منذ بداية الأزمة بدولة مالي، والمؤشرات كلها تدل على أن الوضع المُتفاقم هناك، سينفجر يوما مُُحرقا كل المنطقة . لأنه قائم على جُزئيات صغيرة ورهانات كبيرة، ومُخططات ليست مالي وحدها المعنية بها بالتأكيد . فما مالي وإمكاناتها مقارنة بالجارة الشمالية الجزائر مثلا ؟!..
الجزائر التي لطالما عُرفت بسياسة النأي بالنفس التي تنتهجها، وبرفضها الدّائم والقاطع للتدخلات الخارجية في الشؤون الدّاخلية لأي دولة، خصوصا إذا كان التدخل عسكريا . هاهي تُفاجئ الجميع بتغيير موقفها الدّاعي لإيجاد حلول سلمية للقضايا مهما كانت مُعقّدة أو دامية، كما تجربتها الرّائدة في إنهاء الحرب ضد الإرهاب على أراضيها سلميا . وتقرر خوض معركة أخيرة لكنها ليست حاسمة ضد ذات الخطر، لأنها خارج حدود أراضيها، ومُعطيات الخارج ليست كما معطيات الدّاخل، ما يجعل المُخاطرة كبيرة ؟!..
والمفارقة أن الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة الذي كان حماما للسلام بين الدولة العسكرية والجماعات الإرهابية، والذي سنّ (الوئام المدني) و(المصالحة الوطنية) و(العفو الشامل) . هو نفسه عرّاب الحرب بين القوى العسكرية الأفريقية والغربية، وبين الجماعات الإرهابية القابعة بشمال مالي ؟!..
فما حجم التهديد الذي يمكن أن تشكله تلك الجماعات على أمن الجزائر الدّاخلي يا ترى، حتى تُخرج إليها قوّاتها لمواجهتها ؟!.. وهل فعلا تلك القوات في مستوى خوض الحروب الخارجية ؟!.. وهل للجزائر ترسانة أسلحة يمكن الإعتماد عليها أو(ترفع الرأس) ؟!..
أسئلة كثيرة تحوم في الأجواء تماما كروائح الموت والدّمار، ولن يستطيع الإجابة عنها سوى مَن كانوا على إطلاع بمضمون الرسالة السّرية (الفعّالة) التي حملتها وزيرة الخارجية الأمريكية إلى الحكومة الجزائرية، وجعلتها تغيّر مواقفها الرّاسخة منذ عقود، مائة وثمانون درجة بين عشيّة وضحاها ؟!.. تلك الرّسالة التي أنست الدولة الرّسمية، رفضها ذات يوم للتدخل الأمريكي في أراضيها بذريعة مساعدتها في مواجهة اٌلإرهاب ؟!.. وأنست الرئيس بوتفليقة أن حرب الدّاخل التي أنهكت الجزائر واستنزفت طاقاتها، لم تدع شيئا لحرب الخارج التي تُقرع طبولها بإحتشام ؟!..
ذلك أن الجيش الجزائري لايملك إمكانيات التمدّد خارج الحدود، وإن فعل وتحامل على محدودية قدراته وأسلحته، فهو كمن يجرّنا إلى الإنتحار !.. فهل تراه المصير الذي يُريدونه للجزائر ؟!.
02 . 11 . 2012
التعليقات (0)