تعتبر دراسة البيئة المادية للدولة من أقدم المداخل لدراسة العلاقات الدولية ودراسة السلوك الخارجي للدولة ، تأسيسا علي ذلك فان دراسة الجغرافيا السياسية للدولة لا تغفل عن دراسة الحدود باعتبارها جزءا من دراسة الدولة، ونجد إن المفكر (توبيني) أعطي أهمية خاصة في إطار نظريته التاريخية عن التحدي والاستجابة استنادا في جزء كبير منها مثل المناخ والتربة والطبوغرافيا والموقع الجغرافي
عليه فان مسألة الحدود من أهم الدراسات السياسية وهي بكل افرازاتها تمثل قنابل موقوتة وتقود لنزاعات وخلافات ، وذلك لتشابك وتداخل المجموعات السكانية والصراع حول الموارد والأرض نفسها ، ولئن تتبعنا مسالة الحدود في الممالك القديمة وفي فترات تاريخية متأخرة نجد إن هناك اهتمام بالحدود ففي الصين عرف سور الصين العظيم كحد وكواقي ودفاع من الهجمات المتكررة التي تقودها القبائل والممالك المتجاورة وعرف الإنسان أيضا الأسوار للمدن كدفاعات وحدود في الدول الإغريقية مثل اسبرطة وطراوده ، بل وعرفت الحصون كنقاط حدودية كنقاط متقدمة من حدود الممالك.
والحدود بشكلها الحديث عرفت مع الدولة القومية التي تشكلت في عصر القوميات وأصبحت هناك عدة عوامل مؤثره في بناء الدولة أهمها
• (السكان ) ويشكل الشعب المواطنين والقاعدة التي تقوم عليها فكرة الدولة فلا توجد دولة من دون شعب
• (الأرض) وهي الفضاء الذي تتواجد علية الدولة وتقع سلطات المجموعة الحاكمة فيها وتمارس فيها سيادتها ، وهناك نظريات تتحدث عن كبر الدولة مزاياها والدول الصغيرة فالإغريق يرون إن دولة المدينة ذات الاسور والمحاطة في حدودها بعوائق واستحكامات عسكرية هي الدولة المثالية بينما الرومان يرون إن الدولة(الإمبراطورية) المترامية الأطراف توفر العمق الاستراتيجي، وتجئ نظرية الدولة القومية لتؤكد علي تجانس السكان مع الأرض وارتباطهم بتاريخ طويل ومقدرة علي التوافق مع قدرات الدولة الاقتصادية الحضارية.
• (الحكومة) وهي منظمة سياسية تفصح عن إرادة وقانون الدولة والحكام هم من يتولوا الحكم ومباشرة و سلطتهم علي الشعب والأرض وموارد البلاد.
• (الموارد) وهي مجموعة المقومات الاقتصادية التي تمكن الشعب والسلطة الحاكمة من أن تمارس سلطتها وتتيح قدرا من الوظائف والعمل للشعب
• (السيادة) أي سيطرة الدولة علي الشعب والمنظمات التابعة لها دون أي تدخل أجنبي وتعني السيادة في ابسط معانيها قدرة السلطة علي الدفاع عن أرضهم وقدرتها علي سن القوانين والنظم الإدارية وصناعة السياسة الداخلية والخارجية دون إملاء من طرف خارجي.
تركز هذه الدراسة علي مراجعة نظريات الجغرافيا السياسية التي تفترض إن التجاور يخلق علاقات التبادل بين المكونات السياسية ،بل يكون أداة جيدة للتحليل وعقد المقارنات ونجد أن أنصار المدرسة الواقعية في دراسة العلاقات الدولية مثل (مونتغار) و(سبيكمان) اعطو البعد الجغرافي أهمية كبري ، فالعلاقة بين المكونات السياسية المتجاورة ليست اختيارا بل هي احدي المحتمات والمقادير التي عليهم أن يتعاملوا معها ومع أبعادها المتعددة ، ويعتبر الدكتور عبد المنعم سعيد إن المحددات التي تبين العلاقة بين النظم المتجاورة وهي
• البعد الجغرافي
• البعد الديمغرافي
• البعد الاقتصادي
• القومية
الحدود:-
وتعرف الحدود بأنها المناطق والنقاط أو التخم أو الخط الذي يفصل الدول عن بعضها البعض ، وأيضا تعرف الحدود بأنها الخط الذي يحدد الحيز المخصص لممارسة اختصاص الدولة
تعرف الحدود أيضا بأنها السياج السياسي والاجتماعي والجغرافي الذي يحدد سلطة الدولة لتمارس فيها سيادتها ، فالحدود يمكن أن تكون طبيعية مثل الجبال والأنهار والغابات والتلال أو السهول المفتوحة وهناك أيضا الحدود البحري وتشمل أيضا فضاء الدولة نفسها وهو ما يعرف بمجالها الجوي، وتعد الحواجز الطبيعة أفضل لكونها ثابتة علي خلاف ما يضعه البشر من علامات أرضية أو بحرية .
تلعب الحدود دورا مهما في تشكيل العلاقات السياسية والاقتصادية بين الدول ،فإما أن تكون أداة للتواصل والتشابك في كافة المستويات (الاعتماد المتبادل) أو تكون أداة لخلق ألازمات و التوترات بين الدول المتجاورة ، علية تعد دراسة مسالة الحدود السياسية من أعظم واهم الدراسات السياسية والقانونية والجغرافية والاجتماعية. ولدارس الحدود السياسية أن يعرف المراحل التي تمر بها عملية الترسيم وهي كما ذكرها العالم والمفكر (جونز) وهي:
• مرحلة التعريف والتخطيط Definition
• مرحلة التحديدDelimitation
• مرحلة التعيين والتمييزDemarcation
ونجد إن الدولة كلما اتسعت رقعتها السياسية يكون من الصعب السيطرة عليها كما هو في حال دول القرن الأفريقي نجد أن الحدود تكون في الغالب الأعم مصدر قلق لأمن الدولة القومي لعدة أسباب لعل وعورة الحدود ووجود خلافات سياسية بين دول الإقليم و النزاعات العرقية والعسكرية التي تقودها حركات التمرد علي عواصم الدول .
التعليقات (0)