الجنون والابداع :
يستخلص ادونيس في تعليقه على رؤية ابن خلدون للجنون
ان الجنون نوع من رؤية الغيب وهو من حيث انه رمز شعري يمنح الشاعر مزيدا من الحرية ليعبر عن غير الطبيعي وغير العادي بدأ من الطبيعي .
ويقول الشاعر والفيلسوف جبران خليل جبران :
ان الجنون بعيد ومختلف انه ينتشلني واود ان ارتفع بحياتي لمستواه
ويرى في جنونه الحرية والنجاة فالجنون عنده "رمزا للبحث عن عالم جديد
اذا هنالك الكثير من العلماء والمفكرين والفلاسفة والفنانين والشعراء اتهموا بالجنون تارة وبالهرطقة والزندقة تارة اخرى ياترى .. ماهو السر في ذلك ..؟
اعتقد ان المشكلة تكمن في نظرة المبدع للاشياء ..! كيف ..؟
يفال ان المبدع دائما يخرج عن المألوف ولاينظر للاشياء كما تبدو بل يحاول دائما الكشف عن ماوراء الاشياء
ومن نقطة الكشف عن ماوراء الاشياء تبدأ مشكلاتهم مع مجتمعاتهم لتجاوزهم الواقع المرأي والخروج عن السائد الى اللا مرأي واللا محسوس , فليس غريبا ان يتهموا بالجنون او الهرطقة ..الخ الاتهامات !
لكن جنونهم هذا قاد العالم الحر الى الازدهار واحدث ثورة وانقلابا كبيرعلى الكثير من المفاهيم السائدة انذاك وقادوا حضارة التنوير ومن ثم الازدهار والتحديث
ومن هنا ايضا راينا كيف كان ابن خلدون يرى في الجنون انه نوع من رؤوية الغيب من قبل المبدع
انها فعلا رؤوية مجنونة من مفكر عظيم مثل ابن خلدون الذي ترجم الغرب كتبه واحتفوا به واستفادوا من علمه
بينما هوبيننا ذهب دون ان يترك فينا اثر !!!
ولم ندرك قيمته الابعد اكثر من عشرة قرون كما قال البليهي عندما اتى ذكر ابن خلدون .
نحن نعاني من كبت للطاقات الابداعية في عالمنا الاسلامي عامة والعربي خاصة ولا نوفر بيئة خصبة نطلق فيها العنان للتفكير في ماوراء الاشياء والخروج عن السائد الى اللا مرأي والا محسوس كما يعرف الابداع
فتعطيل الطاقات الابداعية يقولون عنه انه "ينتج عجزا عن ايصال الحركة الابداعية الى اقصاها "
وعندما لاتصل الحركة الابداعية الى اقصاها فهنالك خلل ما والخلل هنا واضح وهو كبت الطاقات الابداعية
واعتقد ان هذه النقطة احد اهم الاسباب التي قادتنا الى التاخر وعدم مقدرتنا على اللحاق بالعالم الحر المزدهر .
وفي الختام
احب ان اقتبس ماكتبه المفكر ابراهيم البليهي في ذات الموضوع :
(نحن العرب ليست معضلتنا انه لم يخرج فينا امثال فولتير , بل لو انه ظهر في الوطن العربي لذهب من دون ان يترك اثر
بل لرماه اهله بالزندقة ومرّ كما ابن رشد الذي احرقنا كتبه وكما ابن خلدون الذي ذهب ولم يترك فينا اثر !
فلم ندرك قيمته الا بعد مرور اكثر من عشرة قرون وحتى هذا الادراك اقتصر على المثقفين وهم لاحول لهم ولاقوة ولا طول تاثير !
فالمعضلة ليست في عدم وجود المفكرين دائما بل في عدم الاستجابة لهم وتخوينهم والتحذير منهم ! )
.
تحياتي لكم جميعا
التعليقات (0)