الحداثة هي التجديد والخروج على القديم ولقد إشتعلت نار الحداثة في عالمنا العربي
قبل عقد من الزمن وخاصة الحداثة في الشعر بترك الشعر المقفى وكان هناك رواد
في ذلك ولعل من رموزهم نازك الملائكة والسياب ودارت مساجلات أدبية في هذا الصدد
ومن المعروف أن الحداثة في الشعر في الغرب سبقتنا بقرن من الزمن حتى أصبحت
هي المهيمنة على الانتاج الأدبي..ونحن نؤمن بأهمية التجديد والارتقاء بالادب
ولكن نرى هناك خطورة من حيث المضمون وخاصة في الأدب العالمي الذي يتخذ
من هذا المصطلح أساسا فكريا لبث الأفكار التي قد تجد من يؤمن بها..
وفي رأي أن الحداثة في الشعر من شأنها أن تؤدي الى قوالب أخرى وعبارات
تلامس الشعور الانساني وماهو الشعر "إنه شعور ينفذ في دواخلنا"
"والحداثة في اللغة ، مصدر من الفعل " حَدَثَ " ، وتعني نقيض القديم ، والحداثة أول الأمر وابتداؤه ، وهي الشباب وأول العمر .
وبهذا المفهوم اللغوي سطعت شمس الحداثة في عالمنا العربي المعاصر ، وتوافقت مع ما يحمل عصرنا من عقد نفسية ، وقلق ذاتي من القديم الموروث ، ومحاولة الثورة عليه ، والتخلص منه ، والبحث عن كل ما هو جديد يتوافق وروح عصر التطور العلمي والمادي ، ويواكب الايدولوجيات الوافد على عالمنا العربي .
أما ما تعنيه الحداثة اصطلاحا فهي : " اتجاه فكري أشد خطورة من اللبرالية والعلمانية والماركسية ، وكل ما عرفته البشرية من مذاهب واتجاهات هدامة ، ذلك أنها تضمن كل هذه المذاهب الفكرية ، وهي لا تخص مجالات الإبداع الفني ، والنقد الأدبي ، ولكنها تخص الحياة الإنسانية في كل مجالاتها المادية والفكرية على حد سواء " ، وهي بهذا المفهوم الاصطلاحي
" اتجاه جديد يشكل ثورة كاملة على كل ما كان وما هو كائن في المجتمع " .
ويقول أحد الباحثين في معرض حديثه عن الحداثة كمنهج فكري يسعى لتغيير الحياة " إن من دعاوى أهل الحداثة أن الأدب يجب أن ينظر إليه من الناحية الشكلية والفنية فقط بغض النظر عما يدعوا إليه ذلك الأدب من أفكار ،
وينادي به من مبادئ وعقائد وأخلاق ، فما دام النص الأدبي عندهم جميلا من الناحية الفنية ، فلا يضير أن يدعو للإلحاد أو غيرها من الامور الغير مقبولة .
فالحداثة إذن من منظور إسلامي عند كثير من الدعاة تتنافى مع ديننا وأخلاقنا الإسلامية ، وهي معول هدم جاءت لتقضي على كل ما هو إسلامي دينا ولغة وأدبا وتراثا ، وتروج لأفكار ومذاهب هدامة ، بل هي أخطر تلك المذاهب الفكرية ، وأشدها فتكا بقيم المجتمع العربي الإسلامية ومحاولة القضاء عليه والتخلص منه ، وإحلال مجتمع فكري عربي محله يعكس ما في هذه المجتمعات الغربية من حقد وحنق على العالم الإسلامي ، ويروجون بكل اهتمام وجديه من خلال دعاتها ممن يدعون العروبة لهذه المعتقدات والقيم الخبيثة بغرض قتل روح الإسلام ولغته وتراثه .
أما الاصطلاح الثاني فهو : modernism ويعني مذهبا أدبيا ، بل نظريه فكرية لا تستهدف الحركة الإبداعية وحدها ، بل تدعو إلى التمرد على الواقع بكل جوانبه السياسية والاجتماعية والاقتصادية . . . وهو المصطلح الذي انتقل إلى أدبنا العربي الحديث ، وليس مصطلح modernity الذي يحسن أن نسميه المعاصرة ، لأنه يعني التجديد بوجه عام دون الارتباط بنظرية ترتبط بمفاهيم وفلسفات متداخلة متشابكة . )
التعليقات (0)