كل المجتمعات البشرية سعت إلى وضع قوانين تحكم العلاقة بين أفرادها في كل المجالات عبر المصلحة العامة والعرف وقيود النظام كي لا تكون الممارسات البشرية منطلقة بغير قيود وتحدث الفوضى التي تضر المجتمع وتجعل الحياة مستحيلة..إن الحرية التي عرفها أصحاب الفكر الإنساني وصلت إلى مقولة أن حريتك تنتهي عند ضرر الآخرين..بمعنى أنك حر فيما لا يضر ...أو أن يدك حرة في حركتها ولكنها ليست حرة في كسر أنف الذي أمامك!!
...الدين كجزء من محددات الممارسة وضع قيودا قاطعة وأخرى اختيارية على تصرفات الأفراد فجعل العموميات قاطعة مثل مفهوم العدل أو ضمان السلامة أو المعاملات الاجتماعية التي حددتها قوانين الشريعة وحدودها لضبط التصرف البشري
ثم اختار العرف كمصدر للتشريع فيما لا يخالف القطعيات (خذ العفو وأمر بالعرف...) ومن هذا العرف جاءت كل قوانين القضاء مثل القانون المدني والأحوال الشخصية بتفصيل يلحظ الشريعة ويفصل فيما لم تفصله الشريعة مثل حقوق المطلقة والرعاية والإنفاق وغيرها...وخذ مثلا قانون المرور وقوانين تصريف أعمال الأجهزة الحكومية وعلاقة الفرد بالمصالح المختلفة من ضرائب وصحة وقوانين صناعة الأغذية ومواصفاتها إلى غير ذلك مما يضبط أمن المواطن وتحقيق السلامة....
ومن هنا نقول أن الحرية ليست مطلقة ولكنها محددة بضوابط منها الصارم الذي يعاقب على المخالفة ومنها العرفي الذي يعتبره المجتمع عيبا لكن لا يعاقب عليه ....والموضوع يحتاج إلى مراجعة الجميع ليعلم أهل الدين أنهم ليسوا مخولين بالحكم وحدهم عبر هيئات الأمر بالمعروف أو قوانين الدولة الدينية... وأن العلمانيين ليسوا أحرارا في وضع قوانين المجتمع على هواهم ودون النظر إلى حكم الدين الذي ارتضاه معظم المواطنين واتخذوه منهاجا لا يتخطونه ولا يسمحون بتخطيه...
التعليقات (0)