صرَّح الدكتور إبراهيم الجعفريّ رئيس التحالف الوطنيِّ العراقيِّ خلال تواجُده في أحد المراكز الانتخابيّة لتسلّم بطاقة الناخب: أنَّ الموسم الانتخابيَّ المُقبِل ينبغي أن يشهد تغييراً نوعيّاً في مُستوى الوعي، وثقافة الانتخاب بعد عدة مواسم انتخابيّة شهدها.
وأشار سيادته إلى أنَّ انتقاد أداء الحكومة، والبرلمان، والمجالس المحليّة، وتشخيص مَواطن الخلل ينبغي أن تكون حاضرة في الذاكرة أثناء عمليّة التصويت، ولقطع الطريق أمام الفاسد، والمُتلكِّئ في أداء واجباته تجاه شعبه من خلال عدم تجديد انتخابه.
ونوَّه الجعفريَّ بأنَّ المواسم الانتخابيّة من شأنها إنهاء الخروقات الأمنيّة، والقضاء على الفساد من خلال التغيير الديمقراطيِّ للفاسد؛ فينبغي عدم مُقاطَعة الانتخابات، والمُشارَكة الفاعلة فيها؛ لتحجيم الشخصيّات الفاسدة، والبرامج الفاسدة.
وذكَّر سيادته بأنَّ مُقاطَعة الانتخابات تعني بقاء الفاسد في مكانه بلا تغيير.
وفي سؤال حول المُوازَنة، والأغلبيّة السياسيّة أشار رئيس التحالف الوطنيِّ إلى أنَّ حكومة الأغلبيّة السياسيّة هي الحلُّ لإدارة الدولة بشرط أن نُجيد فنَّ التعامل مع الشركاء المُعارضين من الموقع المُتمِّم للعمليّة السياسيّة، وألّا تُهمِّش أيَّ طرف من الأطراف، وعلى الكتل الأقلِّ حجماً أن تعي ثقافة المُعارَضة.
واليكم النَص الكامل للتصريح
تصريحات الدكتور إبراهيم الجعفريّ حول الانتخابات القادمة
مع فرط احترامي لأبنائي وأعزّائي أبناء الشعب العراقيّ. أنا أمشي برقابة الله -عزَّ وجلّ- ورقابة الضمير، ثم رقابة المُجتمَع. أشعر أنَّ هناك رسالة ًيجب أن أوصلها:
الموسم الانتخابيّ القادم موسم انعطافة؛ لأنَّ البُنية التحتيَّة كشعب تختار البُنية الفوقيّة وهي السلطة التشريعيّة، والأخيرة هي التي تُشكِّل السلطة التنفيذيّة، والقضائية؛ لذا على كلِّ مُواطِن أن يعي هذه الحقيقة: أنه عندما يُصوِّت، ويضع استمارته الانتخابيّة في صندوق الاقتراع يجب أن يتذكّر ضميره، ويتذكّر واجبه الوطنيَّ، ويتذكّر الشهداء، ويتذكّر ماذا يصنع لشعب العراق، والأجيال.
العراق فقط بعيداً عن كلِّ الاعتبارات.
العراق تعرَّض لسلسلة مواسم انتخابيّة بخاصّة في عام 2005 فقد كان عام الانتخابات، فقد أُجريَت في الشهر الأول من عام 2005، ومُنتصَف الشهر العاشر من 2005، ونهاية الشهر الثاني من 2010، وبدأ خطُّ التصاعُد بالانتخابات بين فترة وأخرى.
كلُّ بلد عندما يتعرّض لمواسم انتخابيّة مُتصاعِدة يُفترَض أن تقلَّ فيه الخروقات الأمنيّة، والانقلابات العسكريّة؛ لوجود بدائل ديمقراطيّة عن كلِّ هذه الأمور، لكنّي أذكر الناخب: لا يكفي أن ننتقد الحكومة ومجالس المحافظات على مدى اربع سنوات، وفي الانتخابات لا نستحضر هذه الحالات. يجب أن نتمتع بذاكرة قويّة، ويجب أن نتمتّع بوعي انتخابيٍّ، فلسنا في أزمة مواسم انتخابيّة إنّما في أزمة وعي انتخابيّ.
مَن تنتخب من الشخصيات، وما تنتخب من برامج؟
في البلد تحدِّيات، وفيه اهداف معطلة فيه ثروة طائلة، وميزاينة بحوالى 130 مليار دولار. وهذا يعني أنَّ الميزانية غنيّة. كيف نُحوِّل هذه المُوازَنة إلى الشعب؛ حتى يعيش بغنى.
نُهيب بكلِّ المُواطِنين أنّهم حين يتجهون إلى صناديق الاقتراع أن يسألوا أنفسهم هذا السؤال: لمَن نضع الأمانة من المُرشَّحين؟
وعي المُرشَّح، وعي الناخب، وعي البرنامج، ووعي الأهداف المُعطّلة، وكلُّ ظواهر الفساد، وكلّ الطموحات المشروعة، وكيف يجعل من الفصل الانتخابيّ نقطة انعطاف نحو الصعود إلى الأعلى.
كُلّي ثقة بأنَّ المُواطِنين لا يعوزهم الوعي، ولا تخونهم الشجاعة؛ لذا يجب أن يُجسِّدوا ذلك، ولا يخشوا أحداً، ويضعوا في صندوق الاقتراع ما سيُسأَلون عنه غداً سواء أمام الله تبارك وتعالى، أم هذا الجيل، أم الأجيال القادمة.
هذه رسالتي باختصار لكلِّ أبناء الشعب، وأتمنّى لهم المُوفّقيّة.
- أبناؤك أبناء العراق يُناشِدون.. هناك هجمة شرسة ممَّن يصطادون بالماء العكر، وفحوى هذه الهجمة: ما الفائدة من الانتخاب، والتغيير، الناس يُريدون أن يسمعوا الردَّ منكم؟
الجعفريّ: التغيير حصل من 2003 إلى الآن، وكان الاحتلال على الأرض، وقد أصبح جزءاً من الماضي.
الانتخابات حلّت، وليس سِرّاً على أحد. العراق اليوم يعيش -على الرغم من المُلاحَظات الموجودة على كلِّ المسؤولين- تداولاً سلمياً للسلطة من حكومة إلى حكومة أخرى.
يُوجَد تغيير وتغيُّر، ويُوجَد أيضاً ظواهر فساد كثيرة جداً كما عبَّرت عنها في أحد الخطابات: أصبحت عندنا ثقافة فساد، هذا يجب أن يُحفّزنا لأن نستعدَّ للانتخابات، لا أن نُخاصِم الانتخابات، نُخاصِم الفاسد، والبرامج الفاسدة، والشخصيّات الفاسدة أمّا عندما لا ننتخب فمعناه أننا تركنا الانتخابات تتحوّل من قَدَر وطنيٍّ إلى قَدَر الفاسدين؛ لذا لا بديل عن الانتخابات، ولا بديل عن الوعي، وعن البرنامج الانتخابيِّ الصحيح، والشخصيات المُتصدِّية الصحيحة، ونُصوِّت له.
لا يُوجَد غير الانتخابات سبيل للإصلاح؛ فكلِّ دول العالم لم ترقَ إلى مُستوى القمّة بين عشيّة وضُحاها إنما مرّت بمراحل ففي أميركا كان الإقصاء للمُلوَّنين، وإقصاء للمرأة، وكذا في دول أوروبا كلّها، والآن وصلت المرأة إلى الانتخابات، وإلى الترشيح، وإلى وزارة الخارجيّة، وإلى عضويّة البرلمان؛ إذن التدرُّج مطلوب، ولا نستطيع أن نقفز إلى القِمّة إنّما نتدرَّج من الوادي، إلى السفح، ومن السفح -إن شاء الله- ننتقل إلى القِمّة.
ثقتي بالله، وبالشعب عالية جدّاً على الرغم من كلِّ ما ينتاب العمليّة السياسيّة من ظواهر فساد، أو خلل، ولا بديل إلى الانتخابات لتحقيق، وتجسيد آمال، وطموحات الشعب.
- يومَ أمسِ جرت القراءة الأولى للمُوازَنة، واليوم الجلسة الثانية للقراءة الثانية. هل نحن سائرون نحو حكومة أغلبيّة سياسيّة بعد التصويت بالأغلبيّة السياسيّة؟
الجعفريّ: قد تكون هناك أغلبيّة سياسيّة، وهي ليست سُبّة فكلُّ مُجتمَعات العالم، بل أرقى مُجتمَعات العالم في الديمقراطيّة تحكمها حكومات أغلبيّة، لكن علينا أن نُجيد فنَّ التعامل تجاه حكومة الأغلبيّة.
عندما تتشكَّل حكومة الأغلبية على الآخرين أن يعرفوا كيف يتعاملون من موقع احترام الوطن، ومصالح المواطنين، وتُعبِّر عن إرادتهم، كما لا يعني أنَّ الأغلبيّة السياسيّة تتمتع بحقِّ تهميش الآخرين، وإنّما تجعل الجزء الآخر هو الجزء المُتمِّم، فيُعارِض بطريقة سِلميّة، ويعرف كيف يتعامل بعقليّة الحاكم بالظلّ.
يُوجَد حاكم علنيّ، وآخر حاكم بالظلّ، والأخير جدير بأن يأتي في يوم ما، فيتصدّى للحكومة.
هذا هو ما نعيشه الآن في دول النادي الديمقراطيِّ في كلِّ العالم.
أنا لستُ قلقاً من حكومة الأغلبيّة إنّما الشيء الذي أريده هو أن تكون هناك حكومة أغلبيّة حقّة بحياة ديمقراطيّة لا حياة دكتاتوريّة، وتداول سلميّ للسلطة، وإعطاء الفرص أمام كلِّ القابليّات، والكفاءات، واعتماد معايير موضوعيّة حقيقيّة بعيداً عن المحسوبيّة، والمنسوبيّة بعيداً عن المُحاصَصة سيِّئة الصيت، وبعيداً عن توزيع المواقع لهذا وذاك على أساس القرابة، والانتماء الحزبيّ من دون معايير الكفاءة.
نُريد الأكفأ في حكومة الأغلبيّة في القطاع الأمنيِّ، والعسكريِّ، والاقتصاديِّ، والزراعيِّ، والتجاريِّ والقانونيِّ، والقضائيِّ، والقطاع الصحيِّ؛ حتى نتخلص من هذه الآفة التي فتكت بالمُجتمَع.
التعليقات (0)