كلّما تزداد فرص الإتفاق النووي بين الحكومة الإيرانية التي يترأسها حسن روحاني والمجموعة الدولية حول البرنامج النووي كلّما تزداد الإنتقادات والتهديدات لروحاني وحلفاءه الإصلاحيين والمعتدلين سواء مسؤولين إيرانيين حاليين أو مسؤولين إصلاحيين سابقين من قبل مؤسسات تابعة للحرس الثوري. كان أخرها الهجوم الشرس الذي يتعرض له الرئيس الإيراني الأسبق محمد خاتمي وذلك بسبب تأييده المستميت لحكومة الرئيس المعتدل حسن روحاني. لكن لماذا تخشى مؤسسة الحرس الثوري من أي إتفاق نووي؟! ألا يصبّ الإتفاق النووي لصالح البلاد كونه قد يساعد على رفع العقوبات والإنفتاح النسبي في العلاقات الإيرانية مع الدول الأجنبية؟! سؤال وجيه يحتاج الى معرفة طبيعة الحرس الثوري وماهية خططه ومشاريعه الداخلية.
اليوم ينظر للحرس الثوري من قبل الإيرانيين على أنه مؤسسة ربحية ضخمة أو دولة في دولة . تمتلك هذه المؤسسة الكثير من الشركات العملاقة والعاملة في قطاعات الصناعة والتنقيب عن النفط والزراعة والصادرات والإستيراد وغيرها من النشاطات المصرفية ولا نغفل الإتهامات الموجهة للحرس بعمليات غسيل الأموال1 و تصدير الأسلحة والمخدرات لخارج البلاد.2
وبعد الإنجازات التي باتت تحصل عليها الحكومة الحالية برئاسة روحاني في مجال التوصل لاتفاق نووي يقضي برفع العقوبات الإقتصادية تتزايد نسبة المعارضة التي يبديها قادة الحرس ومؤيديهم و مؤسساتهم الإعلامية ضد المساعي الحثيثة التي تبذل من أجل بلوغ هذه الغاية. والحرس يتذرع بحجج أنّ الإتفاق لا يفي بالأهداف الوطنية لكن ما مدى صحة هذا الإدعاء؟ . إنّ الذرائع التي يصيغها قادة الحرس بالواقع غير منطقية لأنّ الحرس قام بكثير من الأعمال التي تتعارض مع الأمن القومي للبلاد. فما يعني مساندة الحكومة السورية التي يترأسها بشار الأسد ومدّ المتطرفين في الشرق الأوسط بالمال والسللاح في حين أنّ الشعب الإيراني بحاجة ضروريىة لمثل هذه الأموال وتدريب ملشيات من قبل فيلق القدس التابع للحرس ألا يهدر ثروة البلاد!. هل هذا الأمر خدمة للمشروع الوطني أم أنه يزيد الإحتقانات و يضاعف أعداء إيران في البلد وبل ويوحدهم ضد هذا النظام.
إذن بات من الواضح أنّ معارضة الحرس الثوري للإتفاق النووي هي عبارة عن قلق يشعر به الحرس من أنّ أي إتفاق نووي قد يحرم هذه المؤسسة من ريع ماتدرّه تجارتهم بسبب العقوبات الإقتصادية المفروضة وإنّ أي اتفاق نووي سوف يعرّض سوقهم الى كساد حقيقي بسبب رداءة المنتجات الصناعية التي يستخدمها الحرس في التصنيع والتي يستوردها من روسيا والصين وكوريا الشمالية وكلها دول تعرف بأنّها غير جديرة بتلبية الإحتياجات الصناعة الإيرانية وهذه في الحقيقة الدواع الرئيسية لمعارضة الحرس الثوري لأنّ أي إتفاق نووي قد يبعدهم عن السوق والمصدرالمالي المغري الذي يتنعّمون به طيلة العقود الماضية. لكن يستطيع المرشد من تقليص معارضتهم عبر بفتوى تجيز وتحلل الإتفاق النووي مع الغرب لو رأى أنّ النظام يشعر بحاجة ماسة لمثل هذا الإتفاق عندها سوف لن نسمع للحرس أي معارضة وسوف يعودون الى ثكناتهم دون أن يتسببوا بأي صداع للحكومة.
1- http://www.alarabiya.net/articles/2011/03/24/142846.htm
2- http://alrased.net/main/articles.aspx?selected_article_no=6507
التعليقات (0)