تنفرد الكلاب عن سائر الحيوانات، بان فوائدها على بني البشر لا تحصى، وكل يوم يمر نكتشف لهذا الحيوان فائدة جيدة، ومن فوائدها التي لا يمكن لاي حيوان او جهاز في العالم تعويضها، هي مقدرتها على تمييز الروائح، فبمجرد مرور كلب واحد على طابور من السيارات، يستطيع ان يكتشف وجود متفجرات او مخدرات بداخلها. واما الجرائم التي كان للكلاب الفضل في اكتشافها، فلا يمكن لاحد ان يتصورها. وعلى سبيل المثال، تابعت قبل سنين، برنامجا المانيا، يتحدث عن طريقة كشف المجرمين الذين لم يتركوا آثارا ماديا في مسرح جرائمهم. فكان احد المواقف، جريمة قتل لم يعثر المحققون فيها على اي اثر يمكن الاستدلال منه على الجاني، فلقد حصن الجاني نفسه بكل الوسائل التي تحميه من ترك اي اثر يمكن الاجهزة الامنية من اكتشافه، ولم يكن امامهم الا الاعتماد على رائحة المجرم التي تركها في مسرح الجريمة، وبعد ان شمموا احد الكلاب المدربة لذلك، رائحة موقع الجريمة ومجموعة من قمصان او اثار المشتبه بهم، استطاع الكلب الاستدلال عليه من بين المئات، ولم يقتنعوا بالنتيجة، فكرروها مع ثلاثة كلاب اخرى، واستطاعت جميعها الاستدلال على نفس المجرم، الذي اعترف فيما بعد بارتكابه الجريمة.
الذي يزور المانيا، يتفاجأ بوجود الكلاب بغزارة، في كل مكان تقع عليه عينيه، فيجد المرء هنا انواعا متعددة من الكلاب، ككلاب الصيد و الحراسة وكلاب الزينة وغيرها. ولقد سنت السلطات الالمانية قوانينا لمالكي هذه الكلاب، ترغمهم الالتزام بها، عندما يتقد احدهم لاقتناء احد الكلاب، وسوف ندرج بعضها على سبيل المثال:
الشروط الواجب توفرها في الاشخاص الذين يريدون اقتناء كلاب:
ـ ان يكون بالغا (اكثر من 18 سنة)
ـ يكون سليما (غير معاق)
ـ ان لا يكون مدمنا على الكحول او المخدرات
ـ ان لا يكون هزيل الجسم بحيث لا يمكنه السيطرة على الكلب.
الشروط الاخرى:
ـ يجب ان يملك كل كلب في المانيا، هوية خاصة به، يوجد عليها صورته، اسمه، اوصافه ، الخ، ويجب كذلك وضع علامة على الكلب نفسه للاستدلال على هويته.
ـ يجب ان يجرى فحص طبي ونفسي للكلب بصورة دورية (من الشروط التي يفرضها البيطريون النفسيون على اصحاب الكلاب، وجوب اخراجها للتنزه خارج البيت، ثلاثة ايام في الاسبوع على الاقل، لكي لا تتوحش، وعندما يكتشفون عدم التزام مقتني الكلب بهذا، لا يمنحوه التقرير المطلوب وبذلك تسقط اهليته للكلب)
ـ يجب ان يدفع صاحب الكلب رسوما سنوية للبلدية، تشمل اجور ازالة المخلفات التي يتركها الكلب، وتختلف هذه الاجور من مقاطعة لاخرى.
ـ يجب على كل صاحب كلب، ان يؤمن عليه، فلا يجوز اقتناء اي كلب في المانيا بدون تامين، يجب ان لا تقل تغطية التامين عن 500000 يورو للاضرار التي يسببها الكلب للاشخاص، و 250000 يورو لتلك التي يسببها للممتلكات العامة او الخاصة.
ان عدم التزام الاشخاص بهذه القوانين يعرضهم لغرامات مالية تصل الى 10000 يورو.
الذي يتصفح الجرائد في المانيا يجد في بورصة الاعمال، وظيفة ـ مرافق كلب ـ مهمته تنزيه الكلب والاعتناء به، يتقاضى الشخص اجرا قد يصل الى 10 يورو في الساعة مقابل خروجه لتنزيه الكلب.
يسمح لمالكي الكلاب، استعمال وسائط النقل العامة، حافلة، مترو انفاق، قطار، ... الخ، مقابل تذكرة، تكون قيمتها المادية مساوية لنصف تذكرة البالغ تقريبا. وهذا ما يجعل الناس في تماس مباشر مع الكلاب.
تسبب الكلاب سواء حملت الجنسية الالمانية او اية جنسية اخرى، حساسية مفرطة عند المسلمين، وهذه الحساسية ليست عضوية بل حساسية نفسية دينية، اقول نفسية، لعدم وجود اي سبب عضوي لها، واقول دينية لان سبب وجودها الدين.
وسبب هذه الحساسية يعود الى بعض الاحاديث المنقولة عن رسول الاسلام، والتي نقل اكثرها، ابو هريرة، هذا الشخص المحب للقطط والذي ذكرت الروايات انه كان يحمل قططه اينما ذهب. واهم هذه الاحاديث، حديث يدعي فيه ان الرسول قد قال (إذا ولغ الكلب في إناء أحدكم فليرقه ثم ليغسله سبع مرار)، ولا اعلم اي ماء هذا الذي يستطيع ان يقضي على فايروس من فايروسات الكلب او غيرها؟ حتى لو غسله الف مرة، فالمعروف ان الفايروس لا يموت الا بالحرارة وبالمطهرات. ومن المضحك ان القطط التي لا تختلف كثيرا عن الكلاب لا يكون لها هذه الحساسية المفتعله عند المسلمين بل على العكس، ويروى في صحيح ابي داود وغيره الرواية التالية (أن أبا قتادة دخل فسكبت له وضوءا ، فجاءت هرة ، فشربت منه ، فأصغى لها الإناء حتى شربت . قالت كبشة : فرآني أنظر إليه ، فقال : أتعجبين ابنة أخي ؟ فقلت : نعم . فقال : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : إنها ليست بنجس ، إنها من الطوافين عليكم والطوافات ) ورغم كل هذا فانا اتحدى اي مسلم ان يشرب من اناء شربت منه قطة، والسبب ان الناس ومع الاسف تاخذ الاحاديث فقط في الاشياء السيئة والتي لا تضرهم مباشرة، اما ما يضرهم فلن يقبلوا به حتى لو كتب عنه مليون حديث، ويفضلون فيه العقل على النقل، تماما كما هو في حديث القطط اعلاه.
عندما يرى مسلم كلبا، يحاول ان يبتعد عنه ما استطاع، ويحاول تجنب ان يمس الكلب ملابسه او جسمه، ولو حدث هذا حتى من قبيل الصدفة، فلن يهدأ له بال، حتى يبدل ملابسه او ربما يحرقها باقرب فرصة ممكنة، وكل هذا بسبب هذه الحساسية التي وردتنا من هذه الاحاديث، رغم عدم تعرض القرآن لاي نجاسة مزعومة من التي ادعاها رواة الحديث، فلقد ورد ذكر الكلب اربع مرات قرآنيا، وكالاتي:
1. يسالونك ماذا احل لهم قل احل لكم الطيبات وما علمتم من الجوارح مكلبين تعلمونهن مما علمكم الله فكلوا مما امسكن عليكم واذكروا اسم الله عليه واتقوا الله ان الله سريع الحساب، المائدة اية 4
2. ولو شئنا لرفعناه بها ولكنه اخلد الى الارض واتبع هواه فمثله كمثل الكلب ان تحمل عليه يلهث او تتركه يلهث ذلك مثل القوم الذين كذبوا باياتنا فاقصص القصص لعلهم يتفكرون، الاعراف اية 176
3. وتحسبهم ايقاظا وهم رقود ونقلبهم ذات اليمين وذات الشمال وكلبهم باسط ذراعيه بالوصيد لو اطلعت عليهم لوليت منهم فرارا ولملئت منهم رعبا، الكهف اية 18
4. سيقولون ثلاثة رابعهم كلبهم ويقولون خمسة سادسهم كلبهم رجما بالغيب ويقولون سبعة وثامنهم كلبهم قل ربي اعلم بعدتهم ما يعلمهم الا قليل فلا تمار فيهم الا مراء ظاهرا ولا تستفت فيهم منهم احدا، الكهف اية 22
مما سبق نرى ما يعارض ادعائهم بنجاسة الكلب، فربهم يدعوهم لاكل اللحم من فم الكلب حتى بدون ذبح وبمجرد التسمية عليه، كما ورد في الاية 4 من سورة المائدة. اما الايات الاخرى فلم نجد فيها اي اشارة لنجاسة الكلب، وهذا يقودنا الى ان النجاسة موجودة في عقولهم فقط.
لا يفهم الالمان النفور المبالغ به من قبل المسلمين لهذه الكلاب، حتى لو كانت لطيفة ووديعة، فيتصور بعضهم انه نتيجة خوف، او ربما نتيجة حساسية، ولا يعلمون ان السبب نفسي لا اكثر.
عندما قمت باجراء فحص للحساسية قبل اكثر من سنتين، اكتشفت بطريق الصدفة انني املك حساسية (حقيقية) ضد شعر الكلاب، ولكنني لم الاحظ هذا في السابق ولم انتبه اليه لحد الان.
التعليقات (0)