الحجاج بن يوسف الثقفي داهية التاريخ الاسلامي . كان الحجاج بن يوسف الثقفي علما من اعلام الاسلام لم يخلو من ذكره اي كتاب في التاريخ الاسلامي فهذا الرجل الذي خرج من عامة الناس فارتقى سلم المجد بمواهبه وقدراته الفذة التي جعلته احد اعلام التاريخ الاسلامي .
ضاعت اعمال الحجاج العظيمة في ركام الحقد الطائفي الذي وجه له انتقاما منه لانه حافظ على الدولة الاسلامية موحدة بعد ان حارب كل حركات التمرد التي ارادت تاخير عجلة نشر الاسلام في العالم لاخراجه من الظلام الى النور , ونحن اليوم سنحاول ان ننفظ غبار الحقد الطائفي عن تاريخ هذا الرجل الذي تشهد له سيرته العظيمة على حبه للاسلام وايمانه بهذا الدين العظيم . نشاته ــــــــــ
ولد الحجاج في الطائف سنة (41هجرية = 661 م) في اسرة كريمه من ثقيف وكان ابوه رجلا تقيا كان يعلم ابناء الطائف القران تقربا الى الله فلم ياخذ اجرا على عمله هذا تعلم الحجاج على يد ابيه فحفظ القران في صغره تردد على حلقات العلم والفقه وتتلمذ على يد ائمة العلم من الصحابة والتابعين مثل عبد الله بن عباس وانس بن مالك وغيرهم من اعلام الفه الاسلامي , كان الحجاج من افصح العرب لسانا وذلك لانه كان على اتصال بقبيلة هذيل افصح العرب فنشا خطيبا مفوها وقد قال عنه ابو عمرو بن العلاء مارايت افصح من الحسن البصري ومن الحجاج بن يوسف الثقفي . اول ظهوره ــــــــــــــــــــ
كان اول ظهور للحجاج كقائد عسكري هو قضائه على دولة ابن الزبير التي اعلنها بعد وفات الخليفة يزيد (رض) فقد استطاع الحجاج ان يعيد وحدة الدولة الاسلامية ويحارب ابن الزبير حتى مكة معقله الرئيسي وبعد ان قتل ابن الزبير على يد الجاج وجيشه فعادت الدولة الاسلامية مرة اخرى موحدة تحت حكم خليفة واحد هو عبد الملك بن مروان وكان للحجاج دور كبير في تحقيق هذه الوحدة واكراما له اسند له الخليفة عبد الملك بن مروان 0رض) ولاية الحجاز فاعاد بناء الكعبة وبنى مسجد ابن سلمة في المدينة المنورة وحفر الابار وشيد السدود وكان الحضارة والمدينة تحل اين ماحل هذا الرجل الذي كان يسبق عصره بقرون فقد كان يملك من حسن الادارة وبناء الدول ماكان لم يصل اليه احد في ذلك الزمان . الحجاج والعراق ــــــــــــ
بعد ان بلغت الفوضى والاضطراب مداها في العراق لم يجد الخليفة احد غير الحجاج صاحب الرؤية النافذة والراي الحازم والشدة المطلوبة في حاربة صانعي الفوضى , وصل الحجاج العراق وفي اول لقاء مع اهل العراق خطب فيهم خطبتا انذر فيها وتوعد المخالفين والخارجين عن سلطان الخليفة وعلن اجماع الامة وقد جاء في هذه الخطبة المشهورة التالي (( يا اهل الكوفة اني لارى رؤوسا قد اينعت وحان قطافها واني لصاحبها , وان امير المؤمنين –اطال الله بقائه - نثر كنانته بين يديه فاختبر عيدانها فوجدني امرها عودا واصلبها مكسرا فرماكم بي لانكم طالما اوضعتم في الفتنة واضطجعتم في مراقد الضلالة وان امير المؤمنين امرني باعطائكم اعطياتكم , وان وان اوجهكم لمحاربة عدوكم مع المهلب بن ابي صفرة , واني اقسم بالله لااجد رجلا تخلف بعد اخذ عطائه ثلاثة ايام الا ضربت عنقه )) فاتبع الحجاج القول بالفعل وفعلا قتل احد المتخلفين المتقاعسين عن القتال فلما راى الناس ذلك تسارعوا نحو قائدهم لمحاربة الخوارج , ولما استقرت الاوضاع في الكوفة توجه الحجاج الى البصرة تسبقه شهرته وحزمه فخطب في اهل البصرة خطبة منذرة زلزلت قلوبهم وحذرهم من التخلف عن الخروج في جيش ابن المهلب قائلا لهم (( اني انذر ثم لاانظر , واحذر ثم لا اعذر , واتوعد ثم لااعفو )) ولم يكتف الحجاج بتجييش الجيش مع ابن المهلب بل خرج في اهل الكوفة والبصرة الى " رشتقباذ" ليشد من ازر قائده ابن المهلب وجيشه وان يساعده ان احتاج الى المساعدة وهذه هي صفات القائد الضرورة في الزمن الصعب . فتوحات الحجاج ــــــــــ
بعد ان اسكن الله الفتن في دولة الاسلام على يد الحجاج توجه الحجاج الى الفتوحات الاسلامية التي كانت قد توقفت في زمن الفتن فارسل الجيوش المتتابعة واختار لها القادة الافذاذ مثل قتيبة بن مسلم الباهلي الذي ولاه الحجاج خراسان وعهد اليه مواصلة الفتح والجهاد فنجح في فتح العديد من النواحي والممالك والمدن مثل بلخ , وبيكند وبخارى , وشومان وطالقان وكش وفرغانة والشاس وكاشغر الواقعة على حدود الصين المحاذية لاقليم ما وراء النهر فانتشر الاسلام في هذه المواقع واصبح الكثير من مدنها مراكز اشعاع للحضارة الاسلامية اخرجت ملايين البشر من الظلمات الى النور .
وبعث الحجاج ابن عمه محمد بن القاسم الثقفي لفتح بلاد السند وكان شابا صغيرا لايتجاوز العشرين من عمره لكنه كان قائدا فذا استطاع في خلال خمسة سنوات في ان يفتح مدن كثيرة في وادي السند وكتب الى الحجاج يستاذنه في السير الى قنوج اعظم مدن الهند لفتحها والتي كانت تمتد بين السند والبنغال فاجابه الى طلبه وشجعه عليه وكتبي اليه ان سر فانت امير ماتفتحه ... وكتب الى قتيبة بن مسلم عامله على خراسان يقول له ... ايكما سبق الى الصين فهو عامل عليها ... وكان يمد جيوشه دائما بالمؤمن والامدادات لتحقق هدفها وهذا هو ديدن القادة العظام .. فقد وصلت رايات الاسلام على يديه الى حدود الصين ... اصلاحاته ـــــــــ
في فترة حكمه للعراق قام الحجاج باصلاحات عظيمة تؤكد راينا فيه بانه كان سابق لعصره في قدرات القيادة واقامة الدول وتنظيمها فقد قام باصلاحا اجتماعية وصحية وادارية فامر بقتل الكلاب الضالة حتى لاتنقل الامراض لى البشر , ومنع التبول والتغوط في الاماكن العامة في عمل ينم عن تحضر هذا الانسان وتقديسه للقيم الحضارية , وامر بعدم النوح على الموتى في البيوت , ومنع بيع الخمور واهرق ما وجده منها وبنى السدود على انهار العراق وانشا عدة صهاريج لتخزين مياه الامطار لتوفيرها لاهل المواسم والقوافل وامر بحفر الابار في المناطق المقطوعة وعلى طرق السفر لتوفير الماء للمسافرين ... ومن اعماله الكبيرة بناءه لمدينة واسط بين الكوفة والبصرة واتخذها مقرا لحكمه ...
وكان الحجاج يدقق كثيرا في اختياره ولاته وعماله فيختارهم من ذوي المقدرة والكفاءة ويراتقب اعمالهم ويمنعهم من التعدى على الناس وقد كان من نتائج سياسته الحازمة شيوع الامن وقلة اللصوص وقطاع الطرق ويذكر التاريخ له انه ساعد في تعريب الدواوين وفي الاصلاح النقدي للعملة وضبط معيارها واصلاح الزراعة في العراق فقد قام بحفر الانهار والقنوات ليوصل المياه الى الارض التي تحتاجها لاحيائها واهتم بالفلاحين وقدم لهم القروض واعطاهم الحيوانات التي تساعدهم في الحراثة وذلك ليعينهم ويجعلهم يستمرون في الزراعة مما لها من اثر كبير في اقتصاد المدن والارياف ... تنقيط القران ـــــــــــ
من اجل اعماله واعظمها هي عملية تنقيط القران واعجامه بوضع علامات الاعراب على كلماته وذلك بعد ان انتشر التصحيف فقام نصر بن عاصم بهذه المهمة الجليلة ونسب اليه تجزئة القران ووضع اشارات تدل على نصف القران وثلثه وربعه ورغب ان يعمد الناس على قراءة واحدة هي قراءة عثمان بن عفان وترك غيرها من القراءات وكتب مصاحف موحدة وبعث بها الى الامصار لنسخها واعتمادها .. وقد كانت فيه سماحة اعطاء المال لاهل القران فقد كان يعطي على القران كثيرا , ولما مات لم يترك الا ثلاث مائة درهم انها نزاهة الرجال العظام ..............
الخاتمة ـــــــــــ
لكل ما تقدم فان الحجاج باعماله التي ذكرتها له كتب التاريخ يعتبر من اعظم رجالات الاسلام ومن الرجال الذين وضعوا الامة على الطريق الصحيح في كثير من المواقع .... وان مايؤخذه عليه بعض المؤرخين من شدة في التعامل مع المعارضين له لايعتبر دائما نقصا فيه او سبة عليه بل ان حزمه هو من صحح الامور في الامة في اكثر من موقف كان يحتاج الى هذه الشدة في زمن اتسم بالفتن والزلازل السياسية في اكثر من مكان وفي بداية تكوين الدولة الاسلامية ,ففي زمن حكمه استتب الامن وامن المسافر والمقيم على حياته وماله وهذا هو المطلوب من القائد .......................
التعليقات (0)