مواضيع اليوم

الجيش اللبناني طائفي وما زالت وحدته في خطر!

ممدوح الشيخ

2009-05-22 22:57:12

0

 

في دراسة أميركية:

الجيش اللبناني طائفي وما زالت وحدته في خطر!

تقوية الجيش اللبناني وتسليحه المدخل الصحيح لنزع سلاح حزب الله!

 

تقرير: ممدوح الشيخ

 

تشكل الدراسات عن الجيش اللبناني ودوره السياسي حاجة ضرورية لفهم الواقع السياسي اللبناني ومساعي التنبؤ بمساره على المديين القصير والبعيد، ومؤخرا نشر مركز الدراسات الدولية والاستراتيجية دراسة لـ "أرام نيرجوزيان عنوانها: "الجيش اللبناني: تحديات وفرص ما بعد الانسحاب السوري".

تبدأ الدراسة بإلقاء الضوء على الوضع السياسي اللبناني وتقاسم السلطة بين الطوائف والتيارات السياسية والمذاهب الدينية المختلفة فيه. وهو النظام الذي أتاح لقوى خارجية فرصة التدخل. وبعد اغتيال رفيق الحريري (فبراير 2005) انقسمت القوى السياسية، وتحول دور الجيش من مؤسسة لها صفة شكلية لمحاولة لعب دور فعال. وفي 2005 قام العماد ميشال سليمان (رئيس الجمهورية حاليا، القائد العام للجيش سابقًا) برفض أوامر رئيس الحكومة عمر كرامي بنزول الجيش للشارع لقمع المظاهرات المنادية بالانسحاب السوري، مما كان له كبير الأثر في إعادة الثقة الشعبية في دور الجيش كحارس للأمن القومي اللبناني. وبالنظر للنظام السياسي اللبناني، نجد أن الجيش يواجه تحديات فريدة من نوعها. فهو ما زال معرضًا لخطر الانقسام والتفتت؛ لأن تقسيم المهمات والوظائف فيه يتم على أساس طائفي.

فبين عامي 1991 و2004 كانت نسبة المسيحيين بين الضباط 47% بينما كانت نسبة المسلمين 53%، ومع ذلك فإن القيادة العامة للجيش تسند للمسيحيين المارون. وهذا يعني أن الجيش ينبغي أن يكون واعيا بدوره في المجتمع اللبناني. ورغم محاولة الجيش الحفاظ على مبدأ وحدته إلا أنه لا يستطيع تحقيق ذلك على أرض الواقع بسبب الافتقار لهذه الوحدة على المستوى السياسي القومي.

العلاقة المدنية/ العسكرية

وعن العلاقة المدنية/ العسكرية تشير الدراسة إلى أنها متغيرة، فكثيرا ما تفاعل العسكريون بشكل إيجابي مع القيادات المدنية أكثر من قياداتهم العسكرية. ومع ذلك أحيانا يمتنعون عن تنفيذ أوامر قياداتهم المدنية مما يهدد استقرار ووحدة البلاد. وقد أدى الانسحاب السوري لتأجيج الصراعات الداخلية بين مؤسسات الدولة، وكانت أولى هذه المعارك مع الجيش. فرغم أن الجيش لعب دورًا هامًّا ومحوريًّا في منع قيام حرب أهلية بعد اغتيال الحريري، لكنه لم يستطع تجنب الخلافات مع القوى السياسية حول توجهاته بالنسبة لما بعد الانسحاب السوري. وتشير الدراسة إلى أن هناك محاولات عديدة من قبل المعارضة لإعادة تشكيل تصور الجيش لمرحلة ما بعد الانسحاب السوري من خلال منع الجيش من أن يكون مصدر تهديد لدمشق. وعن الخبرات القتالية للجيش اللبناني بعد الانسحاب السوري، تقول الدراسة إن الجهود السورية لتوسيع مظلة دمشق الأمنية، أدت لتكرار استخدام ورقة حزب الله ضد إسرائيل، في حركة جعلت دور الجيش كحامي للسيادة والأراضي اللبنانية مرهونًا بالعلاقات مع سوريا وفقًا لاتفاقية الطائف الموقعة عام 1989 .

ومع الانسحاب السوري وجد الجيش اللبناني الفرصة للعب دور أكبر لحماية السلام الداخلي. وترى الدراسة أن حرب 2006، والمواجهات مع فتح الإسلام عام 2007 أدت للتأثير في فعالية العمليات القتالية للجيش اللبناني. وتشير الدراسة إلى أن الجيش اللبناني يوازن أفعاله وسياساته لتأخذ في اعتبارها مصلحة كل القوى السياسية اللبنانية، مع غياب التوافق الوطني حول استراتيجية موحدة للدفاع والأمن القومي ويقوم بموازنة السياسات والمواقف المتناقضة المتعلقة بالعلاقات مع الفاعلين الإقليميين والدوليين ( سوريا، حزب الله، إسرائيل، وأميركا).

ورغم أن قيادات الجيش اللبناني يصفون العلاقة مع سوريا بأنها علاقة أخوة وصداقة استنادًا للهوية العربية والعدو المشترك (إسرائيل). لكن الواقع ينافي ذلك كليةً، ففي السبعينيات والثمانينيات من القرن الماضي، ومع تنامي النفوذ السوري وبخاصة خلال الحرب الأهلية، كان لقيادات الجيش اللبناني آراء مختلفة حول التدخل السوري. فمثلا العميد ميشيل عون قائد الجيش بين 1984 و1989، وأحد ممثلي الطائفة المسيحية المارونية كان يرى أن سوريا غير موثوق بها.

وعقب اتفاقية الطائف، كانت علاقة الجيش اللبناني وسوريا محددة باتفاقيتي: الإخوة والتعاون والتنسيق (مايو 1991)، والدفاع والأمن (سبتمبر 1991)، ومع أن الأولى تنص على إعادة نشر القوات السورية في سهل البقاع تمهيدًا للانسحاب الكامل، إلا أن سوريا لم تنفذها، وأصبحت الاتفاقية إطارا "مطاطيا" للسيطرة السورية التامة. وبينما لعبت أميركا دورًا هامًّا في مرحلة ما بعد الحرب الأهلية، عبر إعادة تأهيل الجيش اللبناني ودعمه لوجستيا، قامت سوريا بدور كبير في تشكيل مهام الضباط في الجيش اللبناني. وعقب اغتيال رفيق الحريري عام 2005، رأت سوريا أنه لم يعد من المفيد التواجد في لبنان عسكريًّا، في محاولة للتأثير في المواقف السياسية وتحويلها لصالحها.

حزب الله والجيش

نظريًّا تتحدد علاقة الجيش اللبناني بحزب الله كقوتين عسكريتين، في ما بعد الطائف كالتالي: يرى الجيش أن لعلاقته مع الحزب طبيعية خاصة وأنه (الجيش) يعترف بالحق في المقاومة. وكذلك يرى الحزب أن قوته وفعاليته ودوره في الدفاع عن الوطن من الطبيعي أن تضعف القدرات العسكرية للجيش. وبعيدًا عن الاتفاقيات النظرية، فإن علاقة الطرفين ما زالت متوترة. ولا يزال الجانبان يتنافسان على حماية الأمن القومي اللبناني. فكلاهما يرى أنه القوة الشرعية المدافعة عن البلاد. ومع ذلك، نجد الجيش يرى أن الحزب يستغل ضعف قدراته كقوة مقاتلة ولا يعتقد بقدرة الجيش على مواجهة إسرائيل.

وترى الدراسة أن نزع سلاح الحزب واندماجه في الجيش (كليًّا أو جزئيًّا) لا ينفصل عن التطورات السياسية الداخلية والإقليمية. ورغم أن الجيش اللبناني يعترف بأن إسرائيل هي العدو الأول، ومع أن معظم الجيوش العربية دخلت حروبا معها، يعتبر الجيش اللبناني أقل هذه الجيوش قدرة. وهو بالتالي لا يمثل تهديدًا حقيقيًّا لإسرائيل، ولا يوجد أية مؤشرات تتوقع قيامه بمواجهة إسرائيل. ويشكل الجيش اللبناني علاقته بإسرائيل وفقًا لسلوك إسرائيل بعد حرب 2006، فهناك انتهاكات إسرائيلية كخروقات الطيران والاختراقات للمياه الإقليمية اللبنانية التي أدت لتقويض قرار مجلس الأمن 1701 الخاص بإعادة انتشار القوات اللبنانية وقوات اليونيفيل في الجنوب اللبناني، والخلاف حول وضعية مزارع شبعا المحتلة.

ويشير أرام نيرجوزيان إلى أن المحدد المهم لعلاقة الجيش اللبناني بإسرائيل هو علاقته بسوريا وحزب الله. وترصد الدراسة عددًا من النقاط التي تحدد السياسة الخارجية الإسرائيلية تجاه لبنان، والتي لخصتها الدراسة في: الحاجة لحماية حدود إسرائيل الشمالية، والحد من صورايخ حزب الله على شمال إسرائيل، وإعادة تسليح الحزب بعد حرب 2006. وكذلك عدم رغبة الجيش اللبناني في نزع سلاح الحزب.

أمريكا والجيش اللبناني

وعن علاقة الجيش اللبناني بأميركا ترى الدراسة أنه يتم مناقشتها وفقًا لتطور سياسة أميركا ودورها في لبنان، فهي تدخلت فيه عسكريًّا مرتين (1958 وبين 1982 و1984). ورغم أن سبب التدخل في المرتين كان مختلفًا لكن الهدف الأساسي هو العمل على الحفاظ على أمن لبنان واستقرارها. وبعيدًا عن دعم التحول الديمقراطي في لبنان، فإن السياسة الخارجية الأميركية تجاه لبنان لم تتغير في معظمها، وتقوم على: حماية أمن إسرائيل وتأمين حدودها الشمالية. والمنافسة بين أميركا وإيران لتشكيل الشرق الأوسط بعد حرب العراق عام 2003.

والتحدي الذي يواجهه الجيش اللبناني حاليًّا هو أن يبقى موحدًا على المدى الطويل، وتورد الدراسة توصيات لتقويته أهمها: تغيير وضعه الحالي ومساعدته وتطويره فنيًّا. ولذا لابد أن تقدم الحكومة اللبنانية دعما للجيش مقداره بليون دولار، وهو ما يمكن تحقيقه بتوفير نفقات من ميزانية الدفاع القومي (تمثل 4 أو 5 % من الناتج القومي) لمدة 3 سنوات. وترى الدراسة أن كل محاولات تقوية الجيش اللبناني في مواجهة حزب الله ستفشل، فالجيش يوجد به 30% من الضباط شيعة، ولا يمكن الجيش بالقيام بأي عمل عسكري ضد أي طائفة. وعلى أميركا الاعتراف بأن إعادة بناء الجيش اللبناني كقوة رادعة قد تقوض قدرة حزب الله على تطوير ترسانته. ولذا يجب على أميركا التركيز على مساعدة الجيش لوضع أساس لنزع سلاح الحزب على المدى الوسيط والطويل بدلاً من المواجهات في المدى القصير.

وترى الدراسة أن سياسة أميركا تجاه الجيش اللبناني غير واضحة وتسيء لأي دور تقوم به، وتوصي الدراسة أميركا بتغيير "سياساتها الغامضة" وتحديد ما إذا كانت ستمد الجيش بأنظمة قتالية متطورة هو في حاجة ماسة إليها أم لا. وترى الدراسة أن تمويل المساعدات العسكرية الأمريكية حاليًّا لا يترجم بشكل فعلي لمساعدات دفاعية إضافية للبنان. وعلى الكونجرس اعتماد تمويل يعكس تفهم أميركا لحاجات الجيش اللبناني للتطوير. وعليها اعتماد آليات تؤدي لإصلاح نظم المبيعات العسكرية الخارجية، والتمويل العسكري الخارجي لتسريع عملية توصيل المعدات للجيش اللبناني. وأيضًا هناك آلية بديلة بأن يقوم الكونجرس بتقديم مساعدات إضافية للجيش لشراء أسلحة ومعدات عسكرية من حلفاء أميركا. مما سيكون له كبير الأثر في تطوير الجيش.

إنها رؤية جديدة تعيد ترتيب أولويات الديبلوماسية الأميركية بحيث تصبح تقوية الجيش اللبناني مدخلا لنزع سلاح حزب الله، بعد أن ظلت هذه الديبلوماسية لسنوات تحكمها "أجندة البند الواحد": نزع سلاح حزب الله!




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !