الحرب الفاصلة...
بقلم/ حسام الدجني
حراك سياسي، ومؤشرات تلوح بالأفق حول حرب قادمة، أطرافها معلومة، ونتائجها قبل أن تبدأ أصبحت شبه محسومة، وأهمها تغيير ملامح خريطة الشرق الأوسط السياسية، لذلك هي حرب فاصلة.
لعل زيارة الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد إلى دمشق، ولقائه بالرئيس السوري بشار الأسد، والسيد حسن نصر الله زعيم حزب الله اللبناني، وقادة الفصائل الفلسطينية، تندرج ضمن مؤشرات الحرب، على الرغم من أن هذه اللقاءات تعقد بشكل دوري، ولكن الجديد في هذا اللقاء ما يلي:
1- الظهور العلني للسيد حسن نصر الله مع الرئيس الأسد ونجاد له دلالات سياسية وعسكرية، كون الأطراف الثلاثة يتقاطعون في تهديدهم العلني لإسرائيل في حال أقدمت الأخيرة على ارتكاب أي حماقة ضد أي من الحلف الاستراتيجي.
2- ما جاء في المؤتمر الصحفي بين نجاد والأسد فيما يتعلق بوزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون، حيث تحدث الرئيس بشار الأسد بجرأة لم يعهدها العالم العربي والإسلامي من زعيم وقائد عن علاقاته بإيران، ورفضه التدخل الأمريكي بسياسة بلاده، بينما ذهب نجاد إلى وصف كلينتون بأم العروس.
3- الهدوء في المنطقة هو هدوء ما قبل العاصفة، سواء كان ذلك على جبهة قطاع غزة،أو لبنان.
4- يأتي اللقاء بعد أسابيع من إعلان نجاد على قدرة إيران على تخصيب اليورانيوم بنسبة 20%، وحسب الخبراء فإن إيران تستطيع أن تخصب اليورانيوم بنسبة 80-90% خلال ستة أشهر، وبذلك تمتلك رأس نووي.
5- فشل كل المحاولات الرامية إلى ضرب مشروع إيران النووي، سواء كان من الداخل، أو عبر محاولات تصفية علماء الذرة، أو من خلال العقوبات.
6- يتزامن مع جولة وزير الدفاع الإسرائيلي ايهود باراك إلى الولايات المتحدة ولقائه بوزير الدفاع الأمريكي.
7- زيارة هيلاري كلينتون ورئيس هيئة الأركان الأمريكي إلى المنطقة تأتي ضمن مؤشرات الحرب.
8- فشل المصالحة الفلسطينية قد تندرج ضمن رغبة بعض الأطراف إلى الانتظار والتريث إلى حين إعادة تشكيل الخريطة السياسية الجديدة للشرق الأوسط.
9- سباق التسلح الغير مسبوق في منطقة الشرق الأوسط مؤشر من مؤشرات الحرب.
10- اغتيال الموساد الإسرائيلي للقائد العسكري محمود المبحوح، وحسب بعض التسريبات الإعلامية هي لضرب الدعم اللوجستي لحركة حماس.
أعتقد أن مؤشرات اندلاع حرب فاصلة هي كافية بين منهج المقاومة والذي تمثله سوريا وإيران وحزب الله وفصائل المقاومة الفلسطينية، وبين الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل وبعض الأطراف الإقليمية التي قد تتقاطع أهدافها مع ذلك.
هي حرب فاصلة بمعنى الكلمة، لأن الخصوم أقوياء، وكل طرف يمتلك أوراق وعناصر قوة من الناحية الجيواستراتيجية والعسكرية والاقتصادية والسياسية، واليوم المعركة سيكون المعيار الأقوى لتحديد المنتصر فيها هي عامل الصمود، وستكون الصواريخ هي السمة الأبرز للمعركة، وهنا نطرح سؤالاً: كم تبلغ قوة الاحتمال عند الجانب الإسرائيلي في حال اندلعت الحرب الإقليمية؟
حزب الله يمتلك أكثر من 40 ألف صاروخ،المقاومة الفلسطينية تمتلك قذائف محلية ولكنها تزعج الجبهة الداخلية في جنوب إسرائيل، وقد تنجح في ضرب العمق الصهيوني عبر عمليات استشهادية تنطلق من الضفة الغربية أو من أي مكان آخر، سوريا اليوم تمتلك صواريخ بعيدة المدى وقوية التأثير، وإيران وما أدراك ما إيران ومنظومة صواريخ شهاب، هذا ما هو معلوم لدى الجهات الإعلامية، وقد تكون المفاجآت أكبر من التوقعات.
هل تحتمل إسرائيل حرب من هذا النوع، من يدرس طبيعة المجتمع الإسرائيلي ونظامه السياسي يجزم أن إسرائيل لم تحتمل أن تعيش في مثل هكذا أجواء أكثر من ثلاث أيام فقط.
أما الغرب وعلى رأسه الولايات المتحدة، فهو مأزوم من دون حرب، فماذا لو اشتعلت الحرب، هل يحتمل اقتصاده إغلاق مضيق هرمز؟ وهل يحتمل الغرب ارتفاع أسعار النفط؟ وكذلك ضرب بوارجه وقواعده في الخليج؟ وهل يحتمل الثورة الشعبية الكامنه في الأمة العربية والإسلامية؟ وهل يحتمل انضمام الشيعة الموالين لطهران إلى القتال ضد الأمريكان في العراق، والسنة في أفغانستان وباكستان وفي كل بقاع المعمورة لضرب المصالح الأمريكية والغربية في المنطقة؟ كثيرة هي أوراق القوة عند محور الممانعة، ولعل ورقة العقيدة والإيمان هي أكبير ورقة تمتلكها، وقد نجد وحدة إسلامية تضم كل الحركات الإسلامية من تنظيم القاعدة وحتى الإخوان المسلمون لينضموا إلى الحرب الفاصلة، نتوقع أن تكون نتائجها مؤلمة، ومؤثرة على خريطة الشرق الأوسط، ولا أحد يستطيع التنبؤ بنتائجها.
أما الطرف الآخر (الولايات المتحدة وإسرائيل) فلهم حلفاؤهم في المنطقة، وقد تعمل بعض الأنظمة العربية إلى تقديم الدعم اللوجستي والاستخباراتي،لضرب محور الممانعة في المنطقة، لأن انتصار هذا المحور فيه تهديد مباشر على عروش بعض الزعماء والقادة العرب، لذلك قد تكون هذه الحرب هي حرب لا حدود لها، وقد يكون لتداعياتها تأثير على النظام الدولي، وعلى بروز قوى جديدة في المنطقة، ولعل من أهم تداعيات هكذا حرب مفترضة في المنطقة هو تدمير المقومات الاقتصادية والسياسية والبشرية للشرق الأوسط.
حسام الدجني
كاتب وباحث فلسطيني
Hossam555@hotmail.com
التعليقات (0)