الآن وقد مرت 21 سنة على أحداث الخامس من أكتوبر، كيف هو حال أبرز الوجوه السياسية الفاعلة فيها الآن؟.. هنا قراءة في وجوه 1988 من منظور 2009.
الشاذلي بن جديد: سياسي عجوز يكتب مذكراته
قبيل أحداث الخامس من أكتوبر 1988 كان الرئيس الشاذلي بن جديد يقترب من نهية عهدته الثانية، وكان الجدل على أشده بين مؤيد لتزكيته من المؤتمر السادس لحزب جبهة التحرير لوطني لعهدة رئاسية ثالثة، ومعارض لذلك، وتسرب إشاعة مفادها أن الرجل القوي في الحزب محمد الشريف مساعدية يخطط لما يشبه الانقلاب بدفع المؤتمر إلى ترشيح الدكتور أحمد طالب الإبراهيمي. والشاذلي بن جديد الذي ألقى خطابا يوم 19 سبتمبر 1988 أكد فيه على الإفلاس الاقتصادي لأول مرة في تاريخ الجزائر المستقلة، عد مجددا للظهر ليلة العاشر من أكتوبر في خضم الأحداث بوجه باك، وسرعان ما تجاوز محنته وتمكن من تغيير الدستور والحكومات ويفوز بالعهدة الثالثة قبل أن يذهب ضحية إلغاء المسار الانتخابي سنة 1992، والشاذلي الذي بلغ هذه السنة عامه الثمانين يعيش على هامش الحياة السياسية ويستعد لإصدار مذكراته التي طال انتظارها.
مولود حمروش: صامت في انتظار فرصة للعودة
كان من أبرز الفاعلين في اللعبة السياسية الجزائرية حينها، ومع ذلك كان ينشط في الظل وغير معروف كثيرا عند الرأي العام، إلى درجة أن الكثير لم يتعرف عليه عندما قام الشاذلي بن جديد بتعيينه سنة 1989 رئيسا للحكومة خلفا لقاصدي مرباح المقال. وبعدها أصبح حمروش واحدا من أشهر السياسيين الجزائريين، ترشح للانتخابات الرئاسية سنة 1999 وانسحب في آخر لحظة، ولم يترشح بعد ذلك وهو صاحب مبدأ شهير مفاده أنه لن يترشح ضد مرشح مسبق للجيش، ورغم ثقافته السياسية والفكرية العالية واتقانه لعدة لغات عرف حمروش في السنين الأخيرة بالصمت المحيّر الذي فسّره البعض بالتحفظ الذي قد يقوده يوما إلى كرسي المرادية الذي حلم به طويلا وكان غير بعيد عنه عندما عمل طويلا في رئاسة الجمهورية وكان الأمين العام للرئاسة أثناء أكتوبر 1988، وأعتبر شخصية محورية في تلك الأحداث التي مازال يكتنفها الغموض والجدل.
أحمد طالب الإبرهيمي: طلّق السياسة أم طلّقته؟
كان الدكتور أحمد طالب الإبراهيمي من أهم الوجوه السياسية التي عصفت بها أحداث أكتوبر، فنجل الرئيس الأسبق لجمعية العلماء المسلمين الذي تدرج في السياسة من وزير للتربية إلى الإعلام والثقافة إلى وزير مستشار للرئيس هواري بومدين وأقرب الأشخاص إليه وجد نفسه وزيرا للخارجية سنة 1982 بعد حادثة رحيل محمد الصديق بن يحي، كانت الكثير من المؤشرات تدل على أنه سيكون خليفة للرئيس الشاذلي بن جديد، ووصل الأأمر إلى درجة قول البعض بأن مساعدية كان "يطبخه" على نار هادئة في المؤتمر السادس رئيسا مستقبليا، قبل أن يحدث ما حدث ويخرج الدكتور من باب السياسة ليحاول العودة من جديد من نافذة الانتخابات سنة 1999 قبل أن ينسحب في آخر لحظة، ويمنع من الترشح لرئاسيات 2004 بحجة عدم تمكنه من جمع 75 ألف توقيع، وبعد يأس من الحصول على اعتماد لحزبه حركة الوفاء والعدل، يقرر الابراهيمي اعتزال السياسة نهائيا لتفرغ لكتابه مذكراته التي مازالت تصدر في أجزاء عدة.
محمد الشريف مساعدية: رحل وقد استعاد بعضا من كرامته
يعد الراحل محمد الشريف مساعدية أكبر الخاسرين على الإطلاق، فالرجل الذي كان على رأس اللجنة المركزية لحزب جبهة التحرير الوطني وأقوى رجل في الحزب على الإطلاق، انتشرت ساعتها بشأنه إشاعات كثيرة تتهمه بالفساد إلى درجة أن البعض أثناء الأحداث كان ينادي "مساعدية سرّاق المالية" وقد نحج خصومه في دفع الغاضبين إلى هذات الاتجاه، خوفا مما كان يعده في كواليس المؤتمر السادس للحزب، ونتيجة للأحداث توارى مساعدية خلف الأضواء بعد أن سّلم مقاليد الحزب لعبد الحميد إبراهيمي العائد من السفارة الجزائرية بالمغرب، ولم يعد لمسادية اعتبار إلا مع مجيء الرئيس عبد العزيز بوتفليقة إلى الحكم عندما عينه رئيسا لمجلس الأمة سنة 2001 ليبقى في ذلك المنصب إلى غاية رحيله عن عالمنا في شهر جوان 2002.
العربي بلخير: الجنرال في متاهته
كان الجنرال العربي بلخير واحدا من أقوى رجال الظل، قبل وأثناء وبعد أحداث الخامس من أكتوبر 1988، فأثناء تلك الأحداث كان مديرا لديوان رئيس الجمهورية الشاذلي بن جديد وعندما خرج من مبنى الرئاسة استلم وزارة الداخلية في واحدة من أعقد مراحل الجزائر المستقلة، بعد أحداث جوان 1991 عندما كلف سيد أحمد عزالي بتشكيل حكومة، وأشرف بلخير على انتخابات ديسمبر 1991 التي ألغيت، كما أشرف على تطبيق قانون حالة الطوارئ في فيفري 1992 وعلى ملف حل حزب الجبهة الإسلامية للإنقاذ واعتقال مناضليها في الصحراء، وحل المجاس المنتخبة تعيين مندوبيات تنفيذية محلية. ولم يغادر الوزارة إلا بعد اغتيال محمد بوضياف ومجيء حكومة عبد السلام بلعيد، بل وعاد مرة أخرى إلى رئاسة الجمهورية على رأس الديوان في عهد عبد العزيز بوتفليقة ليعين سفيرا في المغرب ويعاني الآن من متاعب صحية وهو في خريف العمر.
خالد نزار: عسكري وسياسي يأبى التقاعد
كان الجنرال خالد نزار من أبرز الفاعلين في أحداث أكتوبر أوكلت له مهمة حفظ الأمن بالجزائر العاصمة، ويتهمه غيره بأنه من أمر بإطلاق النار على المتظاهرين. ولم تكن أحداث أكتوبر إلا البداية السياسية لهذا العسكري المحترف، حيث تنازل له الرئيس الشاذلي بن جديد عن منصب وزير الدفاع في حكومة مولود حمروش وما بعدها، واعتبر أهم الفاعلين في قضية توقيف المسار الانتخابي سنة 1992 وإقالة الرئيس الشاذلي بن جديد يوم 11 جانفي من نفس السنة، ليصب عضوا في المجلس الأعلى للدولة المشكلة من خمس شخصيات، وقبل أن ينسحب من السياسة مع تعيين الجنرال اليامين زروال رئيسا للدولة، كان قد "تنازل" له على منصب وزير الدفاع، ورغم أنه في التقاعد ويعاني بعض المتاعب الصحية فإن خالد نزار مازال يثير الجدل بمواقفه السياسية المختلفة، وتصريحاته والكتب التي أصدرها لحد الآن.
التعليقات (0)