الآن وبعد أن أصبحت التعديلات الدستورية بين يدي مجلس الرفاعي ، نستطيع القول بأن النظام في الأردن قد استفاد من دروس الثورات العربية ، وهذا الحال قد لا ينطبق على القوى الوطنية النخبوية التي تحاول العمل بأساليبها القديمة مع محاولة الظهور بصورة جديدة تعتقد بأنها تتلاءم مع المرحلة الحالية ،بما يتمثل بالأساس بتبني شعبوية الجماهير كأساس للعمل .
نجحت ثورات الشعوب العربية في كل من مصر وتونس لأن شعوب تلك الدول شاركت بشكل فاعل في الحراك وتجاوزت النخب التي أثبتت عدم جاهزيتها للثورة ، وحالة عدم الجاهزية المشار إليها برزت في مرحلة ما بعد الثورة في كل من مصر وتونس وخلال الثورة كما هو الحال في سوريا حاليا.ويمكن الإشارة في هذا السياق إلى فشل النخب في ترويج أيديولوجيتها لدى قطاعات الشعب بينما نجحت شعبوية الجماهير في التحول إلى أيديولوجيا لدى بعض النخب والأحزاب ، التي تبنت خطابا لا يملك رؤية البناء . والمشكلة في التوجه المشار إليه هي أن إسقاط الدكتاتور ، والذي لا يعني بالضرورة تحقق الديمقراطية، أسهل من إنشاء الديمقراطية كما هو الحال بالنسبة للبناء والهدم ، وهذا ما أثبتته الثورات العربية التي حققت أهدافها الأولية المتمثلة بإسقاط الدكتاتور (الهدم) وقد تحتاج إلى فترة زمنية طويلة حتى تحقق الديمقراطية (البناء).
في الأردن ، يمكن وصف الحراك حاليا بأنه حراك نخبوي وحزبي ، حيث يتم التخطيط للفعاليات في الغرف والصالونات المغلقة أو في مقرات الأحزاب، ولم تشهد البلاد فعاليات عفوية شعبية : ولكن هناك محاولات لإضفاء الصفة الشعبية الوهمية على تلك الفعاليات عبر تحييد الرايات الحزبية أو عبر عدم الالتزام بقانون الاجتماعات العامة بعد تعديله .وينطبق ذلك على غالبية الحالات التي تكون الفعاليات منظمة عبر الأحزاب التي تطالب بالتحول إلى دولة القانون ، بينما لا تلتزم بالقانون في بعض الحالات مما يظهر محاولتها لإضفاء صفة الشعبية على فعالياتها ، وإن كان ذلك عبر تبني الجوانب السلبية للشعوبية، وهذا الحال لا يمكن تبريره بينما يعلم الجميع بأن تلك الفعاليات ليست عفوية .
قد يكون السبب الذي يقف خلف عدم التزام الجهات المنظمة للفعاليات بالقانون هو محاولة إيصال رسالة تتعلق بموقف تلك الجهات من شرعية النظام، بالإضافة إلى إضفاء الصفة الشعبية على الفعاليات غير الشعبية . ولكن يتوجب على تلك الجهات فهم السياق الأردني الذي قد لا يتطلب الهدم والتغيير بل مجرد البناء والإصلاح.
www.gerasanews.com/index.php
التعليقات (0)