أن نرثى لحالنا نحن، فالرجل ناضج وعاقل، ويدرك جيداً ماذا يفعل، وليس من المعقول ولا المنطقي أن تعرف مصر كلها أن المحيطين به فاسدون، وهو لا يعرف. أما قولك إنه يحكم حاليا ومنذ سنوات، فهو الواقع بعينه، وجزء من المسؤولية يقع على عاتقنا، لأننا لم نسأله ـ كما قلت ـ من أنت ماذا تفعل ولماذا تجلس هنا؟ ومن تغضبه هذه الحقيقة يدفن رأسه في الجير الحي وليس الرمال! عمرو من الحزب الوطني، اتصل بي غاضبا واتهمني بالتآمر ضد جمال مبارك والحزب وحين هدأ سألني: لماذا رحب العالم كله بقيادة الشاب باراك أوباما للولايات المتحدة الأمريكية وما الفارق بينه وبين جمال؟ ولعمرو أقول إن الأمريكيين يختارون رئيسهم بحرية تامة، وأصواتهم لا تباع ولا تشترى ولا يتم تزييفها. والأهم أن من أحاطوا به وعبروا عن أفكاره، كانوا يتكلمون بنفس الإخلاص عن مستقبل أمريكا. هل تريد المزيد يا عمرو أم فهمت الآن؟.
وانتقلت الهجمات سريعا الى جريدة الكرامة لسان حال حزب حركة الكرامة ـ تحت التأسيس ـ بقول رئيس التحرير التنفيذي زميلنا وصديقنا عزازي علي عزازي: وجدنا انفسنا وجها لوجه مع خيار وحيد تطرحه السلطة اسمه جمال محمد حسني مبارك، بعد ان توارت أسماء من داخل النظام السياسي كعمر سليمان وعمرو موسى وأبو غزالة.
وتبدو كل هذه الآليات باعتبارها المقدمات التي تؤدي الى نتيجة واحدة، يتحول فيها الوريث الى قضاء وقدر، يختلف الناس بشأنه كمرشح وحيد للرئاسة .
وبرغم معرفة المراقبين والمحللين في مصر والعالم بهذا السيناريو الا ان عملية التمويه والتعمية التي مارسها الأب والابن طوال سبع سنوات تمثل تاريخ صعود الوريث في مؤتمر 2002 للحزب الوطني قد نجحت في إبقاء الأمر مطروحا في سياق غامض، لأن العملية كلها تتم في الخفاء، ولا يحدث في الخفاء الا الاشياء التي نستحي من ظهورها في العلن، ومن ثم فالنظام في مصر أول من يعلم ان هذه الطبخة الليلية فاسدة ستؤدي الى طاعون سياسي لن تشفى منه مصر الا بعد زمن طويل ومن يستعرض إجابات الرئيس على سؤال التوريث وكذلك إجابات الوريث نفسه يكتشف ان (قفا) المصريين صار أكثر استعدادا لـ(تقمير) العيش، من كثرة ما تعرضنا له من (ملاوعة) وشغل (الثلاث ورقات) فالرئيس مرة ينفي وأخرى يتحدث عن الشباب ودوره وحق الترشيح والابن كذلك ينفي في حوار مع لميس الحديدي أي نية للترشيح ويعود (ليلاوع) مع رندة أبوالعزم في قناة العربية. وسط هذا الضباب ارتاح كثيرون لتصريح قاله الرئيس مرتين إنه باق في موقعه حتى النفس الاخير، بما يعني استحالة وصول الابن الى سدة الحكم لأن السيناريو لا يمكن حدوثه الا في حياة الأب وكان رد الفعل على تصريح الرئيس الأب استثنائيا فهي المرة الأولى التي يرتاح فيها أحد لتصريح يعتبر قمة الاستبداد. لكنه ليس حبا في زيد، بل كراهية لعمرو، وحدثت بلبلة في الشارع السياسي الوطني لوجود اتجاه لاستمرار مبارك حتى النفس الاخير للحيلولة دون وصول الرئيس الابن، وتساءل البعض : كيف نقبل بالتمديد حتى لا يحدث توريث؟
والنتيجة ان السلطة مرشحة لكسب مباراة (الملاوعة) بفرض الوريث كأمر واقع وان المعارضة خسرت ـ بشكل مؤكد ـ مباراة التغيير لأنها لم تتجاوز القلب والأشواق واللسان وبضعة سلالم على مداخل النقابات.
وتبدو في نهاية الأمر ان مرحلة مبارك أو عائلة مبارك هي أطول فترة انتقالية في تاريخ مصر الحديث وليس هناك حل سوى بناء قاعدة للتغيير في ربوع مصر تكون قادرة على تحويل التغيير من دائرة الحلم لدوائر الإمكان لأن زواج الابن من الحكم سيظل باطلا.
ونشر زميلنا سمير كاريكاتيرا عن اثنين يدخنان الحشيش وأحدهما يقول للثاني: كل ما أشد نفس أحس اني مش مبسوط، هي الحشيشة اسمها ايه؟ فرد الثاني: التوريث.
الاحزاب السياسية
والى اهم ما نشر في الايام السابقة عن الاحزاب السياسية وما يدور حولها وعنها. نبدأ مع الدكتور محمد كمال استاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة وعضو امانة السياسات بالحزب الوطنى الحاكم، وامين امانة التثقيف، وقوله يوم السبت في مقال له بـاخبار اليوم: لا يمكن جذب الشباب للحياة السياسية دون الاستمرارفي تطوير النظام السياسي وتجديد دمائه وتبني اجندة للتغيير ودعم التعددية الحزبية ونزاهة الانتخابات ومصداقية العملية السياسية وان يدرك الشباب ان مشاركته لها جدوى وذات قيمة، اننا ازاء جيل جديد من الشباب يزداد عدده كل يوم ويزداد ثقله السياسي والانتخابي، جيل يبحث عن المعرفة السياسية، وعن اليات يشارك من خلالها في الحياة العامة وعن قيادات يتواصل معها ويلتف حولها، ويخطئ من يعتقد ان المواقف السياسية لابناء هذا الجيل لن تختلف كثيرا عن الاجيال التي سبقته وان قواعد العملية السياسية سوف تظل بمنأى عن تأثير ابناء هذا الجيل، ومرة اخرى فإن مستقبل مصر- القريب وليس فقط البعيد ـ مرتبط بهذا الجيل من الشباب ومن يكسب هذا الجيل سوف يكسب المستقبل.
وطبعا الحزب الوطني كسب المستقبل فعلا وهو ما اكده في اليوم التالي زميلنا بـالمسائية جمال حسن بقوله في صفحة احزاب ونواب التي يشرف عليها زميلنا فيصل مصطفى: سواء اتفق البعض او اختلفوا حول سياسات الحزب الوطنى، الا اننى اعتقد ان الجميع يتفق معي على ان الحزب يسير بخطى حثيثة نحو التطوير والتحديث منذ اطلاق الحركة التصحيحية له عام 2002 بالفكر الجديد الذي يؤتي ثماراً اكثر من موقع وكانت نتيجته ان كل قواعد الحزب الآن في جميع المحافظات قد استوعبت هذا الفكر، صحيح ان قواعد الحزب على جميع مستوياته قد تجرعت مفردات هذا الفكر مرة بالبطء واخرى بنوع من الريبة في التطبيق خاصة ان الحزب كان يواجه في تلك الفترة ببعض الانتقادات اللاذعة نتيجة عدم توفيقه في الحصول على الاغلبية الكاسحة الذي كان له الغلبة في السنوات السابقة.
ونظل في يوم الاحد مع زميلنا وصديقنا انور الهواري رئيس تحرير مجلة الأهرام الاقتصادي وقوله في مقاله الاسبوعي بجريدة الاهرام المسائي عن مشكلة الاحزاب في مصر: الاحزاب تلقي باللائمة على كل شيء الا على نفسها وتنشد الحل من كل الاتجاهات الا من داخلها، وتفكر في اصلاح كل شيء الا في اصلاح ذات بينها، الاحزاب تتحدث عن الجفاء بين الدولة والامة ولا تتحدث عن الجفاء بين قيادة الحزب وما تبقى له من قاعدة. الجفاء بين الاحزاب وقيادتها هو الاخطر، الاحزاب بعضها يحتاج الى قيادات حديثة، قيادات مؤهلة، قيادات تفكر بعقل المستقبل، قيادات لديها مهارات الاشتباك مع واقع محلي واقليمي الحزبية.
على الاقل في مصر الان خمسة احزاب لديها مؤهلات جيدة، بعضها لديه رصيد في الالتحام الجماهيري، وبعضها لديه مقولات اجتماعية متماسكة، وبعضها او كلها لديه قيادات فيها امل لو تغلبت على الكسل السياسى، لو انتصرت على اليأس الحزبي، لو حاولت ان تخرج من العادة والمألوف، لو جربت ان تفكر بطريقة جديدة، لو تجاوزت الحزازات والحساسيات التي تعشش في انفس قيادات الحزب الواحد، لو فكرت ان تنزل الى الناس، دون خوف من الفشل، دون خوف من النفس، دون خوف من السلطة.
معارك وردود
والى المعارك والردود ونبدأها مع زميلنا وصديقنا ورئيس مجلس ادارة مؤسسة روزاليوسف كرم جبر الذي شن في مجلة روزاليوسف هجوما غاية في العنف ضد الدول العربية التي تنتهك كرامات المصريين على ضوء الجنازة الحاشدة للمصرية مروة الشربيني فقال: جنازة الشهيدة مروة الشربيني إنذار شديد اللهجة لكل من تسول له نفسه ان ينتهك حقوق المصريين او يعتدي عليهم او يغتصب حقوقهم. إنذار للأشقاء قبل الاصدقاء، للخليجيين قبل الاجانب، للكفيل قبل المتعصب. إنذار مضمونه: احترموا مواصير هذا الشعب الذي قد يتسامح لكنه لا يفرط أبدا في كرامته. إنذار معناه ان المعاملة ستكون بالمثل والبادي أظلم فليس معنى انه شعب هادئ ومسالم وصبور، ان يسيء البعض فهم ذلك، وليس معنى انه يفتح ذراعيه وقلبه ووطنه للآخرين ان يتعامل هؤلاء مع المصريين في بلادهم بعجرفة وغطرسة وتكبر واستعلاء. جنازة الشهيدة مروة الشربيني أيقظت في أعماق الناس معاني كثيرة أهمها ان كرامة المصريين خط أحمر، وانه من الان فصاعدا لن يستطيع أحد ان يتحكم في المشاعر المتدفقة التي تعلو فوق أية شعارات واهية كانت تفرض علينا الصمت في أوقات كثيرة، الصمت على طبيب يتم جلده، وممرضات يتم احتجازهن، وعمال تنتهك حقوقهم ويتعرضون لأسوأ أنواع القرصنة البشرية رغم انهم ذهبوا يبحثون عن لقمة عيش كريمة في بلاد الغربة، فالدول التي تضع مواطنينا تحت رحمة الكفيل يجب ان يدخل مواطنوها الى بلادنا بكفيل. هكذا تقول القواعد والقوانين الدولية التي تعتمد مبدأ المعاملة بالمثل بين الدول ويجب الا نقبل أبدا بالحجة الزائفة بأن المصريين يذهبون لبلادهم كعمال وهم يأتون لبلادنا كسائحين. الأزمة الاقتصادية العالمية ساوت الرؤوس، ليس أدل على ذلك من ان بعض الدول أفاقت على أخطاء وخطايا الكفيل فبدأت تنادي بإلغائه، ولكن بعد إيه؟.
لكن زميله وصديقنا الدكتور عبد العاطي محمد رئيس تحرير مجلة الاهرام العربي وجه غضبه الى السفارة المصرية في المانيا بعكس كرم فقال عنها: ما يعنينا في مصر ضرورة النظر بجدية لأوضاع المصريين في الخارج وتحديدا في أوروبا حيث لا ينكر أحد أن هناك تقاعسا في رعاية هؤلاء وربطهم بالوطن الأم. يحدث هذا في الوقت الذي يتزايد فيه عدد المبعوثين الى أوروبا لاستكمال الدراسات العليا والعودة للوطن ليكونوا بناة النهضة الحديثة، وفي وقت أصبحت فيه العلاقة مع أوروبا في مقدمة العلاقات الاستراتيجية لمصر مع الخارج. الرعاية والارتباط بالوطن يحتاجان الى مؤسسة تقوم بهذا العمل الكبير والى سياسات تهدف الى وضع صورة متميزة للمصري بالخارج، مما يكسبه صداقة وحب الشعوب التي يوجد فيها لا ان يتحول الى هدف للمتعصبين والمتطرفين ولا أدري لماذا لم تتدخل السفارة المصرية في برلين مبكرا في القضية قبل ان تنقل الى القضاء وتتحول الى أزمة دفعت الجاني الى الانتقام عمليا من الفقيدة لا لشيء الا لأنها ارادت الدفاع عن كرامتها وهويتها والتزامها الديني وفي انباء أخرى قيل ان الشهيدة لجأت الى السفارة ثلاث مرات بالشكوى ولم تكن هناك نتيجة تمنع ما جرى. لقد كان هناك وقت كاف لتجنب وقوع الجريمة ولكن غياب الرعاية للمبعوثين في الخارج، حيث تتعدد السلطات المسؤولة عنهم هو من الأسباب الأساسية في التقصير بالنسبة لاحتواء مشاكل من هذا النوع.
لا نريد لأبنائنا ان يعودوا في أكفان، بل قدرات بشرية خلاقة ومبدعة تنشر التقدم، ولا نريد ان نصبح جزءا من المواجهة المصطنعة بين المسلمين والغرب فالكل يعرف حضارة مصر العريقة وإسلامها الوسطي المعتدل وعلاقتها التاريخية والثقافية بأوروبا لا تسمح بدخولها في مأزق كهذا، ولكن الارتكاز الى الماضي أوالتاريخ لن يجدي في وسط عالم متغير، بل يتحتم العمل بسياسات فعلية تصور المصريين في الخارج وتجعلهم جسرا لاندماج مصر في العصر. ونخرج من دائرة هذه المعركة الى غيرها من المعارك المختلفة الخاصة بالشرطة المصرية التي قال عنها زميلنا وصديقنا أحمد موسى أحد نواب رئيس تحرير الأهرام في نفس اليوم ـ السبت: يعمل رجال الشرطة وسط ظروف بالغة الصعوبة ويتعرضون بين الحين والآخر لانتقادات ومحاولات تشويه من فئات بعينها، خاصة من هؤلاء الذين لا يملكون شيئا سوى الهجوم واختلاق الوقائع، واعتاد جهاز الشرطة على هذه النوعية من الأساليب. والحملات التي تعرضت لها أجهزة الشرطة في السنوات الأخيرة لم تدفعهم إلى التراجع عن المواجهات المستمرة ضد العابثين بأمن الوطن، سواء من المنتمين للمحظورة ولجماعات التطرف وللبلطجية وغيرهم، بل نجح السيد حبيب العادلي وزير الداخلية في حماية رجاله في جميع المواقع الشرطية، بل وتحصينهم ضد تلك الحملات غير المنصفة، وشد الوزير من أزر رجاله ليستمروا في أداء الأمانة المكلفين بها ونجحوا، وتغيرت صورة رجل الشرطة الآن في أذهان الناس، الذين تأكدوا من عدم صدق الادعاءات التي كان الهدف منها منع الشرطة من أداء دورها. كما تولت الأهرام في تعليقها بنفس العدد، الرد على مثيري اليأس والاحباط بقولها عنهم: رغم السوداوية والتشاؤم من جانب البعض فيما يتعلق بالنظر الى احوال مصر ومشكلاتها، الا انه تظهر بين الحين والآخر اشارات ولفتات مضيئة تستوجب التوقف عندها بالبحث والتأمل، وما أعلنه امس الجهاز المركزي للتعبئة والاحصاء حول الحالة السكانية للمصريين خلال العام الماضي، وللحق فإن اي قراءة منصفة للمعلومات التي اشتمل عليها البيان ستؤكد بما لا يدع مجالا للشك ان مصر تسير بخطى ثابتة نحو تحسين احوال معيشة مواطنيها في كثير من المجالات الصحية والتعليمية والمالية والخدمية.
ونظل مع الشرطة وزميلنا بـالعربي لسان حال حزبنا العربي الديمقراطي الناصري الذي لم أعد عضوا في لجنته المركزية، صالح رجب الذي تحدث عن سرادق عزاء شقيقة صديقنا العزيز اللواء حمدي عبد الكريم مساعد وزير الداخلية ورئيس ادارة الاعلام والعلاقات فقال عنه: تحول سرادق العزاء الى ملحمة في الحب شارك فيها السياسيون والرياضيون والإعلاميون وبالطبع رجال الشرطة الجميع حضر ليقدم واجب العزاء يدفعه الحب الذي تولد في قلوبهم جميعا لهذا الرجل الذي نجح في خلق ومد جسور للثقة بين الشرطة والمثقفين وقادة المجتمع فمنذ تولي اللواء حمدي عبد الكريم مسؤولية موقعه تحول مكتبه الى ملتقى لأصحاب الفكر كذا كل فئات المجتمع فالمكتب مفتوح أمامهم على مدار 24 ساعة يستقبل الجميع بابتسامة ويسارع لحل المشاكل التي تعوق عملهم وانتقلت عدوى حمدي عبد الكريم الى ضباطه في المركز الإعلامي فتسابق الجميع لخدمة كل من يطرق بابهم وتحول المركز الى خلية نحل هدفها الرئيسي خدمة الصحفيين والإعلاميين وأصحاب الشكاوى لقد أحب اللواء حمدي عبد الكريم الجميع فأحبوه واستطاع بصدقه وحكمته ان ينسى الجميع كمبيوتر الداخلية وأصبحنا نصدق ما تفعله.
معارك الاقباط
والى معارك اشقائنا الاقباط ومنها المعركة التي تسبب فيها لواء الشرطة السابق واستاذ القانون الجنائي وعضو مجلس الشورى المعين عن الحزب الوطني الحاكم الدكتور نبيل لوقا بباوي عندما تقدم بطلب لمجمع البحوث الاسلامية التابع للأزهر لطلب رأيه في مشروع قانون للأحوال الشخصية لغير المسلمين، وثار أقباط ضده. ونشر زميلنا بـالجمهورية سامح محروس تحقيقا يوم الأحد في الصفحة التي يشرف عليها ـ أجراس الأحد ـ قال فيه الدكتور محمد رأفت عثمان أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر وعضو المجمع أنه تم رفض الطلب. وأضاف: نعم، المجمع رفض نظر مشروع القانون من حيث المبدأ، فالاقباط لهم قوانينهم الخاصة التي تنظم احوالهم، ومجمع البحوث الاسلامية ليس جهة اختصاص في هذا الشأن ولا دخل له في قوانين الاحوال الشخصية لغير المسلمين.. لاننا أمرنا بأن نقرهم على ماهم عليه الا اذا تخاصموا الينا وهنا نحكم بينهم بشريعة الاسلام.
مجمع البحوث الاسلامية هو الهيئة العليا للبحوث الاسلامية ومهمته دراسة كل ما يتصل بهذه البحوث وان يعمل بكل الوسائل على تجديد الثقافة الاسلامية وتجريدها من الشوائب وآثار التعصب سواء كان تعصباً سياسياً او مذهبيا او طائفياً وللمجمع الحق في إبداء الرأي فيما يجد من قضايا ومشكلات تتجدد في حياة المجتمع سواء كانت مشكلات اجتماعية او مذهبية او كانت تتعلق بالعقيدة ملتزما بالدعوة الى سبيل الله بالحكمة والموعظة الحسنة .
لعل مقصد الدكتور نبيل لوقا بباوي ان يؤكد الصلة بين المسلمين والمسيحيين عن طريق اتصال مجمع البحوث الاسلامية بقوانين المسيحيين انفسهم.. لعل هذا هو هدفه.. وهو هدف نبيل. ولكن المجمع أوضح ان هذا الأمر متروك للمسيحيين انفسهم وانه ليس من اختصاصه نظر هذا الموضوع.
كما قال نبيل لوقا: قررت الذهاب لمجمع البحوث الإسلامية لعرض اقتراح للأحوال الشخصية لغير المسلمين من أجل انقاذ حياة مائة ألف مصري قبطي لديهم أحكام بالطلاق من القضاء ولا يستطيعون تنفيذها. وليس لتعديل القانون بل لاستطلاع رأيه في قاعدة شرعية قالها الرسول محمد - صلى الله عليه وسلم - في مسائل الأحوال الشخصية اتركهم لما يدينون. وبما آن الانجيل صريح في مسألة الطلاق بأنه لا يتم إلا لعلة الزنا فهذا يعني ان القانون 462 لسنة 55 الخاص بالأحوال الشخصية لغير المسلمين وحالاته التسع المطبقة بالمحاكم المصرية الآن مخالف للإنجيل وبالتالي مخالف للشريعة الإسلامية والمادة الثانية من الدستور. للأسف من هاجموني ينقسمون إلى مجموعتين لم تحاولا فهم القضية التي أسعى اليها وبالتالي فهم جهلاء ومن دعاة التعصب الذين يساوون بين الذهاب إلى إسرائيل والذهاب إلى مجمع البحوث الإسلامية غير مستوعبين انني ذهبت من أجل قاعدة فقهية لا يفتي فيها غير مجمع البحوث الإسلامية. والوضع الحالي لتطبيق قواعد الطلاق يثبت اننا لدينا طرفان أحدهما الكنيسة التي يمثلها البابا شنودة التي لا تستطيع تغيير آيات الإنجيل وأحكامه، والطرف الآخر هم الحاصلون على أحكام بالطلاق ولا يستطيعون تنفيذها، وبالتالي فنحن نحتاج إلى طرف آخر محايد ونزيه يستطيع الجزم بصحة القانون المطبق حاليا بالنسبة للأحوال الشخصية لغير المسلمين وهو ما يتوافر في مجمع البحوث الإسلامية على اعتبار ان تلك المسألة تدخل ضمن اختصاصاته الفقهية ولن تكون هناك أي حساسية إذا أصدر فتوى بأن هذا القانون المطبق يخالف الشريعة الإسلامية.
حكايات وروايات
وأخيرا الى القصص والحكايات وضيفنا اليوم هو أشهر حلاق في مصر، وهو محمود لبيب المشهور بحلاق الرؤساء وابنائهم والفنانين والوزراء، وقد نشرت له صوت الأمة حديثا أجراه معه زميلنا جمال عبد المجيد عن الرئيس الراحل أنور السادات ـ عليه رحمة الله ـ وعن الرئيس مبارك. ومما جاء فيه: العلاقة كانت من خلال ابنه جمال الذي كان يحضر مع أولاد جمال عبد الناصر الى صالون الحلاقة وفي ذات يوم رأى الرئيس السادات (حلاقة) ابنه جمال فسأله عن الحلاق فقال له ده محمود لبيب فطلبني وذهبت اليه وعندما دخلت عليه قال هاقولك على العيوب اللي في دماغي عشان تشوف شغلك، فقلت له أنا عارف يا ريس العيوب وذكرتها له. فقال: انت عارف شغلك كويس يا محمود! واستمرت العلاقة بيننا الى ان انتقل الى رحمة الله.
الاحداث هي التي كانت تفرض نفسها، فوقت انتفاضة 18، 19 يناير قال لي يا محمود دي انتفاضة حرامية، وقال لي: انت بتستهلك سكر قد ايه في الشهر، فأصابني السؤال بدهشة.. ما علاقة السكر بالسؤال. وتوقفت عن الحلاقة وقلت له كيلو في الشهر فقال لي طب لو هناك أزمة تستهلك قد ايه؟ قلت له: أخذ نصف كيلو وبدل ثلاث معالق أخذ معلقة ونصف، فقال لي الكبار هم اللي عاملين أزمة لكن الصغار لا حول لهم ولا قوة والحلوانية هم الذين تسببوا في الازمة. وذات مرة قال لي: الاسرائيلي كان بوابا في عمارة الشرق الاوسط وأصبح يمتلك شقة في العمارة فهل تتعامل معه على كونه بوابا أم جارا؟ فقلت له أتعامل معه على كونه جارا. وعن مفاوضات السلام قال لي: انا دلوقتي جبت لك كرسي في المحل هاتقولي يا المحل يا بلاش!
وبالمناسبة أنا الذي ظهرت في فيلم أيام السادات الذي جسده الراحل أحمد زكي. في اواخر أيامه كنت أدخل عليه وكنت أجده متعصبا جدا وبعد إلقاء تحية الصباح عليه يبدأ فورا بقوله أعرف ناس كانت بتدفع مئة جنيه ضريبة واصبحوا الان يمتلكون عمارات وما زالوا يدفعون ذات المبلغ وانا هاجيب موارد للبلد منين؟ لم أرد ولم أصدق خبر اغتياله لأنني كنت صباح هذا اليوم أحلق له وبعد كده ذهبت الى المحل، وفي حوالي الساعة الواحدة سمعت الخبر ولم أصدق وفاته.. تعددت الاسباب والموت واحد.
وعن علاقته بمبارك قال: بدأت علاقتي به عندما كان نائبا لرئيس الجمهورية، حضر لي عبد الوهاب زكي مدير مكتبه وأخبرني ان النائب يريدني ان أحلق له وذهبت اليه في فيللا الاسكندرية وحلقت له ولابنيه علاء وجمال، كما حلقت للحفيد محمد (الله يرحمه) والحفيد الاصغر عمرو وحزن الرئيس على حفيده حزنا كبيرا لارتباطه الشديد به، واذكر ان محمد رحمه الله ذات يوم بعدما انتهيت من الحلاقة لجده كان يريد ان يسرح له شعره ونزل له الجد الى الارض لتلبية طلبه. ليس لدي مساحة للسؤال وانتظر حتى يبدأ الرئيس الكلام وتكون مهمتي هي الرد فقط. وأحيانا كان الرئيس يغمض عينيه أثناء الحلاقة. الرئيس ما شاء الله ربنا يديه الصحة صحته تمام والحمد لله.
التعليقات (0)