مواضيع اليوم

الجزيرة والدنيـا !

عبدالسلام كرزيكة

2011-12-01 16:52:58

0

  مَن يستمع ويشاهد فضائية (الدنيا) الموالية للأسد، حين تستضيف عددا من الخبراء والمحللين والمثقفين الذين يُناصرون رئيس النظام السوري، وهم يقصفون الجامعة العربية بوابلٍ من الشتائم، ويرمونها بأبشع الصفات والنعوت، سيشعر براحة نفسية لاشك، خصوصا أن تلك الصفات تنطبق تماما على جامعة نبيل العربي التي تفرّقت عند حضور موضوع فلسطين، ولم تتوحّد سوى على ممارسة الحرب بالوكالة في ليبيا ثم سوريا !..

ومن يستمع ويشاهد فضائية (الجزيرة) القطرية، وهي تستضيف عددا مم الخبراء والمحللين والمثقفين الذين ينزلون بالشتائم، وما أثراها في القاموس العربي المعاصر، على الأسد وزمرته من أصحاب الدكتاتوريات المقيتة، ويُتوجون هذا الكلام بمشاهد دموية مهربة من الجحيم، لأبرياء يقتلهم‭ ‬الجيش‭ ‬وتُنكل‭ ‬بهم‭ ‬جماعات‭ ‬اللقطاء‭ ‬والشبيحة،‭ ‬سيشعر‭ ‬بالراحة‭ ‬النفسية‭ ‬من‭ ‬قسوة‭ ‬تلك‭ ‬الشتائم،‭ ‬لأن‭ ‬الأسد‭ ‬فعلا‭ ‬قاتل‭ ‬ويمارس‭ ‬إرهاب‭ ‬الدولة‭ ‬ويحكم‭ ‬شعبه‭ ‬بالحديد‭ ‬والنار‭ ‬؟‭!‬

هل أصابنا إذن الربيع العربي بانفصام في الشخصية؟ أم أنه الأثر المرضي المتوقع من المشاهدة المتكررة والمكثفة للأخبار التي تبثها قناة الدنيا يوميا من جزيرتها المعزولة عن الحقيقة، وتعرضها قناة الجزيرة باستمرار عن دنياها التي لا تشبه في الكثير من التفاصيل دنيانا؟‮ ‬

وسط‭ ‬تلك‭ ‬العتمة‭ ‬وضياع‭ ‬الحقيقة،‭ ‬يلوح‭ ‬السؤال‭ ‬التالي‭: ‬ألم‭ ‬تشبع‭ ‬الدنيا‭ ‬والجزيرة‭ ‬وبقية‭ ‬القنوات‭ ‬الإخبارية‭ ‬من‭ ‬النفاق؟‭ ‬ألم‭ ‬يملّوا‭ ‬من‭ ‬الكذب،‭ ‬فقد‭ ‬مللنا‭ ‬نحن‭ ‬من‭ ‬التصديق؟

كثير من النخب في العالم العربي، التزمت الصمت، لأنها فقدت القدرة على التفكير، وامتنعت مُجبرة عن الإحساس بالواقع، لكن هذه النخب المستسلمة للقضاء والقدر، تركت مكانها لحزب الرويبضة، يتحدث الناطقون باسمه في الشأن العام على الملأ، ويتكلمون بلا خجل ولا حياء عبر الفضائيات،‭ ‬سواء‭ ‬بالسلب‭ ‬أو‭ ‬الإيجاب،‭ ‬بالنقد‭ ‬أو‭ ‬الترحيب،‭ ‬أو‭ ‬بتوجيه‭ ‬الشتائم‭ ‬وتلقي‭ ‬الشتائم‭ ‬المضادة‭.‬

قبل فترة، قلنا إن الربيع العربي مهدد من طرف المتلونين سياسيا، والمنقلبين من موقع التنظير في زمن الدكتاتورية والاستبداد ليحتلوا مكانا في زمن الحرية وما بعد الثورات، لكن الخوف أيضا من الرويبضة، المتكلمين هنا وهناك باسم الثورة أو حتى باسم الأنظمة،..من يدافعون‭ ‬عن‭ ‬الأسد‭ ‬وأمثاله‭ ‬من‭ ‬المستبدين‭ ‬حفاظا‭ ‬على‭ ‬الخبزة،‭ ‬أو‭ ‬من‭ ‬يسعون‭ ‬لقتله‭ ‬وتغييره‭ ‬بحثا‭ ‬عن‭ ‬خبزة‭ ‬جديدة؟! .

ـــــــــــــــ

قادة بن عمـار ... (جريدة الشروق اليومي)

 

 

 

 

 

 

  •  



التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

فيديوهاتي

LOADING...

المزيد من الفيديوهات