مواضيع اليوم

الجزية .. ليست واجبة على الأقباط !

رضا عبد

2010-08-06 10:39:11

0


عثرت علي هذا المقال منشورا فى روزاليوسف بتاريخ 12/5/1997 م ، ولقد تكررت معلوماته ومحتوياته في مقالات تالية للدكتور أحمد ، وفى فتاويه ، ومع ذلك لا يزالون يتحدثون عن الجزية وآية الجزية في سورة التوبة . مما يدل على أن هناك من يريد الهجوم على الإسلام بأي حجة وبسبب وبدون سبب، وأن هناك من يريد الوقيعة بين أهل مصر من مسلمين وأقباط . وبعد هذه المقدمةإليكم المقال

الدكتور أحمد صبحي منصور يكتب

 

دراسة من آيات القرآن

 

روز اليوسف بتاريخ 12/5/1997م

 

الجزية .. ليست واجبة على الأقباط !

 

 

.غرامة حربية يدفعها المعتدي في مجتمع انعدم فيه الأمن

.المسلمون أنفسهم دفعوا الجزية للبيزنطيين.. وكل حسب قوته !

.الهدف الشرعي للقتال في سبيل الله أن تختفي الفتنة وأن يكون الناس أحرارا.

 

الأعراب الذين هم أشد الناس كفرا ونفاقا , ما لبث أن أعلنوا الردة بعد وفاة الرسول عليه الصلاة والسلام وهاجم بعضهم المدينة , فقامت حروب الردة في خلافة أبي بكر , وبعد إخمادها رأى أبو بكر أن يشغل الأعراب وأن يمتص طاقتهم الحربية في الفتوحات خارج الجزيرة العربية , فأصبح المرتدون السابقون عماد الجيش الفاتح الذي قضى على الإمبراطورية الفارسية والذي قهر الإمبراطورية البيزنطية , وأصبحت مستعمرات الدولتين العظمتين ضمن ولايات الإمبراطورية الإسلامية الناهضة ,وكانت مصر ضمن هذه الولايات , وقد دخل شعبها تحت ولاية العرب المسلمين أو في ذمتهم ورعايتهم بتعبيرات القرون الوسطى .

وقد قاسى الأقباط من ظلم الدولة الأموية المشهورة بقسوتها وتعصبها للعرب ضد الشعوب الأخرى مثل موالي العراق وإيران وأقباط مصر , إلى أن الحقيقة المؤسفة التي يعزف عن بحثها الكثيرون أن اضطهاد الأقباط بدأ في عصر الخلفاء الراشدين , وأثناء ولاية عمرو بن العاص فاتح مصر , والذي يشهد الكثيرون من الأقباط ومؤرخوهم بإنصافه وحبه للأقباط .

ويمكن أن نركز ملامح اضطهاد الأقباط في تلك الفترة في جانبين أساسيين هما فرض الجزية ومصطلح أهل الذمة .

الآية القرآنية الوحيدة التي تحدثت عن الجزية تقول : " قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله ولا يدينون دين الحق من الذين أوتوا الكتاب حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون " التوبة 29 .

وتشريعات القرآن لها درجات ثلاث , أوامر تشريعية تحكمها قواعد تشريعية تهدف إلى مقاصد تشريعية , فالأوامر التشريعية مثل ( قاتلوا ) أو ( أنفروا ) تحكمها القواعد التشريعية التي تجعل أوامر القتال لا تكون إلا في إطار الدفاع عن النفس ورد الاعتداء بمثله دون زيادة أو نقصان ( البقرة 190 , 194 ) , ثم يكون الهدف النهائي للقتال في الإسلام أو في سبيل الله هو منع الفتنة في الدين , والفتنة هي الاضطهاد الديني أو إكراه الناس على تغيير عقائدهم , فالمقصد التشريعي من القتال في سبيل الله أن تختفي الفتنة والإكراه , وأن يكون الناس أحرارا في اعتناق ما يريدون حسبما شاء الله تعالى حين خلقهم أحرارا , وجعل مرجعهم إليه يوم القيامة يحاسبهم على ما اختاروه بمحض إرادتهم , وذلك معنى قوله تعالى في الأمر بقتال المشركين العرب الذين يضطهدون مخالفيهم في الدين : ( وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين لله فأن انتهوا فلا عدوان إلا على الظالمين . البقرة 193 ) وأقرا أيضا أية ( 39 في سورة الأنفال ) .

إذن لابد أن نفهم تشريعات القرآن الكريم في الأوامر والقواعد والمقاصد حتى نعرف أن المقصودين بالقتال في أية : " قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر " هم أولئك المعتدون لأنه لا مجال في الإسلام للاعتداء على أحد وإنما لرد الاعتداء بمثله فقط .

والآية تتحدث عن مجتمع عدواني انعدم فيه الأيمان بمعنى الآمن , وبمعنى الاعتقاد السليم , وهو يتجاوز حدوده إلى حدود المسلمين ليعتدي عليهم وحينئذ فلابد من القتال لرد الاعتداء بمثله , وبعد تحقيق النصر وطرده إلى دياره يجب إرغامه على دفع الجزية – وليس على دخول الإسلام – وهي غرامة حربية كالشأن في عقوبة المعتدي , والذي يأخذ به المجتمع البشري حتى الآن في المعاهدات التي يعقدها المنتصر مع المهزوم خصوصا إذا كان معتديا مثل ما حدث مع المانيا بعد الحربين العالميتين , وما حدث مع العراق بعد غزو الكويت .

وإذا طبقنا الآية الكريمة التي تتحدث عن فرض الجزية وجدناها تنطبق علي الروم البيزنطيين , وقد ذكر التاريخ أنهم الذين بدأوا الاعتداء على الدولة الإسلامية في عصر النبي ( ص) وحرضوا ضدها القبائل العربية النصرانية مما أدى إلى غزوتي مؤته وتبوك واستمرت الحركات العدائية فكانت الفتوحات .

والتاريخ يذكر أن البيزنطيين كانوا يدفعون الجزية للمسلمين بعد الهزيمة , وأنه كان يحدث العكس فيدفع المسلمون الجزية للبيزنطيين كما حدث من معاوية حين دفع لهم جزية قدرها مائة ألف دينار سنويا أثناء انشغاله بالحرب مع ( علي ) .. وكان الروم البيزنطيون يدفعون الجزية للمسلمين في العصر العباسي الأول فأصبح المسلمون في العصر العباسي الثاني يدفعون الجزية للبيزنطيين .. وهكذا تبادل الفريقان المواقع كل حسب قوته .

وكان من المنتظر أن يدفع البيزنطيون الجزية لعمرو بن العاص بعد أن هزمهم وأجلاهم عن مصر .. ولكن حدث العكس , إذ دفعها المصريون الذين تحالفوا مع عمرو ضد البيزنطيين , ولذلك قصة نعرفها من المقريزي . ونستشهد بالمقريزي في كتابة المشهور "الخطط".

فالمقريزي يشير بين السطور إلى مساعدة الأقباط المصريين للعرب الفاتحين ضد الروم , ومنذ أن دخل عمرو بجيشه إلى سيناء متوجها إلى مصر أرسل أسقف الأقباط في الإسكندرية أمرا إلى الأقباط بأن يعاونوا العرب ويتنبأ بزوال دولة الروم , واستجاب الأقباط لتلك الأوامر , وحين نزل عمرو على أسوار مدينة الفرما كان الأقباط أعوانا له يمدونه بالمعلومات والمؤن .

والأقباط هم الذين ساعدوا عمرو في فتح الإسكندرية بعد حصارها الشديد , وظلوا شهرين يمدون العرب بالأطعمة والمؤن ويجمعون لهم الأخبار , والأقباط هم الذين استمالوا القائم على حراسة أبواب الإسكندرية – وكان قبطيا – ففتح أبوابها للعرب فاقتحموها. والمنتظر بعد هذا أن يحفظ عمرو الجميل للأقباط الذين ساعدوا جيشه الضئيل على فتح بلدهم بغضا منهم في الروم البيزنطيين .

ولكن الذي حدث أن المقوقس – الوالي الرومي – هو الذي أقنع عمرو بأن يدفع الأقباط الجزية بدلا من الروم..فبعد حصار حصن بابليون الذي استمر سبعة اشهر أقتحم العرب أبواب الحصن فأضطر المقوقس للتفاوض علي أن يدفع الأقباط الجزية للعرب دينارين عن كل رجل ،لأن الروم لن يقبلوا دفع الجزية ولن يقبل العرب إلا بالجزية أو الإسلام أو الحرب , وهكذا نجا المقوقس من غرامة الجزية التي يرفض الروم دفعها , ودفعها الأقباط الذين ساعدوا عمرو في الفتوح , بل أنه فرض عليهم إلى جانب الجزية القيام بضيافة العرب في قراهم ثلاثة أيام .

وعمرو بن العاص الأموي كان رائدا للدولة الأموية في شراهتها في جمع الجزية من الأقباط وغيرهم , وحتى من أ سلم من الأقباط كانوا لا يعفونه من دفع الجزية، والاستثناء الوحيد من خلفاء بني أ مية كان الخليفة عمر بن عبد العزيز في حكمه القصير الذي رفع الجزية عمن أ سلم فكتب إليه والي مصر حيان بن شريح يخبره بتناقص الجزية بهذا القرار فكتب إليه عمر بن عبد العزيز يؤنبه ويقول له : ضع الجزية عمن أسلم قبح الله رأيك فإن الله إنما بعث محمد هاديا ولم يبعثه جابيا..!!

وظلت الجزية نقطة سوداء في تاريخ الولاة الأمويين والعباسيين يدفعها من بقى على دينه من المصريين إلى نهاية العصر المملوكي سنة 921 هـ / 1517 م ، وجاء الفتح العثماني ففرض جزية على المصريين جميعا ، وظلت الخزانة المصرية تدفعها لتركيا بصورة عادية حتى تنبه لها عبد الناصر وألغاها ..!!

ونعود إلى عمرو بن العاص وما كتبه المقريزي في الخطط " عن فتح مصر .

يقول أن عمرو أعلن لأهل مصر : إن من كتمني كنز عنده فقدرت عليه قتلته !!

ومع ذلك فإن عمرو بن العاص هو أفضل من حكم مصر وأكثرهم رفقا بالمصريين بالمقارنة بغيره .. والثابت أنه لم يكن مسرفا في سفك الدماء كما فعل غيره من الولاة كما أنه كان حسن السياسة في جباية الخراج والجزية , فلم يرهق المصريين , وكان يجمع الجزية 12 مليون دينار , فأصبح الوالي بعده عبد الله بن أبي السرح يجمعها 14 مليون دينار , فقال الخليفة عثمان بن عفان لعمرو : لقد درت اللقحة – أي الناقة .. بأكثر من درها الأول , فقال له عمرو : أضررتم بولدها, يريد أن جمع الجباية والجزية بأكثر من طاقة الناس يقضي على قوتهم الإنتاجية والاقتصادية .

وأدى تطرف الولاة الأمويين في جمع الأموال من المصريين إلى اضطرار المصريين للقيام بثورات متعاقبة , فأخمد الأمويين ثوراتهم بالحديد والنار .. وتطرفوا في اضطهادهم والعسف بهم .. وسيأتي تفصيل ذلك .

والآن إلى مصطلح أهل الذمة : لم يأت لفظ الذمة في القرآن إلا في موضعين في الحديث عن طبيعة مشركي العرب البدوية العدوانية , وكيف أنهم لا يراعون عهدا ولا ميثاقا , ولا ذمة إذا انتصروا ( كيف وإن يظهروا عليكم لا يرقبوا فيكم إلا ولا ذمة ) ( لا يرقبون في مؤمن إلا ولا ذمة وأولئك هم المعتدون ) (التوبة 8 ,10 ) .

وظهر مصطلح أهل الذمة بعد الفتوحات العربية ضمن مصطلح آخر هو " الموالي" ليضع توصيفا للشعوب التي دخلت في حوزة العرب المسلمين .. والمعنى واحد لأهل الذمة والموالي في أنهم أتباع ورعية العرب الحاكمين , وبالتالي هم مواطنون من الدرجة الثانية أو أقل .. والدليل العملي على ذلك هو ما عاناه الموالي من أبناء العراق وإيران , وما عاناه أهل الذمة من الأقباط في العصر الأموي تحت وطأة الاضطهاد والاستعلاء .

وبينما دخل مصطلح " الموالي " إلى متحف التاريخ بعد أن تمتع أبناء الفرس والعراق بحقوقهم في الدولة العباسية التي أسهموا في تأسيسها , فإن مصطلح أهل الذمة بقى مستعملا وصمة عار على كل من تمسك بدينه من أبناء الشعوب غير العربية , وكان المسيحيون العرب بمنجاة من هذا المصطلح وأثاره الجانبية لأنهم عرب , أما المسيحيون في الشام والعراق ومصر فقد حملوا ذلك الوصف على كاهلهم , وقاسوا تحته أوزار الاضطهاد العنصري ثم الاضطهاد الديني بعده .

وتم تقنين تلك النظرة الاستعلائية المخالفة للقرآن الكريم في كتب الفقه فيما يخص التعامل مع أهل الملل الأخرى غير الإسلامية , وأحدثوا لها كيانا تشريعيا من أحاديث مفتراه نسبوها للنبي عليه الصلاة والسلام تبيح اضطهاد أهل الكتاب والاستعلاء عليهم .

وتناسى أولئك حديث القرآن مع أهل الكتاب وأمره للمسلمين بمجادلتهم بالحسنى وكيف أن رب العزة جل وعلا أجرى حوارا معهم في القرآن الكريم وكيف قال للنبي الخاتم عليه الصلاة والسلام ( فإن كنت في شك مما أنزلنا إليك فسأل الذين يقرأ ون الكتاب من قبلك ) :يونس 94 , ومعناه واضح يغني عن الشرح .. وكيف وصف القرآن النصارى بالذات بأنهم أقرب مودة للذين أمنوا لأن منهم قسيسين ورهبانا , وأنهم لا يستكبرون ( المائدة 82 ) . وكيف أمر القرآن الكريم بمعاملة المخالفين في الدين بالقسط والبر طالما لم يعتدوا بالقتال ولم يطردوا المسلمين من ديارهم , ولم يتحالفوا مع عدوهم المعتدي عليهم ( الممتحنة 8 , 9 ) وكيف أمر القرآن الكريم بمعاملة أهل الكتاب على نفس المستوى مع المسلمين في الطعام والمصاهرة , طالما يعيشون مع المسلمين في أمن وأمان وسلم وسلام , (وقد سبق توضيح معني الإيمان والإسلام ) فقال تعالى : " اليوم أحل لكم الطيبات وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم وطعامكم حل لهم والمحصنات من المؤمنات والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم إذا أتيتموهن أجورهن محصنين غير مسافحين ولا متخذي أخدان ومن يكفر بالإيمان فقد حبط عمله وهو في الآخرة من الخاسرين " : المائدة – 5 .

والمصاهرة المشتركة والحياة المشتركة على أساس التساوي تعني علاقات الدم والقرابة والحياة الاجتماعية المشتركة , حيث يتنفس أفراد المجتمع التسامح والتساوي في الحقوق والواجبات , ويصبح كل إنسان حرا في عقيدته كيف يشاء بعد تدقيق وتحقيق أو بدون تدقيق وتحقيق , وهذا شأنه , وحسابه عند ربه يوم القيامة , والمهم أن يكون مسالما أمنا مأمون الجانب أو مسلما مؤمنا في تعامله مع الناس لا يعتدي على أحد , وقد سلم الناس من لسانه ويده .

ضاع ذلك كله بسبب مصطلح أهل الذمة الذي أوجد التفرقة والاضطهاد .

وفرض الجزية في عصر الخلفاء الراشدين كان هو التربة التي نبت فيها مصطلح أهل الذمة وما نتج عنه من آثار , ولو لم يرض عمر بن الخطاب بفرض الجزية عليهم لكانوا على قدم المساواة مع العرب , ولكن أن يفرض عمر ثم عثمان الجزية على رءوس الأمم الأخرى , فالمعنى أنهم عنصر أقل شأن ومواطنون من الدرجة الثانية , وكانت تلك البداية لمصطلح أهل الذمة واضطهادهم .. ثم سار الأمويون على طريق التصعيد في الاضطهاد للأقباط في مصر , وللموالي في العراق .




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

من صوري

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي صورة!

فيديوهاتي

LOADING...

المزيد من الفيديوهات