مصدر حكومي: الجزائر لن تعتذر لمبارك وأوراسكوم مطالبة بـ120 مليون دولار متأخرات الضرائب
مصدر حكومي: الجزائر لن تعتذر لمبارك وأوراسكوم مطالبة بـ120 مليون دولار متأخرات الضرائب
كمال زايت
الجزائر ـ القدس العربي:
قال مصدر حكومي لـالقدس العربي ان الجزائر ليست لها النية للاعتذار من السلطات المصرية لأنها مقتنعة بأنها الأحق بطلب الاعتذار، مشيرا إلى أن الجزائر مقتنعة بأن القيادة المصرية وراء حملة السب والشتم التي قامت بها الفضائيات المصرية خلال الأيام الأخيرة، والتي طالت رموز الجزائر شعبا وقيادة وتاريخا، وهو ما خلف استياء كبيرا لدى جميع مكونات السلطة والشارع الجزائري.
وأضاف المصدر ذاته أن مسألة الاعتذار غير مطروحة بالنسبة للجزائريين، بصرف النظر عن مبادرة الصلح التي أعلن عنها القائد الليبي معمر القذافي، مشددا على أنه حتى لو أراد الرئيس بوتفليقة فإن الأمر تجاوزه وأنه (بوتفليقة) لن يستطيع طلب اعتذار باسم الشعب الجزائري.
وذكر أن هناك غضبا شعبيا واحتقانا بسبب السب والشتم الذي تعرضت له الجزائر على الفضائيات المصرية طوال الأسبوع الذي تلا مباراة السودان، خاصة وأن التلفزيون والإذاعة الحكوميين في الجزائر لم يدخلا في حملة مضادة لرد الإهانة.
واعتبر المصدر أن بوتفليقة نفسه غاضب مما وقع في القاهرة قبيل مباراة يوم 14 تشرين الثاني/نوفمبر الماضي، موضحا أن الرئيس المصري تعهد بحماية اللاعبين والأنصار بعد حادثة الأتوبيس، لكنه لم يفعل مبررا ذلك بأنه لا يستطيع التحكم في 80 مليون مصري، وهي الجملة التي أثارت غضب الرئيس الجزائري.
وأشار المصدر الحكومي إلى أن رجل الأعمال المصري نجيب ساويرس يريد استغلال الأزمة لحل مشاكله مع الضرائب، مشددا على أن مشكل ساويرس كان قائما قبل المباراة بعدة أسابيع، وأنه يريد أن يخلط الأمور، للإيحاء بأنه ضحية انتقام من الضرائب.
وذكر أن الحكومة الجزائرية تفطنت مؤخرا فقط إلى أن ساويرس كان يخرج من الجزائر حوالي 1.8 مليار دولار سنويا كأرباح، كما اكتشفت أنه كان يتهرب من الضرائب، لذا قررت تسليط غرامة مالية عليه، وفقا لما ينص عليه قانون الضرائب.
وذكر أن الطريقة التي تصرف بها صاحب أوراسكوم جعلت السلطات الجزائرية تقرر تطبيق القانون عليه حرفيا، دون أي تساهل مثلما كان الأمر من قبل، مشددا على أن ساويرس مطالب خلال الأيام القليلة القادمة بدفعة أولى من الضرائب تقدر بـ 120 مليون دولار، من أصل 600 مليون دولار التي تطالبه بها مصلحة الضرائب. وأعرب المسؤول نفسه عن أسفه من الطريقة التي يرد بها نجيب ساويرس الجميل للسلطات الجزائرية، التي منحته أول رخصة للهاتف المحمول، وليس الثانية مثلما هو مشاع، ووفرت له حماية غير مسبوقة، ومنحته كل التسهيلات.
وشدد على أنه في الوقت الذي تقوم فيه كل الدول بإعطاء فسحة من الوقت لشركات القطاع العام للاتصالات تصل إلى 4 أو 5 سنوات قبل فتح الباب لشركة أجنبية، فإن الجزائر منحت أوراسكوم الأفضلية، في حين بقيت شركة القطاع العام مجمدة لمدة سنتين قبل أن تنطلق في العمل، ولكن بعد أن كانت الشركة المصرية قد التهمت السوق دون منافس. وذكر أن الدبلوماسية الجزائرية تشتغل في صمت ولا تريد كشف جميع أوراقها الآن، مؤكدا أن أشياء كثيرة ستتغير.
وعلى جانب آخر تستعد شخصيات سياسية وحزبية لإطلاق مبادرة لمساندة سفير الجزائر في القاهرة عبد القادر حجار الذي يتعرض لحملة شعواء في الإعلام المصري.
ويقود هذه الحملة نواب بالبرلمان ينتمون إلى حزب جبهة التحرير الوطني (عضو تحالف رئاسي) والذي يعتبر حجار أحد قياداته. وقد شرع الحزب في استقبال بيانات الدعم والمساندة من مختلف ولايات الوطن.
وينتظر أن تنطلق هذه الحملة بعد عيد الأضحى المبارك، وقد وجهت دعوات لمختلف الأحزاب والجمعيات والمنظمات للانضمام إليها من أجل دعم السفير حجار في الظروف التي يعيشها منذ مباراة السودان، علما بأن مقر السفارة محاصر، وأن هناك مطالب بطرده من القاهرة.
28/11/2009
القدس العربى
----------------------------------------------------
بشرى سارة لمصر والعرب
عبد الوهاب الافندى
27/11/2009
التيار
(1) في نكتة بريطانية قديمة رُوي أن رب أسرة كان يتناول العشاء مع بقية أفراد العائلة في مطعم مشهور، فطلب من النادل بعد الفراغ من الأكل أن يضع فضلات الطعام في صندوق لأنه يريد أن يأخذها معه لإطعام الكلب.
عندها التفت أحد الأطفال قائلاً لأخته: يا لها من بشرى سارة! سيشترون لنا كلباً!
(2) تذكرت هذه النكتة وأنا استمع إلى قادة مصر وهم يتسابقون بعد معركة أم دمان الكروية التاريخية التي رفعت قوماً ووضعت آخرين، للتأكيد على أنهم لن يتهاونوا في كرامة شعب مصر بعد اليوم، وأن أي إهانة يتعرض لها مواطن مصري هي إهانة مصر لن يتسامح معها الزعماء ولا قادة الرأي ومذيعي التلفزيون وكتاب الأعمدة. قلت لنفسي وأنا أتابع هذه الانتفاضة المباركة من أجل كرامة شعب مصر: يالها من بشرى سارة! فلن يهان مصري بعد اليوم، ولن تضام حقوقه، أو يعتقل بغير حق، أو يتعرض للتعذيب، أو يختطف من قبل مخابرات أجنبية ويعاد إلى مصر حيث يجد كل شيء إلا الكرامة.
(3) بنفس الدرجة أشفقت على قادة تلك الأجهزة البوليسية التي امتهنت إهانة وتعذيب المصريين في مراكز الشرطة ومعتقلات الأمن، والمصير المظلم الذي ينتظرهم، هم وأولئك البلطجية الذين تحرشوا بالمصريين والمصريات، وقاموا بالاعتداء على الحرائر في وضح النهار، وعلى مرأي من الشرطة. فهم ومن يقف وراءهم سينالون جزاءهم العادل.
(4) الويل والثبور كذلك من زوروا إرادة المصريين في الانتخابات، ومنعوا المواطنين والمواطنات من الإدلاء بأصواتهم باستخدام كل أساليب البلطجة، وياله من مصير بئيس ذلك الذي ينتظر من روج لأن الشعب المصري يمكن أن يورث كالمتاع ولن تكون له كلمة فيمن ينبغي أن يقود البلاد. أما أولئك الدبلوماسيون الذين مرغوا سمعة مصر في التراب وجعلوها تابعة ذليلة لأمريكا وحاجباً عند نتنياهو، فإنهم سيحسدون ضحايا الثورتين الفرنسية والبلشفية على ما لقيه أولئك من معاملة رحيمة.
(5) ليست مصر وحدها هي التي تشهد انتفاضة الكرامة والعزة، ففي جزائر المليون شهيد نشهد صحوة مماثلة تذكر فيها الشباب مجد أسلافهم. ولا شك أن الثورة الجزائرية الجديدة التي اشتعلت في ظل قبة الإمام المهدي في أم درمان لن تتوقف حتى تكنس من الجزائر المسؤولين عن مجازر العقدين الماضيين وفساد وركود العقود الأربع الماضية. الشباب الجزائري لن يتسكع بين اليوم من ظل حائط إلى آخر، ولن يسابق بقية شباب العرب إلى قوارب الموت نحو أوروبا، بل سيزحف باتجاه قصور الطغاة والمجرمين ويجعلهم هم يتسابقون على قوارب الموت أو يتسكعون عند الحيطان.
(6) رب نقمة في طيها نعم، ولعله من الخطأ أن ننزعج لأن جنون الكرة ألهى الجماهير العربية ومعها الزعماء، عن كل مكرمة، وشغل الناس عن عظائم الأمور بصغائرها. ولكن هل كنا، لولا الكرة، نشهد هذه الصحوة المباركة من أجل كرامة الشعوب، وهذا التضامن المذهل بين كل طبقات الشعب؟
(7) هناك أيضاً اتهام جائر وغير واقعي للحكومات العربية بأنها قد تخلت عن رشدها المعهود، وأصبحت تابعة لسفهائها من الدهماء والغوغاء، بخلاف حكومات الدول المتحضرة التي تردع سفهاءها وترفض أن تنساق وراء إجرامهم. ويقول هؤلاء المفترون إن الحكومات البريطانية كانت قد ابتليت خلال العقود الماضية بمشجعين لفريق انجلترا وبقية فرق الكرة، كانوا كلما دخلوا قرية عاثوا فيها فساداً وهم يرفعون أعلام بلادهم. ولكنها لم ترسل أساطيلها لدعم هؤلاء السفهاء، ولم تأمر البي بي سي أن "تؤدب" فرنسا وغيرها من الدول المارقة عند اعتقال هؤلاء وردعهم، بل بالعكس، تعاونت مع كل دول العالم في تحديد من تولى كبر هذا الإجرام، ووضع أسمائهم في سجل، ومصادرة جوازاتهم لمنعهم من السفر وحرمانهم من تذاكر المباريات.
(8) أنصار هذا الرأي يريدون من حكومات بني يعرب ذات البأس أن تحذو حذور بريطانيا وغيرها من دول المتخاذلة التي تستباح إبلها وحرماتها، لأنها ليست من مازن ولا قريش وغطفان. وهذا خطل كبير، لأن ورثة قوم داحس والغبراء لا يرضون الذل لرجل من القبيلة، مهما كان حظه من السفه، بل نحن ننصر أخانا ظالماً أو مظلوماً، وبالأخص ننصره ظالماً.
(9) إضافة إلى ذلك فإن أنصار مثل هذا الرأي المتخاذل لا يقدرون انتفاضة الحكام الأخيرة حق قدرها. فإنها لخطوة كبيرة إلى الأمام أن تتفاعل الحكومات مع قطاع من الرأي العام وتنحاز إلى فئة من الشعب، حتى ولو كانت سفهاء الأمام وبلطجيتها. أليس اتباع سفهاء الأمة أفضل من اتباع سفهاء الدول الأخرى؟ أوليس تذكر أن للشعوب كرامة يحق للحكومات وحدها انتهاكها هو أيضاً خطوة جبارة إلى الأمام؟
(10) ربما تكون الخطوة التالية –من يدري، فليس ذلك على الله بعزيز- أن يتذكر الحكام وبطانتهم أن للأمم والدول أيضاً كرامة. لقد كان معروضاً على الجزائريين يوماً أن يكونوا مواطنين كاملي المواطنة في فرنسا ولكنهم قاتلوا وبذلوا مليون شهيد لأنهم يريدون وطناً مستقلاً. أما اليوم فإن الجزائري يستشهد حتى يصبح كناس طرق في فرنسا. وحتى عهد قريب كانت مصر تدافع عن كرامة كل العرب وكانت كرامتها محفوظة مصانة. أما اليوم فإن غاية الكرامة أصبحت عند البعض هي أن تصبح مصر بواب نظام الاحتلال في غزة والمكان الذي يقضي فيه نتنياهو حاجته. فعسى أن نكره انتفاضة السفه والعصبية ويجعل الله فيها خيراً كثيراً، إذ ليس هناك شر مما نحن فيه!
رجاء
-----------------------------------------------
مهزلة جزائرية مصرية
عبد الباري عطوان
تحتل اربع دول عربية المراتب الاولى على قائمة الدول الأكثر فسادا في العالم، اضافة الى افغانستان، حسب منظمة الشفافية الدولية، ولكن لم يخطر في بالنا مطلقا، ان تستخدم انظمتنا الرياضة من اجل تحويل الانظار عن فسادها ودكتاتوريتها القمعية، وبذر بذور الكراهية بين ابناء الأمة الواحدة، مثلما شاهدنا في الايام العشرة السوداء الاخيرة، التي بدأت وانتهت بمباراتي فريقي مصر والجزائر، في تصفيات نهائي كأس العالم الصيف المقبل في جنوب افريقيا.
هذا المخزون الكبير من الكراهية الذي انعكس في تصرفات النخب السياسية والاعلامية في البلدين جاء مفاجئا بالنسبة الينا، وربما لمعظم العرب الآخرين، بحيث يدفعنا لاعادة النظر في الكثير من المقولات حول الاخوة والروابط المشتركة، والانتماء الواحد للعرق والعقيدة.
نحن امام حرب حقيقية، وعمليات تجييش اعلامي ودبلوماسي لم يسبق لها مثيل، وكل هذا من اجل الفوز في مباراة كرة قدم بين فريقي دولتين وشعبين شقيقين، من المفترض ان الفائز من بينهما سيمثل العرب جميعا في هذه المسابقة الكروية الدولية.
عندما قرأت انباء عقد الرئيس حسني مبارك اجتماعا طارئا لاركان دولته، ابتداء من مجلس الوزراء ومرورا بقائد جهاز المخابرات، وانتهاء برئيس هيئة اركان الجيش المصري، تبادر الى ذهني ان مصر على ابواب مواجهة مصيرية مع اعداء الأمة والعقيدة، ولم اصدق ان هذا الاجتماع غير المسبوق منذ الاعداد لحرب العاشر من رمضان اكتوبر المجيدة عام 1973، هو لبحث كيفية الرد على العدوان الجزائري المزعوم في الخرطوم، الذي اسفر عن اصابة عشرين مشجعا مصريا.
هذه ليست مصر الكبيرة العظيمة، حاضنة الامة ورافعتها، وفخر العرب جميعا بتضحياتها وابداعاتها في الميادين كافة. هذه مصر اخرى لا نعرفها، وفوجئنا بها، وبعض سلوكيات اهل الحكم فيها، وحوارييهم خاصة، في وسائل الاعلام المقروءة والمرئية.
الحكومة المصرية لم تسحب سفيرها في تل ابيب عندما اعتدت اسرائيل على لبنان مرتين، الاولى عام 1982، والثانية في عام 2006، ولم تطرد السفير الاسرائيلي وتغلق سفارته في القاهرة، عندما اجتاحت قواتها قطاع غزة، واستخدمت الفوسفور الابيض لحرق اجساد الاطفال والنساء، رغم ان هذا القطاع يخضع حتى هذه اللحظة للادارة المصرية قانونيا، وثلاثة ارباع ابنائه يرتبطون بروابط الدم او النسب مع اشقائهم في مصر.
ان يعتدي جزائريون على اشقائهم المصريين العاملين في عاصمة بلادهم، فهذا امر مستهجن ومدان وغير اخلاقي، وان يقذف مشجعون مصريون حافلة الفريق الجزائري وهو في طريقه من مطار القاهرة الى مقر اقامته، فهو امر معيب ايضا، ولكن لا هؤلاء، ولا اولئك يمثلون الغالبية الساحقة من ابناء الشعبين المصري والجزائري، وانما قلة منحرفة موتورة حاقدة.
الشغب الكروي امر عادي يتكرر اسبوعيا في مختلف انحاء العالم، بما في ذلك اوروبا المتحضرة، وهناك امثلة لا حصر لها عن اشتباكات بين مشجعين انكليز وفرنسيين او المان وروس، بل وبين مشجعي فريقين من المدينة الواحدة، يسقط فيها عشرات القتلى والجرحى، ولكن لا تتدخل الحكومات ولا تسحب سفراءها، وتترك الامور في نطاقها الكروي.
في اليوم نفسه الذي كانت تدور فيه احداث الحرب الكروية المصرية الجزائرية على ارض ام درمان السودانية، تقابل منتخبا فرنسا وايرلندا، وفاز الاول بهدف من جراء لمسة يد من احد مهاجميه (تيري هنري) اظهرتها عدسات التلفزة بكل وضوح، واعيدت اللقطة مئات المرات على شاشات التلفزة العالمية، بل واعترف اللاعب نفسه انه مارس الغش ولمس الكرة متعمدا، ولكن لم نر التلفزيونات الايرلندية تستضيف الكتاب والشعراء والفنانين والرياضيين الايرلنديين لتوجيه اقذع انواع السباب الى الشعب الفرنسي او حكومته، او حتى للاتحاد الدولي لكرة القدم الذي رفض طلبا باعادة المباراة تقدم به رئيس وزراء ايرلندا.
الحكومتان الجزائرية والمصرية تعمدتا صب الزيت على نار الاحقاد، وانخرطتا في عمليات تعبئة وتجييش لمشجعي شعبيهما ضد بعضهما البعض، لاسباب سياسية مريضة وغير اخلاقية.
الحكومة المصرية كانت تريد فوزا يشغل الشعب المصري عن الظروف المعيشية المزرية التي يعيشها، جراء الفساد والبطالة، وبما يسهل عملية التوريث التي واجهت حملات شرسة عرقلت مسيرتها بعد دخول مدفعيات ثقيلة في المعركة ضدها، مثل السادة محمد حسنين هيكل، والدكتور محمد البرادعي، والسيد عمرو موسى.
الحكومة الجزائرية ارادت تحويل انظار الشعب الجزائري عن النهب المنظم لثرواته، وتفاقم معاناته، وركوب ابنائه قوارب الموت بحثا عن لقمة عيش على الساحل الاوروبي من البحر المتوسط، بسبب استفحال البطالة في بلد يعتبر الاغنى في محيطه، لثرواته الهائلة من النفط والغاز والزراعة والصناعة.
كان القاسم المشترك بين النظامين المصري والجزائري واضحا في استاد المريخ في ام درمان، حيث تصدر ابنا الرئيس مبارك جمال وعلاء منصة الشرف، جنبا الى جنب مع شقيقي الرئيس الجزائري اللذين مثلاه في المباراة. اليس هذا دليلا اضافيا على المحسوبية، والتوجه نحو التوريث، والضرب عرض الحائط بالدساتير، وتقاليد الانظمة الجمهورية المتبعة في العالم بأسره؟
وما نستغربه اكثر هو حال الغضب المصري الرسمي، وربما الشعبي ايضا، تجاه السودان الشقيق، الذي ليس له في هذه الحرب ناقة او جمل، ولم يستشر فيها، وانما جرى فرضها عليه من قبل اشقائه الشماليين ايمانا منهم بوحدة وادي النيل، الذين اختاروا الخرطوم كأرض اهلها اقرب اليهم لاستضافة المعركة الحاسمة.
الحكومة السودانية يجب ان تتلقى كل الشكر، لا اللوم، من قبل نظيرتها المصرية، لانها نجحت، رغم امكانياتها القليلة، في توفير اجواء امنية طيبة، وسيطرت على حوالى اربعين الف مشجع من البلدين وانصارهما، ولم تحدث اي خروقات امنية داخل الملعب او خارجه، باستثناء اشتباكات محدودة ادت الى اصابة بعض المشجعين بجروح طفيفة، عولجت في حينها، ولم يمكث اي من المصابين ساعة واحدة في المستشفى. وحتى لو اصيب عشرون مشجعا مصريا نتيجة اعتداءات مشجعين جزائريين، وسكاكينهم، فإن هذا الرقم لا يذكر بالمقارنة مع مشاعر الكراهية المتأججة في اوساط الجانبين.
كان من المفترض ان تقدر الحكومتان المصرية والجزائرية الادارة المتميزة لنظيرتهما السودانية للأزمة، ونجاحها في منع مذابح حقيقية على ارضها، لا ان تقدم الحكومة المصرية على استدعاء السفير السوداني لابلاغه احتجاجا على تقصير حكومته في حماية المشجعين المصريين بالشكل الكافي.
ختاما نقول إننا شعرنا بالخجل، بل والعار، كأعلاميين ونحن نتابع الإسفاف الذي انحدرت اليه وسائل اعلام في البلدين، لم نتصور مطلقا ان يهبط مستوى بعض الزملاء الى هذه المستويات الدنيا، من الردح والتحريض ضد الطرف الآخر وحكومته وشعبه.
انها سابقة خطيرة، يندى لها الجبين، نعترف فيها بان نظامي البلدين صدّرا ازماتهما مع شعوبهما من نافذة مباراة كرة قدم، بايقاع اقرب شعبين الى بعضهما البعض في مصيدة الكراهية والاحقاد. لقد نجح النظامان بامتياز في مكرهما هذا، بينما يدفع الشعبان الطيبان، والامة العربية ثمنه غاليا.
القدس العربى
التعليقات (0)