مواضيع اليوم

الحركة من أجل الأمة والتشيع: دراسة وثائقية (3)

حسن محمد لمعنقش

2012-02-14 19:01:57

0

عن موقع "المبادرة بريس"
                                                           الحركة من أجل الأمة والاتهام بالتشيع: قراءة في الوثائق

تمهيد:
في يوم 20 فبراير 2008، اعلن وزير الداخلية المغربي: شكيب بنموسى، خلال ندوة صحفية، عن الكشف عن "خلية إرهابية" ـ ذكر أن متزعمها مهاجر مغربي ببلجيكا يدعى عبد القادر بليرج ـ وعن اعتقال أفرادها. وقد سبق الإعلان عن الكشف اختطافات واعتقالات لمجموعة من المواطنين المحسوبين على التيار الإسلامي، ومن ضمنهم المعروفون بالسياسيين الستة وهم:
ـ الأستاذ محمد المرواني، أمين عام "الحركة من أجل الأمة، وأمين عام حزب الأمة المنحل.
ـ الأستاذ عبد الحفيظ السريتي، مراسل قناة المنار اللبنانية.
ـ الأستاذ مصطفى المعتصم الأمين العام لحزب البديل الحضاري المنحل بقرار من الوزير الأول عباس الفاسي الذي ينتمي إلى حزب الاستقلال العلماني.
ـ الدكتور محمد الأمين الركالة الناطق الرسمي لحزب البديل الحضاري المذكور.
ـ الدكتور ماء العينين العبادلة، عضو حزب العدالة والتنمية ومسؤول ملف الوحدة الترابية في نفس الحزب.
ـ الأستاذ حميد نجيبي، عضو الحزب الاشتراكي الموحد (حزب يساري).
وكل هؤلاء ـ باستثناء السيد حميد نجيبي ـ كانت لهم سابقة انتماء لحركة "الاختيار الإسلامي" السرية، التي خرجت من صلبها جمعية "البديل الحضاري" (قبل ان تصبح حزبا سياسيا)، ثم "الحركة من أجل الأمة" ذات التوجه الإسلامي.
ثم شرع وزير الداخلية، وكذلك وزير الاتصال خالد الناصري (1) في اطلاق تصريحات تدين أولئك المعتقلين قبل محاكمتهم، بل إن وزير الاتصال حذر من "تبعات التشكيك في الرواية الرسمية"(2) المتعلقة بالخلية وأفرادها.
وعلى إثر ذلك التحذير، سارع بعض ذوي الاقلام الرخيصة إلى التقاط ـ وبنذالة المرتزقة وخبث الأبالسة ـ ما يعتقدون أنه يشين أولئك المعتقلين الستة، يلتقطونه من هنا وهناك، وفي بعض الأحيان من أفواه بعض المسؤولين، ودون توثق من صحة ما التقطوه كما تفرض ذلك قواعد التثبت من الأخبار.
وهكذا بدأنا نسمع تلطخ أولئك المعتقلين، والتنظيمات التي ينتمون إليها ـ خاصة البديل الحضاري "والحركة من أجل الأمة" ـ بأدران التشيع، وتعلقهم بترهات "اليسار الإسلامي"، وبوأهم بأوزار الارهاب، وتحمسهم للعنف ورفضهم للديمقراطية... وغير ذلك من التفاهات !
إظهارا للحقيقة التي حاولت الأقلام المأجورة طمسها، سنحاول إيراد ما جاء في مجموعة من وثائق "الحركة من أجل الأمة" مما يبطل هذه "التهمة الإبليسية" مع تأكيد ذلك بما رأيته او لمسته من أبناء الحركة خاصة الاستاذ محمد المرواني علما أن صاحب هذا البحث تعرف على الاستاذ محمد المرواني باكرا ( منذ بداية ثمانينات القرن الماضي)، والحركة آنذاك سرية لا تكاد تعرف أو يظهر لها أثر في واقع بلدنا الحبيب.
وليس الهدف من هذا الكلام، كما قد يتبادر إلى الأذهان، إخراس ألسنة الطاعنين والمشككين ومحترفي التهجم ـ لا على المعتقلين الستة فقط ـ بل على كل الإسلاميين في مشارق الأرض ومغاربها.فأولئك الطاعنون يعادون الإسلاميين عدواة "أمريكية بوشية"(نسبة إلى السفاح بوش الإبن) ليس لها إلى طريق الحق سبيل.
وقد أضحى معروفا الآن أن من أولئك المشككين من يلقي بالكذبة، ثم لما لا يجد من يردها عليه، يصدقها موقنا أنها الحق ولا شيء غيره ! ولنشرع في الكلام عن الموضوع والله المستعان.
الحركة الإسلامية بالمغرب والتشيع: شيء من التاريخ
لفهم موضوع التشيع وعلاقته بالحركة الإسلامية ـ خاصة البديل الحضاري والحركة من أجل الأمة ـ يلزم، ولو بعجالة، الرجوع قليلا إلى الوراء.
عرفت فترة سبعينات القرن الماضي تكالب الاستكبار العالمي، ورأس حربته الولايات المتحدة الامريكية، على العالم الإسلامي. كما شهدت الفترة محاولة القضاء على قوى الممانعة فيه، وضمن تلك القوى الحركة الإسلامية. ولقد توجت تلك الحملة الاستكبارية بتوقيع معاهدة "كامب ديفيد" المشؤومة من طرف نظام محمد أنوار السادات، الرئيس المصري السابق، مع الكيان الاسرائيلي (يوم 17 شتنبر 1978). تلا ذلك التوقيع اعتقالات كبيرة في صفوف أبناء الحركة الإسلامية الذين لم يمر على خروجهم من السجون المصرية طويل عهد. فكانت الحركة الإسلامية آنذاك مثخنة بالجراح.
وفي غمرة الحرب على تلك الحركة، والعمل على تصفية قضية الأمة الأولى: قضية فلسطين، إذا بثورة يقودها رجل معمم بالسواد في بلد جعل منه حاكمه آنذاك كلب حراسة لمصالح أمريكا. ذلك البلد كان إيران. واستبشر الإسلاميون، أو كثيرون منهم على الصحيح، خيرا بتلك الثورة:
ـ فها هو شيخ يقود ثورة ضد "طاغية" من طغاة القرن: الشاه محمد رضا بهلوي، ويكنس نظامه إلى مزبلة التاريخ.
ـ وها هي ثورة تتحرك بالإسلام ولأجل الإسلام !
ـ بل ها هي الثورة، وهي تتحرك بالإسلام، تعادي أمريكا وتجعل منها "شيطانا أكبر" !
لكن مذهب الثورة شيعي !!
نعم، إن صانعي الثورة شيعة. لكن ما يضيرنا أن يكونوا كذلك؟ ! أو ليس الشيعة إخوة لنا في الدين؟ أو ليس التفريق بين السنة والشيعة "ضجة مفتعلة" (3)،افتعلها أعداء الأمة للتفريق بين أصحاب الدين الواحد المنزل من رب واحد سبحانه وتعالى؟
بلى !! إن الأمر كذلك !
هكذا آمن كثيرون من أبناء الحركة الإسلامية في العالم السني. وعلى أساس ذلك تصرفوا، وتنادوا إلى إحياء فكرة التقريب بين الشيعة وأهل السنة، في الوقت الذي كان فيه سنة إيران –ولازالوا- يعانون الأمرين، دون أن يتفطن لذلك إلا القليل. ولذلك بدأنا نسمع من كثير من الدعاة ومن علماء أهل السنة كلاما يشبه ما ردده دعاة التقريب من قبل، وذلك من قبيل : "لا خلاف بين أهل السنة والشيعة في شيء من أصول الايمان أو أركان الإسلام أو ما علم من الدين بالضرورة" (4)! بل ذكر أحد بيانات التنظيم الدولي للإخوان المسلمين أن الخميني "فخر للإسلام والمسلمين"! كما أن المجلات المحسوبة على الحركة الإسلامية السنية دعت إلى التقريب، ومنها ما بارك الثورة الإيرانية كما قال بعضهم: "إن ردود الأفعال التي أحدثتها حركة الخميني كان مبعثها أن حركة الخميني حركة إسلامية مائة بالمائة" (5)، بل واعتبر الخميني من المجددين! ومن ضمن تلك المجلات:
ـ مجلة"الرائد" الصادرة بألمانيا سنة 1978.
ـ مجلة "الدعوة" المصرية، التابعة للإخوان المسلمين (1978).
ـ مجلة "المعرفة" التونسية سنة 1979، وكانت تصدر عن حركة "الاتجاه الإسلامي" بقيادة راشد الغنوشي حفظه الله (6).
ـ مجلة "الرسالة" اللبنانية (1979).
ـ مجلة "الأمان" اللبنانية (1979).
ـ مجلة "الاعتصام" المصرية (1979).
واجتهد كثيرا صاحب مقال: "السنة والشيعة :ضجة مفتعلة" وأجهد نفسه –رحمه الله- في جمع أقوال كثيرة لعدة شخصيات علمية ودعوية سنية أمثال: فتحي يكن، وحسن الترابي، ومحمد عبد الرحمن خليفة (المراقب العام للإخوان المسلمين بالأردن آنذاك)، ويوسف العظم رحمه الله، وهوالشاعر الذي ألقى قصيدة دعا فيها – حسب صاحب المقال – إلى مبايعة الخميني، والشيخ محمد الغزالي الذي أورد له قوله من كتابه : "كيف نفهم الإسلام" : "عندما ندخل مجال الفقه المقارن ونعيش الشقة التي يحدثها الخلاف الفقهي بين رأي ورأي، أو بين تصحيح حديث وتضعيفه نجد أن المدى بين الشيعة والسنة كالذي بين المذهب الفقهي لأبي حنيفة والمذهب الفقهي لمالك أو الشافعي" (7).
كما يذكر أقوالا للشيخ سعيد حوى رحمه الله، وسالم البهنساوي، وأبي الحسن الندوي رحمه الله، وسميح عاطف الزين وصابر طعيمة... وهدف تلك الأقوال إظهار أنه – كما يقول مثلا صابر طعيمة في كتابه: " تحديات أمام العروبة والإسلام" – "ليس بين الشيعة والسنة من خلاف في الأصول العامة، فهم جميعا على التوحيد،وإنما الخلاف في الفروع... وهو خلاف يشبه ما بين مذاهب السنة نفسها (الشافعية والحنفية)، فهم يدينون بأصول الدين كما وردت في القرآن الكريم والسنة المطهرة"!! (8)، وأنه "من الحق أن السنة والشيعة هما مذهبان من مذاهب الإسلام يستمدان من كتاب الله وسنة رسوله"!!(9).
والمقال حافل بمثل هذه النصوص، وبأخبار عن جماعة التقريب بين السنة والشيعة وعن دور حسن البنا رحمه الله فيها في منتصف الأربعينات. بل يشير المقال إلى فتوى الشيخ محمود شلتوت رحمه الله – شيخ الأزهر آنذاك – بجواز التعبد بالمذهب الشيعي الجعفري: " إن مذهب الجعفرية المعروف بمذهب الشيعة الأمامية الإثنا عشرية مذهب يجوز التعبد به شرعا كسائر مذاهب أهل السنة" (10) ...
إن هذه المحاولات للتقريب لدى علماء ودعاة أهل السنة والجماعة أملاها " حسن نية أهل السنة وحرصهم على جمع الكلمة" (11)، ولسان الحال يردد : "كفانا تهارجا قتالا !وكفانا فرقة وتشرذما ! فالوحدة الوحدة ! والتضامن التضامن...! " .
وللحقيقة والتاريخ، فإن تيار التقريب هذا لم يكن تيارا عاما بين كل أبناء الحركة الإسلامية بالمغرب، ولكنه كان تيارا جارفا للكثيرين، ساهم في ذلك عداء أمريكا لنظام الآيات الناشئ.
ولم يخرج أبناء حركة "الاختيار الإسلامي، وهي سرية آنذاك، عن هذا التوجه.

الهوامش:
1- ينتمي إلى حزب التقدم والاشتراكية اليساري، وكان الحزب معروفا سابقا بالحزب الشيوعي المغربي.
2- جريدة "الشرق الاوسط" عدد 10692 بتاريخ 7 مارس 2008.
3- نشرت آنذاك مجلة "الطليعة الإسلامية" التي كان يصدرها المعهد الإسلامي في لندن، ملفا بعنوان: "الشيعة والسنة:ضجة مفتعلة"، وهو من إنجاز فتحي الشقاقي رحمه الله، الأمين العام السابق لحركة الجهاد الإسلامي في فلسطين، والملف منشور بالعدد صفر كانون الأول 1982.
4- دعوة التقريب من خلال "رسالة الإسلام" ص 70. وهي مقالات مختارة من مجلة (رسالة الإسلام) التي كانت تصدرها دار التقريب بالقاهرة. نقلا عن:" مسألة التقريب بين أهل السنة والشيعة" للدكتور ناصر بن عبد الله القفاري، ص1/08.
5- مجلة "الاعتصام"، عدد 05 السنة 42، ربيع الأول 1399.
6- نشرت هذه المجلة في عددها 09 في ذي الحجة 1399مقالا اعتبر المودودي وحسن البنا رحمهما الله، ثم الخميني، مجددين في القرن العشرين. وعنوان المقال:" قادة التجديد (البنا- الخميني- المودودي)".
7- مقال: "الشيعة والسنة: ضجة مفتعلة" السابق ذكره.
8- نفسه.
9- المقال نفسه. والأشخاص المذكورون لبعضهم كتب في نقد عقائد الشيعة، مثل سعيد حوى رحمه الله الذي كتب كتاب :" الخمينية: شذوذ في العقائد وشذوذ في المواقف"، وكذلك صابر طعيمة الذي له كتاب "الأصول العقدية للأمامية: دراسة نقدية لعقائد غلاة الشيعة" ... ويركز داخله على عقائد الخميني والاثنا عشرية بصفة خاصة.
10- الفتوى مذكورة بتمامها في : "ملحق الوثائق والنصوص" من كتاب "مسألة التقريب ..." للدكتور القفاري ص 2/309.
11- من افتتاحية مجلة "البيان" اللندنية، عدد 255، ذو العقدة 1429 /نوفمبر 2008 وعنوان الافتتاحية: "المشروع الإيراني وصرخة القرضاوي".

 




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !