مواضيع اليوم

الحركة من أجل الأمة والتشيع: قراءة وثائقية (12)

حسن محمد لمعنقش

2012-06-28 23:31:28

0

 

الحركة من أجل الأمة والاتهام بالتشيع: وقفة مع بعض أصحاب التهمة (تابع)

سبق ذكر أن الاتهـام الباطل بممارسة "الحركة من أجل الأمة" للتقـية كما يمارسها الشيعة يحتـاج منـا –لتأكيد إبطاله- إلى التعرف على المقصود بالتقية، والبحث عن أوجه الاختلاف بين أهل السنة والجماعة وبين الشيعة في النظر إليها، ثم تنزيل ذلك على مواقف وممارسات أبناء الحركة من أجل الأمة.
فما هي التقية؟
عرفها أحد كبار علماء الشيعة فيقول:
"هي عند الشيخ المفيد عبارة عن (كتمان الحق وستر الاعتقاد فيه ومكاتمة المخالفين وترك مظاهرتهم بما يعقب ضررا في الدين والدنيا" (1).
وعرفها آخر من مراجعهم أيضا بأنها " التحفظ عن ضرر الغير بموافقته في قول أو فعل مخالف للحق" (2).
وهذا المعنى متفق عليه بين أهل السنة والشيعة، إذ قال ابن حجر رحمه الله: "معنى التقية الحذر من إظهار ما في النفس من معتقد وغيره للغير" (3).
وعرفها الألوسي رحمه الله بأنها "محافظة النفس أو العرض أو المال من شر الأعداء" (4). وصورتها "أن المؤمن إذا كان قائما بين الكفار، فله أن يداريهم باللسان إذا كان خائفا على نفسه وقلبه مطمئن بالإيمان" كما قال القرطبي رحمه الله (5).
ويلاحظ الشيخ السالوس –حفظه الله- أن "التقية في هذه الصورة لاتتعارض ومبادئ الإسلام، فلاضرر ولاضرار، والضرورات تبيح المحظورات" (6).
لكن الشيعة يذهبون في التقية مذهبا آخر يشينهم.
فالتقية، عند أهل السنة والجماعة، تكون مع الكفار لا المسلمين. وذلك واضح من خلال قوله تعالى: (لايتخذ المومنون الكافرين أولياء من دون المومنين، ومن يفعل ذلك فليس من الله في شيء إلا أن تتقوا منهم تقاة) (آل عمران: 28).
وقراءة الجمهور: "تُقاة"، وقراءة غيرهم: "تقية".
وقد قال الطبري رحمه الله: "التقية التي ذكرها الله في هذه الآية إنما هي تقية من الكفار لا من غيرهم" (7).
وفي هذا المعنى جاء كلام الشيخ السالوس حفظه الله: "إن الله سبحانه قد أباح للمؤمنين إذا خافوا شر الكافرين أن يتقوهم بألسنتهم، فيوافقوهم بأقوالهم وقلوبهم مطمئنة بالإيمان" (8).
لكن إذا حصلت القوة للمسلمين، فإن من الصحابة والمفسرين من يرفض الأخذ بالتقية. "قال معاذ بن جبل : كانت التقية في جدة الإسلام قبل قوة المسلمين، فأما اليوم فقد أعز الله الإسلام أن يتقوا من عدوهم" (9).
غير أن الشيعة يأخذون بالتقية حتى مع غيرهم من المسلمين، خاصة أهل السنة والجماعة، والذين يرون أنهم أشد كفرا من اليهود والنصارى (10). يقول مرجعهم الخوئي:
"إن المستفاد من الأخبار الواردة في التقية أنها إنما شرعت لأجل أن تختفي الشيعة عن المخالفين، وألا يشتهروا بالتشيع أو الرفض، ولأجل المداراة والمجاملة معهم. ومن البين أن المكلف إذا أظهر مذهب الحنابلة عند الحنفي مثلا، أو بالعكس، حصل بذلك التخفي وعدم الاشتهار بالرفض والتشيع، وتحققت المداراة والمجاملة معهم. فإذا صلى في مسجد الحنفية مطابقا لمذهب الحنابلة صدق أنه صلى في مساجدهم أو معهم. والسر في ذلك أن الواجب إنما هو التقية من العامة والمجاملة والمداراة معهم، ولم يرد في شيء من الأدلة المتقدمة وجوب اتباع أصنافهم المختلفة، ولادليل على وجوب اتباع من يتقى منه في مذهبه، وإنما اللازم هو المداراة والمجاملة مع العامة وإخفاء التشيع عندهم" (11).
ويقول الخميني: "...ومنها ما شرعت لأجل مداراة الناس و جلب محبتهم و جر مودتهم، وما تكون مطلوبة بذاتها في دولة الباطل إلى ظهور دولة الحق و هي التي في مقابل الإذاعة ومساوقة للكتمان... ومنها التقسيم بحسب المتقى منه: فتارة تكون التقية من الكفار و غير المعتقدين بالإسلام، سواء كانوا من قبيل السلاطين أو الرعية، وأخرى تكون من سلاطين العامة وأمرائهم ، وثالثة من فقهائهم و قضاتهم، ورابعة من عوامهم، وخامسة من سلاطين الشيعة أو عوامهم، إلى غير ذلك. ثم ان التقية من الكفار وغيرهم قد تكون في إتيان عمل موافقا للعامة، كما لو فرض أن السلطان ألزم المسلمين على العمل بفتوى أبي حنيفة، وقد تكون في غيره" (12).
بل يعتبر الخميني أن عصر الخلفاء الراشدين الثلاثة الأوائل كان عصر تقية. يقول:" ...إنه من بعد رسول اللَّه صلى اللّه عليه و آله إلى زمان خلافة أمير المؤمنين و من بعده إلى زمن الغيبة كان الأئمة و شيعتهم مبتلين بالتقية أكثر من مائتي سنة و كانوا يحجون مع أمراء الحاج من قبل خلفاء الجور أو معهم..." (13).
والتقية عند أهل السنة والجماعة رخصة في حالة الاضطرار أو الإكراه. قال الجصاص عند قوله تعالى: (إلا أن تتقوا منهم تقاة) (آل عمران: 28):
"وقد اقتضت الآية جواز إظهار الكفر عند التقية...وإعطاء التقية في مثل ذلك إنما هو رخصة من الله تعالى وليس بواجب، بل ترك التقية أفضل" (14).
ويذكر ابن حجر رحمه الله عن ابن المنذر أنه قال: "أجمعوا على أن من أكره على الكفر حتى خشي على نفسه القتل، فكفر وقلبه مطمئن بالإيمان أنه لايحكم عليه بالكفر" (15).
غير أن علماء أهل السنة، وهم يعتبرون تلك التقية رخصة، فإنهم أكدوا أن الأخذ بالعزيمة أفضل. يدل على ذلك مثلا قول الجصاص السابق: "... بل ترك التقية أفضل"، ثم ماذكره في تتمة كلامه لما قال: "قال أصحابنا فيمن أكره على الكفر فلم يفعل حتى قتل أنه أفضل ممن أظهر. وقد أخذ المشركون خبيب بن عدي فلم يعط التقية حتى قتل (16)، فكان عند المسلمين أفضل من عمار بن ياسر حين أعطى التقية وأظهر الكفر (17)، فسأل النبي  عن ذلك، فقال: كيف وجدت قلبك؟ قال: مطمئنا بالإيمان. فقال  : وإن عادوا فعد...، وكان ذلك على وجه الترخيص" (18).
وقد روى ابن أبي شيبة عن عوف الأعرابي عن الحسن البصري قوله: "التقية جائزة للمؤمن إلى يوم القيامة، إلا أنه كان لايجعل في القتل تقية" (19).
وفي نفس الوقت روى ابن أبي شيبة أيضا، عن الحسن البصري أيضا قوله: "إنما التقية رخصة، والفضل القيام بأمر الله"(20).
ويذكر ابن بطال رحمه الله عن علماء الأمة أنهم " أجمعوا على أن من أكره على الكفر واختار القتل أنه أعظم أجرا عند الله ممن اختار الرخصة" (21).
وعند تفسير القرطبي رحمه الله لآية آل عمران (الآية 28) قال: "ومن أكره على الكفر، فالصحيح أن له أن يتصلب ولايجيب إلى التلفظ بكلمة الكفر، بل يجوز له ذلك" (22).
ويذكر علماء السيرة أن كثيرا من الصحابة اختاروا العزيمة على الرخصة حين أكرِهوا على الكفر، ومنهم خبيب بن عدي وبلال بن رباح وسمية بنت خباط وزوجها ياسر...وغيرهم –رضي الله عنهم- ممن آثر الصبر على التعذيب عوض الاستجابة لما أراده منه كفار قريش.
وللإمام البخاري رحمه الله ترجمة لجملة أحاديث –وفقهه في تراجمه- وهي قوله: "باب من اختار الضرب والقتل والهوان على الكفر". ومما أورده رحمه الله حديثه عن قيس بن أبي حازم قال: سمعت سعيد بن زيد يقول: "لقد رأيتني وإن عمر موثقي على الإسلام" (23). فقد ربطه عمر الذي كان كافرا آنذاك بسبب إسلامه مع أخته فاطمة بنت الخطاب، تضييقا عليه للرجوع عن الإسلام.
ومما رواه ابن أبي شيبة في مصنفه، عن الحسن، أن مسيلمة الكذاب أخذ رجلين من أصحاب النبي ، فقال لأحدهما: أتشهد أن محمدا رسول الله؟ قال: نعم . قال: أتشهد أني رسول الله؟ قال: نعم . فخلاه. ثم دعا بالآخر وقال: أتشهد أن محمدا رسول الله؟ قال: نعم . قال: أتشهد أني رسول الله؟ قال: إني أصم، قالها ثلاثا، فضرب عنقه. فبلغ ذلك رسول الله  فقال: أما هذا المقتول فمضى على صدقه ويقينه، وأخذ بفضيـلة فهنـيـئا لـه، وأما الآخر فقبـل رخصة الله فـلا تبعـة عليـه" (24). والصحابي الآخذ بالعزيمة في هذه القصة هو حبيب بن زيد بن عاصم الأنصاري المازني، كما ذكر ذلك ابن حجر رحمه الله في (الإصابة) (25).
هذا عند أهل السنة والجماعة.
أما عند الشيعة، فالتقية ليست رخصة فقط، بل هي ركن من أركان الدين، لايستقيم إيمان الشيعي إلا بها. يكفي، لبيان ذلك، إيراد مجموعة من مروياتهم عنها، وذلك كالتالي:
1-روى الحر العاملي عن معمر بن خلاد قال: سألت أباالحسن عليه السلام عن القيام للولاة فقال: قال أبوجعفر عليه السلام: "التقية من ديني ودين آبائي، ولاإيمان لمن لاتقية له"(26).
2-وروى أيضا عن أبي عمر الأعجمي عن أبي عبدالله عليه السلام أنه قال: ياأبا عمر، إن تسعة أعشار الدين في التقية، ولادين لمن لاتقية له، والتقية في كل شيء إلا في النبيذ والمسح على الخفين (27).
3-وروى كذلك عن أبي عبدالله عليه السلام قال: "التقية ترس الله بينه وبين خلقه" (28).
4-وروى عن أبي عمر الكناني عن أبي عبدالله أنه قال: ياأباعمر، أبى الله إلا أن يعبد سرا، أبى الله عز وجل لنا ولكم في دينه إلا التقية" (29).
5-وعن سليمان بن خالد قال: قال أبوعبدالله عليه السلام: "ياسليمان، إنكم على دين من كتمه أعزه الله، ومن أذاعه أذله الله" (30).
6-وروى الحر العاملي كذلك عن أمير المؤمنين عليه السلام قال: "التقية من أفضل أعمال المؤمن" (31).
7-وعن علي بن الحسين عليه السلام قال: "يغفر الله للمؤمن كل ذنب ويطهره منه في الدنيا والآخرة ما خلا ذنبين: ترك التقية وتضييع حقوق الإخوان" (32).
8-وعن علي بن محمد عليه السلام أنه قال لداود الصرمي: ياداود، لو قلت إن تارك التقية كتارك الصلاة لكنت صادقا (33).
ويلخص شيخهم الصدوق مضامين الروايات السابقة بقوله: "واعتقادنا في التقية أنها واجبة، من تركها كان بمنزلة من ترك الصلاة...والتقية واجبة لايجوز رفعها إلى أن يخرج القائم، فمن تركها قبل خروجه فقد خرج من دين الله وعن دين الإمامية وخالف الله ورسوله والأئمة" (34).
والتقية، عند أهل السنة، "حالة فردية مؤقتة" (35)، تزول بزوال حالة الاضطرار أو الإكراه. وللألوسي رحمه الله تفصيل جيد لهذا الموضوع، حيث قال رحمه الله:
"كل مؤمن وقع في محل لايمكن له أن يظهر دينه لتعرض المخالفين وجب عليه الهجرة إلى محل يقدر فيه على إظهار دينه، ولايجوز له أصلا أن يبقى هناك ويخفي دينه ويتشبث بعذر الاستضعاف، فإن أرض الله تعالى واسعة. نعم، إن كان ممن لهم عذر شرعي في ترك الهجرة كالصبيان والنساء والعميان والمحبوسين والذين يخوفهم المخالفون بالقتل أو قتل الأولاد أو الآباء أو الأمهات تخويفا يظن معه إيقاع ما خوفوا به غالبا، سواء كان هذا القتل بضرب العنق أو بحبس القوت أو بنحو ذلك، فإنه يجوز له المكث مع المخالف والموافقة بقدر الضرورة، ويجب عليه أن يسعى في الحيلة للخروج والفرار بدينه. ولو كان التخويف بفوات المنفعة أو بلحوق المشقة التي يمكن تحملها كالحبس مع القوت والضرب القليل الغير المهلك لايجوز له موافقتهم. وفي صورة الجواز أيضا موافقتهم رخصة وإظهار مذهبه عزيمة، فلو تلفت نفسه لذلك فإنه شهيد قطعا..." (36).
وعند الشيعة، التقية "حالة مستمرة، وسلوك جماعي دائم" (37). وقد مر كلام شيخهم الملقب بالصدوق أن التقية " واجبة لايجوز رفعها إلى أن يخرج القائم..."!
وفي هذا أورد الحر العاملي رواية عن الرضا قال: "لادين لمن لاورع له، ولاإيمان لمن لاتقية له، وإن أكرمكم عند الله أعملكم بالتقية. قيل: ياابن رسول الله، إلى متى؟ قال: إلى قيام القائم. فمن ترك التقية قبل خروج قائمنا فليس منا "(38).
والغريب أن لهم من الروايات ما يحثهم على التقية حتى مع من يأمنونه، كي تصبح لهم سجية مع من يحذرونه: روى صاحب الوسائل، عن علي بن محمد عن آبائه قال: قال الصادق عليه السلام: "عليكم بالتقية، فإنه ليس منا من لم يجعلها شعاره ودثاره مع من يأمنه، لتكون سجيته مع من يحذره" (39).
ولذلك فالشيعة لايأخذون بالتقية في عظائم الأمور فقط، بل يأخذون بها حتى في المسائل الفقهية البسيطة، والتي قد يشترك رأيهم فيها مع رأي غيرهم.
ويورد الشيخ السالوس حفظه الله أمثلة لهذا النوع من التقية لديهم، فيقول:
"يرون في التيمم مسح الوجه والكفين، وورد عن أحد أئمتهم أنه سئل عن كيفية التيمم، فوضع يده على الأرض فمسح بها وجهه وذراعيه إلى المرفقين، وقالوا: إن ذلك محمول على ضرب من التقية. فما الذي يدعو إلى هذه التقية؟ إن كثيرا من المسلمين يرون رأيهم في التيمم، فلاضير عليهم، ولاضرورة تلجئهم لترك ما يرون صحته ويطبقونه فيما بينهم، والتعبد بما يرونه باطلا.
وهم لايشترطون للجمعة المصر، وروي نحو ذلك عن ابن عمر وعمر ابن عبدالعزيز والأوزاعي والليث ومكحول وعكرمة والشافعي وأحمد.
ورووا عن الإمام علي أنه قال: لاجمعة إلا في مصر يقام فيه الحدود. وقالوا: إن هذا الخبر قيل تقية!
ومن الواضح أنه لاحاجة إلى هذه التقية. ثم من الذي يتقي؟ أعلي كرم الله وجهه؟ وهو الشجاع الذي يأبى التقية إباءه للضيم، واستشهد من أجل مبادئه، وكان لفتاواه الدينية قيمتها عند المسلمين، أمن روى عنه؟ وكيف إذن يتعمدون الكذب على أمير المؤمنين وليست هناك رقاب ستقطع أو أعراض تنتهك بله أدنى ضرر؟!"(40).
ثم ختم كلامه بقوله: "بمثل هذا تكون التقية تضييعا للعلم، وإخفاء للحق، وترويجا للكذب" (41).
فهنا ليس الباعث على التقية خوف أو ضرر، يؤكد ذلك الخميني فيقول:
"تارة تكون التقية خوفا وأخرى تكون مداراة، والخوف قد يكون لأجل توقع الضررعلى نفس المتقي أوعرضه، أو ماله أو ما يتعلق به....
والمراد بالتقية مداراة أن يكون المطلوب فيها نفس شمل الكلمة ووحدتها بتحبيب المخالفين وجرّ مودتهم من غير خوف ضرر كما في التقية خوفا ... وأيضا قد تكون التقية مطلوبة لغيرها ... وقد تكون مطلوبة لذاتها و هي التي بمعنى الكتمان في مقابل الإذاعة على تأمل فيه" (42).
ويطول بنا الكلام لو تابعناه حول أوجه الاختلاف بين التقية عند أهل السنة والجماعة، وبينها عند الشيعة. لكن المقصود هو أن ندرك عظم الفرية التي أذاعها من اتهم "الحركة من أجل الأمة" باتخاذ التقية كما هي عند الشيعة.
اتهام تافه، وفرية ظاهرة من حاقد موتور!
فلئن مارس الشيعة التقية مع غيرهم، مسلمين وكفارا، وفي جميع الحالات لاحالة الاضطرار أو الإكراه فقط، فإن أهل السنة يرون، كما سبق، أنها لاتكون إلا مع الكفار.
والحركة من أجل الأمة لاتكفر أحدا من أهل القبلة، وتعتبر نفسها، كما سبق، "جماعة من المسلمين". فضد من ستأخذ بالتقية في هذا البلد، وأهله مسلمون؟
وأبناء الحركة من أجل الأمة يؤدون شعائر دين الله وفق المذهب المالكي، بل يدعون إلى التمذهب به في هذا البلد. والمغاربة مالكيون. فكيف يلجأ أبناء الحركة إلى التقية كما هي عند الشيعة، وحتى في الاجتهادات الفقهية البسيطة كما يفعل الشيعة؟
وليت شعري هل تنصيص الحركة –في رسالة البصيرة- على الالتزام بمذهب أهل السنة والجماعة في العقيدة، وبالمذهب المالكي في الفقه، بالتفصيل المذكور في تلك الرسالة، أقول: هل يعتبر كل ذلك تقية من أبناء الحركة لخداع غيرهم؟!(43).
إنهم إذن ليسوا بشرا، بل هم من طينة أخرى غير طينة البشر!!
إن من اتهم "الحركة من أجل الأمة"، سواء كان من السلطة أم من أزلامها من قرامطة الفكر، بممارسة التقية كما هي عند الشيعة، لايفهم للتقية عند الشيعة معنى. وقد يكون بعض هؤلاء المتهِمين (بكسر الهاء)، خاصة الذين يقدَّمون للقراء على أنهم "باحثون في الحركة الإسلامية"، جديرين بهذا الاتهام، أي ممارسة التقية استجابة لإملاءات السلطة!! وقد رأينا من أمثال هؤلاء –بعد إطلاق سراح السياسيين الستة- من كتب يعتذر عما سلقهم به من شتائم أو نقائص!!(44).
قرأت منذ مدة طويلة خلت مقالا للمفكر المغربي سالم حميش، ذكر فيه بعض تجليات التقية لدى بعض المفكرين المغاربة. وكم تمنيت لو يُنجَز بحث حول تجليات تلك التقية عند "قرامطة الفكر" الذين كتبوا الزور ضد ما سمي "خلية بليرج". فسيكشف البحث عن عورات لطالما سترها أصحابها بأوراق توت السلطة والإعلام المنافق !!

الهوامش:
1- التقية في الفكر الإسلامي، ص 11/12.
2-رسالة التقية، لمرجعهم الشيخ مرتضى الأنصاري، ص 37.
3-فتح الباري، 12/388.
4-روح المعاني للألوسي رحمه الله، ص 2/117.
5-الجامع لأحكام القرآن، ص 4/45.
6-مع الإثنى عشرية في الأصول والفروع، د. علي أحمد السالوس، ص1/312.
7-تفسير الطبري رحمه الله، ص 6/316.
8- مع الإثنى عشرية ...السابق ذكره، ص1/311.
9-الجامع لأحكام القرآن، ص 4/45.
10-من نصوص الشيعة التي يكفرون فيها غيرهم من المسلمين –وما أكثر تلك النصوص- قول من يلقبونه بالشيخ المفيد: "اتفقت الإمامية على أن من أنكر إمامة أحد من الأئمة وجحد ما أوجبه الله تعالى له من فروض الطاعة فهو كافر ضال مستحق للخلود في النار" (نقله عنه المجلسي في بحار الأنوار 8/366).
بل من أنكر الكلام وأفحشه قول أحد علمائهم، وهو نعمة الله الجزائري، في "الأنوار النعمانية" (2/279)، عن أهل السنة والجماعة: "إنا لم نجتمع معهم على إله، ولا على نبي، ولا على إمام، وذلك أنهم يقولوا إن ربهم هو الذي كان محمد -- نبيه وخليفته بعده أبوبكر. ونحن لانقول بهذا الرب ولا بذلك النبي، بل نقول إن الرب الذي خليفة نبيه أبوبكر ليس ربنا، ولا ذلك النبي نبينا..."!!
11-التنقيح شرح العروة الوثقى، للخوئي، ص 4/332-333.
12-رسالة في التقية للخميني، ضمن "الرسائل" له، ص 175.
13-نفسه، ص 196.
14-أحكام القرآن للجصاص، ص 2/11.
15- فتح الباري، 12/389.
16-خبيب بن عدي ، الصحابي الشهيد، قُتِل يوم الرجيع. وملخص القصة كما ذكرها ابن القيم رحمه الله في أن قوما من عضل والقارة قدموا على رسول الله ، "وذكروا أن فيهم إسلاما، وسألوه أن يبعث معهم من يعلمهم الدين، ويقرئهم القرآن"، فبعث معهم نفرا...وفيهم خبيب بن عدي... فلما كانوا بالرجيع...غدروا بهم، واستصرخوا عليهم هذيلا، فجاءوا حتى أحاطوا بهم، فقتلوا عامتهم، واستأسروا خبيب بن عدي وزيد بن الدثنة، فذهبوا بهما وباعوهما بمكة، وكانا قتلا من رؤوسهم يوم بدر. فأما خبيب فمكث عندهم مسجونا، ثم أجمعوا على قتله...".وقد صلى ركعتين ثم قال لهم: "والله لولا أن تقولوا إن ما بي جزع لزدت". ثم دعا عايهم وأنشد شعرا فيه:
وقد خيروني الكفرَ، والموتُ دونه فقد ذرفت عيناي من غير مجزع
وما بي حـذار الموت إنـي لميــت وإن إلى ربي إيابي ومرجعــــــي
ولست أبالي حين أقتل مسلمـــــــا على أي شق كان في الله مضجعي
وذلك في ذات الإله وإن يشــــأ يبارك على أوصال شلو ممــــزّع
"فقال له أبوسفيان: أيسرك أن محمدا عندنا تضرب عنقه وإنك في أهلك، فقال: لا والله، ما يسرني أني في أهلي، وأن محمدا في مكانه الذي هو فيه تصيبه شوكة تؤذيه" (جامع السيرة، ص103/104، بتصرف).
17-ملخص قصة عمار  ما رواه الحاكم في المستدرك (2/389) عن أبي عبيدة بن محمد بن عمار بن ياسر عن أبيه قال: أخذ المشركون عمار بن ياسر، فلم يتركوه حتى سب النبي  وذكر آلهتهم بخير، ثم تركوه، فلما أتى رسول الله  قال: ما وراءك؟ قال: شر يارسول الله، ماتركت حتى نلت منك وذكرت آلهتهم بخير. قال: كيف تجد قلبك؟ قال: مطمئن بالإيمان. قال: إن عادوا فعد. وقال الحاكم: "صحيح على شرط الشيخين. وقال ابن حجر في الدراية (1/197): "إسناده صحيح".
18- أحكام القرآن للجصاص، ص 2/11.
19-المصنف، 6/474.
20-المصنف، 6/474.
21- فتح الباري، 12/392.
22-الجامع لأحكام القرآن، ص 4/45.
23-أخرجه في الإكراه، باب من اختار الضرب والقتل والهوان على الكفر، حديث 6942.
24- المصنف، 6/476.
25-الإصابة لابن حجر رحمه الله، ص 2/18.
26-وسائل الشيعة، 16/204، والكافي للكليني، ص 2/219.
27-وسائل الشيعة، 16/215، والكافي للكليني، ص 2/217.
28-وسائل الشيعة، 16/207، والكافي للكليني، ص 2/202.
29-وسائل الشيعة، 16/206، والكافي للكليني، ص 2/218.
30- وسائل الشيعة، 16/235، والكافي للكليني، ص 2/222.
31-وسائل الشيعة، 16/222.
32-وسائل الشيعة، 16/223.
33-وسائل الشيعة، 16/211.
34-الاعتقادات، ص104.
35-أصول الشيعة للقفاري، ص 2/980.
36-روح المعاني، ص 2/117-118.
37- أصول الشيعة للقفاري، ص 2/981.
38- وسائل الشيعة، 16/211.
39- نفسه، 16/212.
40- مع الإثنى عشرية ...السابق ذكره، ص1/314.
41-نفسه، ص1/315.
42- رسالة في التقية، ص 174.
43-بما أن الشيء بالشيء يذكر، أتذكر أنه جمعني بالأستاذ محمد المرواني مرة حديث عابر حول ابن قيم الجوزية رحمه الله، فذكر لي أنه يحب هذا الإمام، وأنه سيعمل على إنجاز بحث حول "الفكر السياسي عند الإمام ابن القيم رحمه الله"، وأخبرته أنني أفكر في إنجاز بحث حول الفكر التربوي عند الإمام. لكن ما كل ما يتمنى المرء يدركه. فهل الشيعي يحب ابن القيم رحمه الله، وهو صاحب "الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة" مثلا؟
44-انظر مثلا لذلك عبدالعزيز العبدي الذي كتب يعتذر عن مقالاته السابقة ضد المعتقلين المذكورين، وفيها ادعاؤه ممارستهم للتقية. والمقال الذي يعتذر فيه هو: "أنا غاضب"، جريدة الأحداث المغربية، عدد 4308، الخميس 24/03/2011.

 




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !