الحب والكره وجهان لعملة واحدة
لماذا نكره ولماذا نحب وهل الكره هو الوجه الآخر للحب؟.هذه الاسئلة ليست لملء فراغ الورق، بل لنقف أمام تناقضات انسانية بشرية يعيشها ويختبرها خلال مسار حياته العاطفية،ولعل معظمنا لديه تجربة شبيهة بهذه الحالة الشديدة التناقض والتي تؤكد أن الكره هو الوجه الآخر للحب، هو وجهان لعملة واحدة الإنسان كائن يتغذى بالمشاعر وتنمو روحه بهذا السحر المسمى "حب".
العالم يبدو أجمل والكون أصفى والأحلام أهدأ وأروع وحين ينظر الناس باتجاه العتمة ينظر العاشق باتجاه معشوقه ،هي حالة انفصام عن المحيط الواقعي وخلق عالم الحبيب فيدخل الإنسان في تفاصيل حبيبه ويعيش بحسب مواقيته اليومية: متى يستيقظ متى ينام متى يضحك ومتى يغضب؟ فتكون كل تصرفاته ردة فعل على فعل الآخر، هذا الحب يترك فوضاه في مفاهيم اعتدنا عليها ،فنغير من ذوقنا ومن تفاعلنا مع الأشياء،هو حالة خاصة لكل منها معاييرها في التفاعل ودرجاتها بحسب قوة الحب ودرجاته على مقياس المد والجزرالعاطفي .
في الغالب الإنسان لا يتحكم بقلبه الذي يخرج عن سيطرة العقل وارادة من يخوض تجربته ،وبما أن الحب مرادف للخيبة وقد تسقط قصة العشق التي نظنها ستنتصر فتنتصرالخيبة ولأننا كثيرا مانحب الآخر لأنه نقيضنا، نرى فيه أشياء لم نراها بأنفسنا نقع بقانون الجذب المعاكس حيث نُشد باتجاه غامض مختلف عنا لا يشبهنا ، وبما أن الحب هو عملية البحث عن الإكتمال بالآخر وشكل من أشكال البحث عن الذات، قد تفشل العلاقات وهذا أحد مسارات العلاقات الإنسانية انها قد تُحكم بالفشل تحت اعتبارات انسانية وظروف حياتية وشخصية، أو قد يتخلى عنا الحبيب لسبب من الأسباب، هنا ندخل مرحلة محاربة الحب فتأتي ردات الفعل متناقضة هناك من يسجن في مشاعره وينزوي وينقطع عن التواصل وكأن عجلة الحياة قد توقفت وأسدلت ستارة الحياة ،تموت الروح وتذبل الحقول ولا يُرى في الفصول الا فصل الخريف والشتاء ،هي حالة من الصقيع والتجمد العاطفي لقد أطفأ العالم أضواءه واعتقلت الأحلام ولم يبق الا الكوابيس.
قد تتحول العاطفة الى كره ونفور وحقد ورغبة في الإنتقام والرد على الخيبة، لأنالعاشق يشعرأنه أهين بالرفض وتم التخلي عنه ببرودة أعصاب، وبلا مراعاة للقيم ،ويبدأ في تحويل عاطفته الجياشة نحو حبيبه الى مشاعر سلبية رافضة بمكان ولكنها بمكان آخر تنتظر قلب المعادلة واستعادة الحبيب.
غالبا نحن لا نقبل الرفض ولا نتعامل معه بواقعية ولا نصدق ان الآخر لا يحبنا بنفس قوة حبنا له ولا يقف على نفس المستوى، فيغرد كل منا على طبقة من طبقات العشق ويقع النفور ويبدأ أحد الطرفين بالإنسحاب ولأننا لا نتقن النسيان، فالنسيان ترف لا تناله القلوب المصدومة، نبدأ في القتال والعناد وقد يبلغ بنا الأمر حد التفكير في الإنتقام والكره القبيح ويأكنا التناقض ويشوهنا الحقد الأسود .
وقد قام فريق في "جامعة واشنطن الأمريكية"بدراسة هذه الحالة البشرية المتناقضة، وأكدوا انه هناك علاقة بين الحب والكراهية قد تبلغ حد الرغبة المظلمة بالإنتقام، والتي هي في الواقع مجموعة مختلطة، تجعلنا نشعر بالسعادة والسوء في نفس الوقت وان الناس تحب الانتقام،لأنها ترغب في معاقبة الطرف المخالف، لأنه يذكرها بفعل هؤلاء الأشخاص السيئين معها لأنهم ما زالوا يشعرون بالعشق والتورط بمشاعر لا يفهمونها تعتقلهم وتجبرهم على السير وفق جنونها وقد يصل بهم الأمر الى ان يصابوا بمرض الكره وهذه حالة مرضية تحتاج العلاج" ولعله من المفيد أن يرفقوا بقلوبهم ولا يتركوها تسقط في جنونها فالوقاية بالحب ضرورة
التعليقات (0)