الجنادرية نٌسخة مكررة
المهرجان الوطني للتراث والفنون "الجنادرية" ليس مجرد تاريخ يحكي القديم ويستشرف المستقبل بل نافذة تطل على تفاصيل المجتمع الدقيقة فالفنون والأزياء والطراز المعماري جميعها نوافذ كاشفة للمجتمع وتفاعله الإنساني مع مٌحيطه أفراداً وجماعات , فعاليات ثقافية وندوات ومعروضات تراثية والتكرار خاصةً في فعاليات المناطق ومقرات الجهات الحكومية سمة بارزة إن استمرت فإن قيمة المهرجان الثقافية والمعرفية ستصبح من الماضي وسيعزف الجيل الحالي والقادم عن زيارته أو استذكار برامجه .
مهرجان الجنادرية 30 يواصل مسيرته التي ابتدأها في العام 1405هـ رغم العوائق الفكرية التي تعترضه والتي ما تزال مستمرة وحاضرة في كل فعالية تستهدف الإنسان والترفية والترويح والمعرفة , الطرح المناهض للجنادرية ولغيرها يٌقدم أسباباً غير مٌقنعة فمناهضته عبارة عن موقف مبني على رأي يراه صاحبه عادياً ويراه المناهضون له متطرفاً , لكل فرد وفئة نظرتها تجاه مختلف الأشياء والقضايا والعقلانية تٌحتم على الجميع احترام خيارات الأفراد فالذي يرى شيء لا يعني بالضرورة أن رؤيته صواباً ويتوجب على الأفراد الالتزام بها , بغض النظر عن تلك المنطقة الشائكة التي لا يٌدرك ويفهم رموزها سوى قلة من الأفراد يبقى الرأي عبارة عن وجهة نظر لا تٌلغي حقيقة قائمة مهما كان حجم ذلك الرأي وقوة تأثيره , الجنادرية كيان ثقافي تراثي قائم وشامخ ويجب أن يبقى كذلك ويستمر إلى الأبد , التحديث والتطوير حلقة مفقودة بالفعاليات الوطنية يجب أن تتحول الجنادرية إلى كرنفال وطني فني معرفي ثقافي يٌفعل فيها المسرح بأنواعه والأمسيات الغنائية ويجب أن يتغير نمط الندوات الفكرية من ناحية الموضوعات والمتحدثين فالقضايا الوطنية والتاريخية كثيرة والوطن مليء بالأدباء والمثقفين رجالاً ونساءً شباباً وشابات , لو أن هيئة السياحة ووزارة الثقافة والإعلام أطلقت برنامجاً سياحياً ثقافياً متزامناً مع مهرجان الجنادرية الذي تحتضنه الرياض لأصبحت مناطق الوطن حاضنة لجنادرية مٌصغرة فكل منطقة تحتضن فعاليات ثقافية متعددة ومتنوعة بالتزامن مع المهرجان الأم والفائدة التي ستتحقق الترفية لمن لا يستطيع السفر للرياض وتفعيل الطاقات الكامنة واكتشاف المواهب فضلاً عن العوائد الاقتصادية , ثلاثون دورة تراثية ثقافية مرت والقادم سيكون أجمل وأفضل , المتعطش لكرنفال حضاري فني ثقافي معرفي ولفعاليات متزامنة مٌصغرة بمختلف مناطق الوطن ينتظر من اللجنة العليا المٌنظمة للمهرجان ومن هيئة السياحة ووزارة الإعلام الشيء الكثير فالجنادرية ليست ترفاً بل ضرورة فهي حاضنة الفن والتراث وراعيته في ظل تقاعس جهات حكومية وأهلية عن أداء مهامها في رعاية الفنون وخدمتها إعلامياً وأكاديمياً والترويج لها وتفعيلها على أرض الواقع .
التعليقات (0)