الحرب الإسرائيلية القادمة متى وأين....
بقلم/ حسام الدجني
وصلتني مساء اليوم الأحد رسالة مفادها أن "الجبهة الداخلية الإسرائيلية تخلي بعض المستشفيات بشكل مفاجئ"، مصدر الرسالة موثوق، ولكن أسباب الإخلاء غير معروفة، فهل المؤشرات العامة في دولة الاحتلال تؤكد سيناريوهات الحرب؟ وهل هناك موعد محدد؟ ومع من هذه الحرب؟.
مؤشرات تؤكد أن إسرائيل قادمة على حرب منها:
1- طبيعة وثقافة المجتمع الصهيوني، حيث أصبحت ثقافة القتل والاحتلال سمة تميز هذا المجتمع وتدعم بقائه ووحدته كونه يتكون من قوميات وثقافات مختلفة.
2- جونيبر كوبرا اسم المناورة الإسرائيلية الأمريكية المشتركة والتي تهدف إلى تعزيز قدرات إسرائيل الدفاعية خوفاً من صواريخ إيرانية أو أي تهديد خارجي محتمل.
3- أنجيلا ميركل تصرح أمام الكونغرس الأمريكي: أمن إسرائيل لم يكن أبدا بالنسبة لها مسألة قابلة للتفاوض، وقالت من يهدد إسرائيل يهددنا نحن أيضا، في رسالة إلى إيران وحلفائها في المنطقة، ودعم للكيان الصهيوني.
4- رئيس الاستخبارات الإسرائيلية ,عاموس يدلين, يزعم أن حركة حماس قامت قبل عدة أيام بتجربة ناجحة على صاروخ إيراني يصل مداه إلى 60 كلم ويستطيع أن يصل إلى تل أبيب، ويندرج هذا التصريح ضمن استراتيجية تنتهجها قوات الاحتلال من أجل خلق مبررات أمام المجتمع الدولي، وأمام حلفاء إسرائيل بضرورة ضرب حماس.
5- تكثيف نشاط قوات الكوماندوز الإسرائيلية في عرض البحر وعملية القرصنة التي أسفرت عن السيطرة على سفينة تزعم إسرائيل أنها إيرانية ومحملة بالأسلحة، هي أيضا تندرج ضمن الاستعدادات الأخيرة للحرب.
6- طبيعة الائتلاف الحاكم في إسرائيل يوحي بأن هذه الحكومة هي حكومة متطرفة وبعيدة كل البعد عن عملية السلام والتي أعلن وفاتها الرئيس محمود عباس قبل ثلاث أيام.
7- موقف إسرائيل من سيناريو الصفقة الشاملة مع إيران قد يدفع إسرائيل إلى توجيه ضربة عسكرية إلى إيران.
8- فشل عملية السلام يطرح البديل الآخر في التعاطي مع المعطيات الجديدة في المنطقة (المقاومة).
9- تمرير تقرير غولدستون في الجمعية العامة للأمم المتحدة قد يدفع إسرائيل إلى صناعة أزمات جديدة في المنطقة لحرف الأنظار عن تداعيات التقرير.
10- رغبة إسرائيل في الثأر من حزب الله بعد انتصار تموز عام 2006 وتقرير لجنة فينوغراد، وإعادة الثقة لجنوده وصناعاته العسكرية، فبعد تفجير المركاباه 4 الأكثر تحصينا، أدخل الآن مدرعات أكثر تحصيناً ومزودة بتقنيات تكنولوجية حديثة.
وهناك العديد من المؤشرات على صعيد الجبهة الداخلية الإسرائيلية وتهيئة الرأي العام الإسرائيلي بذلك، وعلى صعيد المتغيرات الإقليمية والدولية.
أما بخصوص موعد هذه الحرب فلا أحد يستطيع التكهن بموعد ساعة الصفر لأن مثل هكذا أمور تتم في الغرف المغلقة، ولكن نستطيع ضمن المؤشرات السابقة ان نتوقع أن هناك حرباً تلوح في الأفق، وستكون حرباً فاصلة، حيث المناخ العام في الوقت الراهن يدعم قيام الحرب، فالولايات المتحدة منهمكة في ملفات أفغانستان والعراق والأزمة الاقتصادية وغير ذلك من الملفات، والشرق الأوسط أصبحت منطقة ملتهبة، فاليمن والسعودية منشغلون في معالجة أزمة الحوثيين، والعلاقات الملتبسة بين المذهبين السنة والشيعة، احتلال إيران للجزر الإماراتية الثلاثة وتداعيات ذلك على أمن المنطقة برمتها, السودان وأزمة دارفور، فلسطين والانقسام بين الضفة المحتلة وقطاع غزة، ولبنان وتشكيل حكومته، وعلاقات دول الخليج العربي الملتبسة مع إيران، وملف أفغانستان والعراق وأزمة الأقليات، ومياه نهر النيل، والفقر ، والتفكك والتشرذم والضعف العربي، وغياب الديمقراطية، والتبعية السياسية والاقتصادية للولايات المتحدة والنظام الرأسمالي.
قادة إسرائيل على قناعة تامة أن الحرب قادمة لا محالة، ولكن من أين ستبدأ؟ الهدف الرئيس ضرب مشروع المقاومة... والحفاظ على توازن القوة في منطقة الشرق الأوسط، فإسرائيل هي أقوى دولة من حيث القوة العسكرية والاقتصادية في الشرق الأوسط، المشروع النووي الإيراني هو الهدف الأكبر، ولكن سيناريوهات ضرب إيران قد يفتح جبهات أخرى وهذا متوقع، فحزب الله الحليف الاستراتيجي لإيران، والابن المدلل لها لن يقف ساكناً في حال توجيه ضربة لإيران، وقد تمثل صواريخ حزب الله خطورة على امن إسرائيل أكثر من الصواريخ الإيرانية نفسها، لأن الجغرافيا تكون لاعباً في هكذا أمور.
حركة المقاومة الإسلامية حماس ومعها فصائل المقاومة هم حلفاء سياسيون لطهران تتقاطع رؤيتهم معها في ضرب المشروع الصهيوني في المنطقة، ويتلقون دعماً إيرانيا سخياً لتحقيق ذلك، وذلك بعد أن عجز النظام الرسمي العربي من ملئ هذا الفراغ في المنطقة، ولكن حماس قد لا تغامر في الدخول في حرب قد تكون هي من أكبر الخاسرين فيها، كون طبيعة المنطقة الجغرافية التي تسيطر عليها حماس (قطاع غزة)، والحصار المفروض على القطاع منذ ثلاث سنوات وأكثر.
ولكن هنا ينبغي العمل مع جميع الأطراف في المنطقة على الإسراع في إبرام مشروع المصالحة الذي ترعاه مصر، وتوحيد الجهود العربية والإسلامية من خلال رؤية واستراتيجية موحدة للمرحلة المقبلة لان الحالة الفلسطينية بشكلها الحالي تمر في مأزق ومنعطف خطير، قد يفتح شهية إسرائيل على توجيه ضربة لقطاع غزة ولمشروع الدولة الفلسطينية المستقلة.
مما سبق من الممكن التوقع ان إسرائيل قد تبدأ الحرب على جنوب لبنان من خلال توجيه ضربة عسكرية لحزب الله، وقد تشير المعطيات في الساحة اللبنانية ان حزب الله يستعد لـ هكذا سيناريو، ويأتي التوافق اللبناني على تشكيل حكومة وحدة وطنية ضمن هذا الاستعداد لان الحزب يحتاج إلى شرعية سياسية وهو يقاتل إسرائيل، لان ذلك سيخدمه في إدارة صراعه مع دولة الاحتلال.
وأعتقد ان غزة قد تكون بعيدة عن حرب إسرائيلية مقبلة في هذه المرحلة ولكن أيضاً هناك تخوفاً لدى فصائل المقاومة من تفكك وضرب محور الممانعة والتي هي جزء رئيس ضمن هذا المحور، وتخشى أن تأكل كما أكل الثور الأبيض، فضرب إيران وحزب الله هو ضرب لسوريا وحماس والجهاد، ولكن الاستراتيجية العربية الموحدة هي التي من المفترض أن تجيب على هكذا سيناريوهات وان تكون جاهزة وتعرف ماذا تريد؟ وماذا ممكن أن تفعل في حال اشتعلت الحرب والتي لا أحد يتمناها.
حســام الدجنــي
كاتب وباحث فلسطيني
HOSSAM555@HOTMAIL.COM
التعليقات (0)