منقول عن موقع "المبادرة بريس"
الثلاثاء 07-02-2012 06:23 مساء
تظهر من حين لآخر بعض الكتابات سواء في جرائد أو مجلات أو إشارات في كتب تتهم بعض التنظيمات الإسلامية بشبهة "التشيع" ،بل ان بعضها بالغ حتى وصلت به الجرأة إلى محاولة التأصيل لهذه "التهمة" عبر الإعتماد على "براهين" أقل ما يقال عنها أنها مضحكة ،وتأتي هذه السلسلة التي ينشرها موقع "المبادرة بريس" على حلقات للباحث الرصين الأستاذ حسن المعنقش لتفند كل هاته "الاتهامات" وترد بالدليل والبرهان على أن "الحركة من الأمة والبديل الحضاري" على مذهب أهل السنة كباقي المغاربة.
المبادرة بريس
حسن لمعنقش ـ المبادرة بريس
إشارة:
كُتِب هذا البحث والأستاذ محمد المرواني، ومعه مجموعة من أبناء الحركة الإسلامية، معتقلون في السجن. وكان الهدف منه –أي البحث- دحض تهمة التشيع عن "الحركة من أجل الأمة"، وهي تهمة رخيصة رددها أفراد من السلطة ببلدنا، ورددها بعدهم بعض "مرتزقة الفكر" كما ذكرت في البحث.
وبعد إطلاق سراح السياسيين الخمسة، والذين ستأتي أسماؤهم، صرفت نظري عن تقديم الكتاب للطبع. لكن عثرت أخيرا على تقرير ضخم بعنوان: "التشيع في إفريقيا (تقرير ميداني)" جاء فيه، حول التشيع في بلدنا المغرب، مايلي:
"أعاد القبض على رئيس حزب البديل الحضاري مصطفى المعتصم، وحل الحزب بعد القبض على مراسل قناة المنار اللبنانية التابعة لحزب الله في الرباط عبدالحفيظ السريتي، العديد من التساؤلات حول البعد الشيعي في الملف المغاربي، ووجود أجندة إيرانية قوية في بلاد المغرب العربي. وأكدت بعض الصحف الصادرة في المغرب وفرنسا انعقاد الكثير من اللقاءات التي جمعت شخصيات حزبية من حزب البديل الحضاري ومن حزب الحركة من أجل الأمة (1) بشخصيات من حزب الله اللبناني، وشخصيات إيرانية بين عامي 2004 و2007. وترتكز وجهة النظر السياسية على أن التحركات التي على أساسها تم اتهام تلك الأحزاب بالعمالة للأجانب، يقصد بها التواطؤ بشكل ما مع حزب الله وإيران عبر أخذ الدعم المالي منهما معا. وقال مراقبون للوضع السياسي المغربي: إن طلاب حزب البديل الحضاري عبروا عن خلفياتهم العقائدية المتأثرة بحزب الله تحت اسم: طلبة الميثاق وطلبة الجند، وكانوا يرفعون أعلام حزب الله اللبناني، وذلك حسبما جاء في كتاب (أركيولوجيا التشيع في المغرب) الذي كتبه منتصر حمادة"(2).
وقد كان من الممكن صرف النظر عن هذا الكلام لولا أنه جاء في تقرير خاص بـ "اتحاد علماء المسلمين". وما خطر ببالي مرة أن يردد تقرير له علاقة بالاتحاد بعض ما جاء في الرواية الرسمية الجائرة ضد ما سمي بخلية بليرج، بل يزيد عليها تهمة " التواطؤ بشكل ما مع حزب الله وإيران عبر أخذ الدعم المالي منهما معا"!! وأن يعتمد –فيما كتبه- على بعض ماسوده قلم صحفي تجنى على الحقيقة، خاصة في مجال الكتابة عن الحركة الإسلامية، وتحديدا مايتعلق باتهام الحركة من أجل الأمة بالتشيع.
ولقد أحزنني أن يُحْكم على أبناء "الحركة من أجل الأمة"، في تقرير خاص بالعلماء، بالتشيع المقيت، دون الرجوع إلى وثائق الحركتين المذكورتين عامة، و"الحركة من أجل الأمة" خاصة. في حين أن تلك الوثائق ناطقة بوضوح، كما سيأتي في البحث، بغير ماذكره الصحفي المذكور وغيره. ومع ذلك، فإن أبناء هذه الحركة سيبقون يحترمون علماء الأمة حفظهم الله، وسيبقون يقدرون جهودهم من خلال هيئتهم المباركة "اتحاد علماء المسلمين". وكيف لايحترمونهم وفيهم الشيخ الدكتور يوسف القرضاوي، والشيخ الدكتور علي محي الدين القرة داغي، والدكتور صلاح الدين سلطان الذي طالما أَفحَمتُ محترفي الهجوم على نصيب المرأة من الميراث بما جاء في بحثه القيم حول الموضوع (3)، والدكتور سلمان فهد العودة، والشيخان المجاهدان حارث الضاري وعلي محمد الصلابي، والدكتورة الفاضلة هبة عزت رؤوف... وغيرهم حفظهم الله وأبقاهم ذخرا للإسلام والمسلمين؟ وقد كتبت مرة في مدونة لي، ردا على أحد المثقفين ممن شتم العلماء شتما قبيحا:
" ...ولماذا ينسى مثقفنا الكثير من المثقفين الذين أصبحت الرائحة النتنة لممالأتهم للقذافي ، ومن زمان، تفوح الآن، وقد كانوا يملأون حساباتهم بدولارات قذافية، في وقت كان نظام مجنون ليبيا يذبح العلماء: الشيخ محمد البشتي الذي قتل في غابة بطريقة بشعة ولا زال قبره غير معروف، والشيخ عمرو النامي الذي قتل، وهو الذي أسلم على يديه الآلاف في أفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية، والشيخ المبروك المدهون الذي قطع جسده إربا إربا وأُلقي به في القمامة، والشيخ الطمزيني، والشيخ محمد حفاف...وغيرهم رحمهم الله؟
لماذا ينسى مثقفنا كل هذا، ويتم تمييع المعركة بالهجوم على علماء الأمة المساندين للثورة، مع أن حذاء عالم مجاهد أشرف آلاف المرات من حاكم عميل ماسوني متصهين، يقتل شعبه دون أن يميز بين شيخ كبير وامرأة ورضيع... ؟ ووالله لو قعد العالم عن مساندة الثورة لقيل: انظروا العلماء كيف ينوّمون الشعب ويمارسون تخديره "بمهامهم الانبطاحية للشعب باسم الدين"! ولو ناصرها لقيل: إنهم يريدون "الركوب" على الثورة واستغلالها! ولو اشتغلوا بالسياسة لقيل: "توظيف للدين في السياسة"! ولو تركوها لقيل: "انزواء عن قضايا الأمة"!
ويحدث للإسلاميين مايحدث للعلماء حذو القذة بالقذة: فلو ابتعد الإسلاميون عن المشاركة في الثورة، لسلقتهم بأقذع النعوت ألسنة استئصالية حداد أشحة على الخير! ولو شاركوا فيها لقيل: إنهم يمتطون متنها لقطف ثمراتها!
هكذا هو منهج مثل هؤلاء: يواجهون دين الأمة وعلماءها ودعاتها بالقضية ونقيضها كما قال الأستاذ منير شفيق حفظه الله. مما يشي بأن المطلوب رأس الإسلام ، أساس المقاومة الداخلية لدى المسلمين.
فياهؤلاء: حددوا موقفكم الصريح من دين الأمة، فإن الرقص على الحبال لايجيده إلا الحواة. وكم أفسد الثقافة حواتها!"(4).
لقد كان إذن ماجاء في التقرير المذكور أعلاه مشجعا لي على أن أعيد النظر في امتناعي عن تقديم هذا البحث للقراء. وإذ أفعل الآن، فإني أقدمه كما كتب بداية دون أي تغيير أو تعديل، عساه يساهم في دفع تهمة التشيع الباطلة عن مجموعة من أبناء الحركة الإسلامية.
والله من وراء القصد.
الهوامش:
1-الحركة من أجل الأمة جمعية وليست حزبا سياسيا، وربما قصد التقرير "حزب الأمة" الذي تم حظره، والذي يشكل أبناء الحركة من أجل الأمة قاعدته الأساسية.
2-التشيع في إفريقيا ، ص 710. وفي التقرير المتعلق بالمغرب بعض الهنات، من غيرعلاقة الحركة من أجل الأمة بالتشيع، لعل منها التمييز بين إدريس هاني وبين إدريس الحسيني، مع أنهما شخص واحد. ومن تلك الهنات أيضا الإيحاء بأن ردود الفعل الرسمية كانت ضد التشيع، مع أن المعلوم أن ردود الفعل تلك هي غالبا ضد أبناء الحركة الإسلامية، وهم لم يكونوا إلا سنيين مالكيين. ويشهد على ذلك الاعتقالات الكثيرة والأحكام الجائرة ضد مجموعة كبيرة منهم، في حين لانجد مثل تلك الاعتقالات –بله الأحكام- ضد المتشيعين. إن هذا لايعني دعوة لاعتقال المتشيعين، لكن ليكن التعامل بالمساواة بين كل المواطنين.
3-المقصود البحث القيم الذي صدر في جزأين: الأول حول "ميراث المرأة وقضية المساواة"، والثاني حول " نفقة المرأة وقضية المساواة"، وقد طبعا أخيرا في كتاب واحد بعنوان "امتياز المرأة على الرجل في الميراث والنفقة".
4-من مقال:"لحوم العلماء..."، منشور بمدونة "الالتزام" على الرابط:
hassanla.maktoobblog.com
والمقصود بالثورة ثورة الشباب العربي بمصر وليبيا وتونس واليمن وسوريا وغيرها.
التعليقات (0)