الجنس وعلاقتنا بالغرب
بعد ان رفع الكثير من المفكريين الأسلاميين وبعض الغربيين قضية الصراع بين الغرب والشرق الى صراع حضاري وثقافي بعد ان كان صراعا محصورا بين دول مستعمره قويه وشعوب موستعمره ضعيفه ومن ثم الى صراع بين مجتمعات غربيه غنيه وأخرى فقيره , بعد هذا التوسيع للصراع لم يعد من السهل تحديد ما نريده من الغرب وما نريده من انفسنا حيث أن الصراع اصبح بين مجتمعات ونمط حياتها المختلف وأنعكاسات هذا الأختلافات على المجتمعين الغربي والشرقي والعربي المسلم وخاصة عندما أخذ هذا الصراع طابع العنف الذي حملته بعض الحركات الأسلاميه المتطرفه ممثلة بأعتدائات 11 سبتمبر وأعتباره دفاعا عن الأسلام وكأ،الأسلام فجاة اصبح تحت هجوم غربي يهدف لتدميره وهذا ليس له أي حقيقه على ارض الواقع ممادفع بعض الكتاب والمفكريين الغربيين بالرد على ما حدث لهم وتفسيره لشعوبهم على أنه جزء من تعاليم الدين الأسلامي ومبادئه ومنذ انطلاقة هذا الدين العظيم , والحقيقه أنه لم يكن هناك أي كراهيه أو حقد أو أعتراض على المجتمعات الغربيه ونمط حياته حتى عندما كان وطننا العربي وبلاد المسلمين ترزخ تحت حكم الأستعمار الغربي كان ابناء شعبنا وأبائنا يكنون كل الأعجاب والأحترام للمجتمعات الغربيه ,حتى أن اعجاب الكثير من رجال الدين المسلمين للمجتمعات الغربيه دفع بعضهم للقول بعد زيارة الغرب في الثلاثينيات والأربعنيات (رأينا بلاد مسلمه ولم نرى مسلميين ) لهذا المدى كان اعجابهم بأخلاق الغرب وعدالة حكوماته ونظام حياته وكانو علىدرجه من الوعي للفصل والتمييز بين مجتمع مدني وسياسة حكومته الخارجيه التىكانت تضارب مع مصالح شعوبهم وأوطانهم .
ما الذي حدث لتغيير هذه العلاقه وهذه النظره بين المجتمعيين ؟؟
التغيير حدث في المجتمعين ولكن التغيير حدث في الغرب أولا وأصبح مجتمعه المدني مختلفا وأفرز المجتمع الغربي ظواهر اجتماعيه اصبحت صعبه على المجتمعات الشرقيه ابتلاعها أو تقبلها ليس في المجتمعات المسلمه فقط بل في كل المجتمعات الشرقيه امتداد الى الهند والصين , والذي جلب هذا التغيير عل الغرب وثم على العالم أجمع هو اختراع حبوب منع الحمل وتتطور الأقتصاد بطريقه مذهله , وتلك الظاهره تعرف في الغرب وخاصة امريكا بالثوره الجنسييه والتي اعطت المرأه فرصة المعاشره الجنسيه بدون مضاعفات اجتماعيه أو مسؤوليه بأنعدام او التقليل من نسبة الحمل الناتج عن هذه العلاقه ثم تلا ذلك تتطور اقتصادي تتطلب خروج المرأه للعمل مما اعطاها استقلاليه اكثر وقام بالتقليل من دور الزوج في حياتها , هذا الظاهره والنقله الأجتماعيه كان وما زال لها اثار سيئه على المجتمعات الغربيه وخاصة على تكوين العائله التقليدي , ولكن معاناته كانت اكثر تأثيرا على حياة المهاجريين للغرب وأمريكا من المجتمعات الشرقيه والمسلمه وشعوبهم القابعه بأوطانها , وهنا دخلت كلمة (ولكن)على علاقاتنا بهذه المجتمعات الراقيه المتسامحه المضيافه والعادله بحق مواطنيها بدون تمييز (ليست كامله فالكمال لله وحده), واصبح حبنا وأعجابنا بها ناقص ,فهي ممتازه ولكن لا تتوافق مع نظرتنا لنسائنا وبناتنا في الحياه كما نراها كشرقيين ,, المجتمعات الشرقييه الأخرى مثل الهند والصين استطاعت أن تتعامل مع هذه الظاهره وهذا التطور بطريقه انجح وأفضل من الطريق والنهج الذي يتعاطى معه العرب والمسلميين وينعكس هذا على نجاحهم الهائل في بلاد الغرب وأمريكا خاصة وأستمرار النجاح لأبنائهم واحفاذهم بينما تعاني الجاليه العربيه في الغرب من صعوبات وتناقضات كثيره في المجتمعات التي اصبحت هي جزء منها , وهذا يعود الى عدم تفهمنا كعرب وبعض المسلميين أن هذه الثوره الجنسيه لم تأتي من تعاليم النظام الديمقراطي أو الديانه المسيحيه كما يدعي الكثيير من الأسلاميين لتغطية عدائهم للديمقراطيه ومفهوم الحريه الفرديه فهي نتيجة تتطور اقتصادي وعلمي وتكنولوجي في مجال الأتصالات بين الأفراد وحرية تنقلهم وحريتهم في الحياه بدون نفاق أو تملق وهذا لا يعني أن المجتمعات الغربيه خاليه من الرذيله والجريمه والسقوط الأخلاقي فهي موجوده في كل المجتمعات ,ولا يحق لنا او هم بالحكم على مجتمع بأسره من تصرفات فرد أو جماعه لا تمثل سوى نفسها,وأن نتحاهل اخلاقيات المجتمع العامه والتي تتمثل بنزاهة الحكومه وكفائة مؤوسساتها , وأتقان العمل وأحترام الوقت وأحترام الأخر وأهم من كل ذلك علينا ان نعلم أن الثوره الجنسيه لم تمنح المرأه حرية المعاشره بل اعطتها اكثر فرصه ولا زالت كل القوانيين الأجتماعييه والمعايير الأخلاقييه موجوده والمرأه وشريكها الرجل يتحملون مسؤولية هذه العلاقه ونتائجها ,.
التطورات التي عصفت بالمجتمعات الغربيه سوف تعصف وربما تعصف الأن في مجتمعاتنا وليس هناك طريق أو وسيله لمنعها أو تجاهلها ولكن هناك الكثير من الأشياء التي نستطيع أن نفعلها وأساليب علينا أن تعلمها من تجارب الشعوب الشرقييه الأخرى والتي تعتمد على الثقه بالنفس والثقه بقيمنا العائليه وتربيتنا وتعاليم ابائنا وأمهاتنا ومبادئ ديننا الصحيحه , وهذا يبدأ عندما نتوقف عن اللوم على المجتمعات الغربيه في كل كبيره وصغيره تحصل في حياتنا وفي نفس الوقت أعتمادنا الكامل على أبداعاته وعلومه وأبحاثه فهذا خطاب مزدوج يشعل الشك في نفوس ابنائنا وبناتنا ويجعلنا مجتمع منافق غير قادر على التواصل مع المجتمعات الأخرى والأستفاده من تجاربها ,بدون أي شك لنا الحق كعرب أن نعارض سياسة امريكا والغرب في بلادنا وخاصة فلسطين أو غيرها حول العالم عندما تكون ضد مصالح وحرية شعوبنا وأوطاننا , ولكن ليس لنا أي حق بأدانة مجتمعات كامله لأن نمط حياتها لا ينسجم مع عاداتنا وتقاليدنا أو حتى تعاليمنا الدينييه , ولنتذكر ولنغرس بأبنائنا وبناتنا مفهوم الأخلاق الحقيقي وهو: ان تفعل الشئ الصحيح دائما,وخاصة عندما لا يكون رقيبا عليك.
نبيل هنيه / BNOBEL@MSN.COM
11/11/2009
التعليقات (0)