الحدود والعلاقات الدولية:-
لتشابك المصالح وتعقدها بين الدول وتنامي الأطماع و التوسعية في فترة الاستعمار ،رسمت خطوط الحدود وظهرت كيانات سياسية لم تكن قائمة كما انه أدمجت وحدات قائمة مما مهد هذا لكثير من الصراعات والأزمات، ونجد الحدود كانت احدي العوامل في التقارب والتباعد بين الدول بل إن اغلب الصراعات كانت حول مناطق او مناطق بها موارد او لميزة عسكرية وأمنية او تاريخية لمدينة ومنطقة. وفي المقابل إن هناك إهمال للمناطق القفر والخالية من السكان والموارد، لذلك نشأت عدة نظريات تفسر الأطماع في الاستيلاء علي مناطق وتقدم تبريرات سياسية وهي نظريات لا تمت إلي القانون بصلة بل هي نظريات سياسية بالأساس، ومن أبرزها
1/ نظرية الحدود الطبيعية:-
ونجد إن الدول الأوربية تبنت فكرة الحدود الطبيعية في ترسيمها حدودها فيما بينها ، فنجد إن أسبانيا دائما تجعل جبال البرنس حاجز طبيعي وحدود سياسية مع فرنسا والفرنسيين طوال عهدهم جعلوا نهر الراين حدودا سياسية مع ألمانيا والروس اعتبروا إن حدودهم الطبيعية لا تتوقف إلا في بحر اليابان ، بل إن ترسيم الحدود في أفريقيا اخذ فيه هذه النظرية في إن الحدود بين السودان وإثيوبيا هو نهاية الهضبة الإثيوبية فالسهول اعتبرت أراضي سودانية والمرتفعات أراضي إثيوبية .
وما يمكن أن يؤخذ علي نظرية الحدود الطبيعية أنها لا تتفق مع طبيعة البشر أنفسهم ، فلا يمكن القبول بان الممرات المائية والمرتفعات هي أساس لتقسيم النشر ونجد إن الحدود بهذا التوصيف تقضي بتقسيم المجموعات المتجاورة والشعوب ، وقد عرف عن تحرك السكان بان الحواجز الطبيعية لم تكن يوما عائقا علي اتصال البشر وتحركهم ن بل إن هذه الموانع التي تشكل حدود دولية نفسها اليوم قائمة في داخل الوحدة السياسية الواحدة.
2/ نظرية الحدود الاستراتيجية :
وهي تعني التوسع في الأراضي والتخوم (المناطق الطرفية) لضمان امن الدولة القومي وان كان هناك تياران في نظرية الحدود الاستراتيجية للدولة وهما:
التيار الأول القائم علي والانتشار عبر مد النفوذ من دون يحرك قوة للاحتلال وظهر هذا النموذج في التوسع الاشتراكي الذي وسع من نفوذ الاتحاد السوفيتي الذي كان يحلم بالوصول إلي المياه الدافئة فقط تطور نفوذه إلي أمريكا الجنوبية وأفريقيا وجنوب شرق أسيا ، لذلك اتسعت مناطق نفوذه الاستراتيجية ، وتأسيسا علي ذلك نجد نفوذ الدولة الاقتصادي والعسكري والفكري يسمحان لها بان تكون لها تخوم استراتيجية أو حرم منيع يقيها شر الحرب والعزلة الاقتصادية
التيار الثاني والقائم علي مناطق القوة بان الدولة كلما توسعت فتوحاتها كلما ضمنت لنفسها الأمن وأيضا نلاحظ إن الاتحاد السوفيتي في فترة بناءه كدولة عظمي قد احتل بل وابتلع العديد من الدول وأضافها إلي مناطق نفوذهن وكذلك توسع نابليون بونابرت في قارة أوربا و قارة أفريقيا .
ويمكننا الجزم بان محاولات إقرار النظام الواحد القائم علي تنميط العالم بالنمط الغربي الأمريكي (العولمة) ماهي إلا محاولة أمريكية لتوسيع حدودها العسكرية والسياسية أصبحت الحدود والسيادة من المفردات التي عفت عنها عولمة السياسة الدولية .
3/ نظرية الحدود القومية
وهي النظرية القائمة علي إن كل دولة لها سيادة علي أراضيها وشعبها الذين يشكلوا دولة قومية ويكون السياج الكبير المميز للدولة والذي يحدد نطاقها الحيوي هو الحدود. ولكن مفهوم القومية نفسه تعرض إلي كثير من المغالطات اثر خروج مجموعات من الكل القومي الواحد وتأثير رسم الحدود الذي ربط مجموعات متنافرة كما في كثير من دول أوربا (يوغسلافيا) والدول الأفريقية التي تعج بالأمثلة من هذا السياق فدول مثل الصومال تعرضت للتمزق وأخري علي حافة الانهيار.
النزاعات الحدودية :-
لم تستطيع كل النظريات السياسية والهندسية والجغرافية التي وضعت لحسم أزمات الحدود من جرف الدول في نزاعات صراعات ،كما لم تنجح الاتفاقيات في كثير من الأحيان في تعيين الحدود والتراضي عليها ، واستنادا علي الفشل في تحديد معالم الحدود تلجا الدول إلي نظرية القوة لترسيم حدودها استنادا إلي قدرتها العسكرية إثبات حقوقها وكسب المنازعات التي تثير التوتر في الحدود ، ولعل قارتي أسيا وأفريقيا من أكثر القارات التي عانت من مسالة النزاعات الحدودية ومرجع ذلك إن الحدود في أسيا وأفريقيا رسمت علي طاولة الرمل (sand table) من قبل الدول الاستعمارية وبعد خروج المستعمر أقرت كما هي حسما للصراع لكنها أصبحت احدي أدوات الصراع الجديدة بين الدول المتجاورة.وقد أشار العالم جونز إلي إن (الحدود تشبه بشرة الإنسان ،قد تصيبها إمراض في ذاتها ،أو ربما تعكس العلة أو المرض الموجود في الجسم) أي إن الحدود يمكن تكون منذ بدء ترسيمها أزمة أو إنها يمكن أن تصبح في المستقبل أزمة
التعليقات (0)