عانت الشعوب العربية الأمرّين على أيدي المستعمرين الذين تعاقبوا على أوطانها قبل أن يرحلوا ، تاركين خلفهم حفناتٍ من الضباط الذين دربوهم جيدا ليكملوا مسيرتهم الإستدمارية ، فعاثوا في الأنظمة فساداً ، واستفردوا بموارد الأراضي وخيراتها ، وأذلوا المواطنين وجوّعوهم ، وحكموا فيهم بقبضاتٍ من حديد.
وهاهي دول المغرب العربي تقدم أدلة لشهود عيان على المجازر التي تقترفها جيوشها ، وقوات أمنها ، في مشاهد لإنتهاكاتٍ خطيرة لحقوق الإنسان باسم ملوكها ورؤسائها ، أو باسم مكافحة الإرهاب ، أو تحت مُسميات أخرى كلها خارجة عن نطاق الإنسانية.
01 - الجزائر :
في الفترة الممتدة مابين 1992 - 2000 عاشت الجزائر في دوامة الحرب الأهلية التي تطاحنت أطرافها وطحنت المواطنين وسطها ، لكن الصورة المُكبرة لما كان يجري كانت أنّ الجيش الجزائري بجميع قواته وإمكاناته ، كان يُدافع عن الوطن من الإرهابيين الهمجيين ، وكان يُدافع عن القيم الوطنية من التفسخ بين أيدي الجماعات الإسلامية ... وعمل الجنرالات جاهدين على ترسيخ تلك الرؤية واستعمالها غطاءًا لتجاوزات بلغت أرواح المواطنين العُزل ... وبعد إنتهاء العشرية السوداء تلك وهدوء الأوضاع نسبياً ، خرج ضابط سابق بالجيش نفسه ، ووجّه صفعة قوية لقياداته ونشر كتاباً بعنوان [الحرب القذرة ]، أو من يقتل من في الجزائر؟ .. حكى فيه عن تجربته الشخصية في صفوفه ، وقدم فيه شهاداته حول الحرب المزعومة على الإرهاب ، وكيف أن الجيش قتل مِن المواطنين الكثير ، تماماً كما فعلت تلك الجماعات.. فكان الضابط المذكور سهماً أصاب الجنرلات العجائز ، وفتح عيون المواطنين الجزائريين على حقيقة النظام الجزائري ، ومدى فساد الجيش الذي تعدى الخمور ، والمخدرات ، إلى قتل المواطنين العزل ، في تراجيديا مؤلمة حقاً ، وهو مادعى الرئيس الجزائري إلى إعادة النظر في هيكلة المؤسسة العسكرية التي تفشى فيها الفساد ..
02 - المغرب :
الوضعُ في المغرب لايختلف عن الوضع في الجزائر ، سوى أن الجيش المغربي لايقتل المواطنين تحت أي مُسمى بقدر ما يعيث في قرى المملكة فساداً ، وإهداراً لكرامات المواطنين وإذلالهم تحت غطاء الأمر الملكي ، وفي شهادة لمواطنة مغربية شابة حكت فيها تفاصيل التعذيب الذي يتعرض له سكان القرى على أيدي قوات الشرطة ، تصل إلى حد تجريدهم من ثيابهم ذكوراً وإناثاً في مراكز تلك القوات وإذاقتهم صنوفاً من العذاب ، ونعتهم بأقبح النعوت ، وكل ذلك بحثاً عن معلومات تدل على إنضمامهم لجمعيات ٍ مشكوكٌ في مُناهضتها لنظام الحكم المغربي ..
طبعاً هذه لمحة صغيرة عن حقائق مهولة لجيوشنا التي تفشى فيها الفساد ، بأوامر من جنرالات يمثلون النظم بأسوإ صورها ، ويُحكمون قبضتهم على الشعوب المُستضعفة باسم الوطنية التي مزقوها إرباً إرباً.
تاج الديــــــن : 2009
التعليقات (0)