نعم انها حرب أخطر من العدوان الثلاثي على مصر عام 1956م، ومن نكسة حزيران عام 1967م، ومن حرب أكتوبر عام 1973م، رغم تداعياتهما السياسية والاقتصادية والعسكرية على المنطقة، الا أنهما حروباً مباشرة بين جيوش نظامية وفي بقعة جغرافية محددة.
لكن إسرائيل اليوم تلعب مع مصر لعبة حقيرة، وحرباً خفية، وتحاربها بالوكالة، فهي في العلن دولة صديقة لمصر، وللنظام الحاكم فيها، تقيم معها علاقات دبلوماسية، ومعاهدات سلمية (كامب ديفيد 1978م)، وبالأمس القريب جلس رئيس وزرائها بنيامين نتانياهو في كنفها، وشرب من نيلها.
إنها الحرب الاسرائيلية على مصر، والتي تدور رحاها منذ سنوات، واليوم تتكشف بعض من فصولها، لا تقوم بها حمامة السلام في الشرق الاوسط (اسرائيل)، وانما وكلائها دول منبع نهر النيل، وأبرزهم أثيوبيا وتنزانيا.
نعم إنها حرب المياه، مياه نهر النيل، والذي يشكل شريان حياة لثمانين مليون مصري، فاسرائيل تضغط على مصر، من خلال قيامها بمشاريع مائية واستثمارات اقتصادية في دول المنبع، وحسب صحيفة المصريون المصرية فإن الحكومة الإسرائيلية وافقت على تقديم منح مالية لكل من تنزانيا ورواندا وإثيوبيا لإقامة عدد من السدود على نهر النيل، كما قررت زيادة الاستثمار في أوغندا والكونغو في إطار مساعيها الرامية لزيادة النفوذ الإسرائيلي بين دول حوض النيل.
وبالفعل بدأت تنزانيا في تشييد سد على نهر النيل تتولى تنفيذه إحدى الشركات التابعة للجيش الإسرائيلي، والتي قامت بتصميم الإنشاءات، حيث خصصت الخارجية الإسرائيلية 20 مليون دولار لإنشاء هذا السد.
وبذلك تحقق اسرائيل ثلاث أهداف:
1- زيادة نفوذها في الدول الأفريقية.
2- التأثير على السياسة الخارجية المصرية.
3- الحفاظ على الأمن المائي الاسرائيلي من خلال تصدير مياه النيل عبر سفن مخصصة لذلك الى دولة اسرائيل.
يبلغ نصيب مصر من مياه نهر النيل حسب اتفاقية نهر النيل الموقعة عام 1929م، وأبرمتها بريطانيا بصفتها الدولة المستعمرة، 55.5 مليار متر مكعب، مع العلم أن تعداد سكان مصر عام 1929م بلغ 20 مليون نسمة، بينما اليوم يبلغ تعداد سكان مصر 80 مليون نسمة تقريباً!!!
أضف الى ذلك الدعم العسكري الهائل الذي تحصل عليه دول منبع نهر النيل من الولايات المتحدة واسرائيل، خوفاً من أي عمل عسكري محتمل قد تقوم به مصر ضد أي مشاريع مائية مخالفة لاتفاقية نهر النيل.
لا يوجد تهديد للأمن القومي المصري أخطر من التهديد الاسرائيلي، فالعبث في شرايين الحياة للمصريين هو الخطر الداهم على مصر، فهل سترضخ مصر لذلك، أم سنشهد خطوات عملية تكون كل الخيارات مفتوحة من أجل الحفاظ على مياه نهر النيل.
وهل التهديد والحرب التي تتعرض لها مصر هي تخص المصريين فقط؟ أعتقد أن على الجامعة العربية والدول الاسلامية أن تقف موقف جاد وحازم مع القيادة المصرية لمواجهة التحديات والغطرسة الاسرائيلية في المنطقة.
أيضاً على القيادة المصرية استثمار ورقة المقاومة الفلسطينية ودعمها بكل الوسائل، من أجل الضغط على تل أبيب، لوقف سياساتها التوسعية في المنطقة.
Hossam555@hotmail.com
التعليقات (0)