الجزائر من عنق الزجاجة
باتت الجزائر على مقربة من الخروج من عُنق الزجاجة بعد أقل من شهر على انطلاقة حراكها الشعبي الرافض لعهدة خامسة للرئيس عبدالعزيز بوتفليقة الذي يحاول المقربين منه تقديمة للمشهد السياسي من جديد رغم ظروفه الصحية التي اعاقته عن آداء مهامه الدستورية منذ 2011م ، للرئيس بوتفليقة تاريخ سياسي نضالي ثوري ولعل أهم محطه في تاريخة السياسي إخراج الجزائر من محنتها الدموية التي ضربتها في تسعينيات القرن الماضي وتسببت في تعثر التنمية وازهاق الأنفس وتدمير الممتلكات وبروز ظاهرة الجهاد الجزائري ضد نظام الحكم في تلك الفترة أسباب تلك المحنة سياسي في المقام الأول بعد انتخاباتِ كانت ستحسم لصالح الاسلاميين آنذاك ، في العالم العربي يتم تعديل الدساتير مراراً وتكراراً ليضمن الرئيس فوزه وبقاءه في السلطة إلى أن يموت هذه الحالة العربية الفريدة تعود إلى العصبية عصبية الحكم فالاحزاب السياسية العربية ماهي إلا واجهة حداثية للعصبية القديمة وهذه إشكالية لن تزول إلا بزوال العصبية ومغذيها الجهل وحاضنها الاستبداد ، الشعب الجزائري لا يريد إلا حياة كريمة وتنمية حقيقية ومشاركة شعبية سياسية ونظام حكم يختاره ويحاسبه بنفسه عبر مؤسسات نزيهة ويشارك أطياف الشعب في كل ذلك بلا استثناء تلك هي مطالب الشعب الجزائري وهي مطالب الشعوب العربية قبل ربيعها المختطف 2010م وبعده أيضاً لم تتغير ولن تتغير ، ترشح بوتفليقة يعني بقاء النظام وسياساته بلا تغيير وهذا ما حدا بالشارع الجزائري لأن يخرج رافضاً العهدة الخامسة ، الصورة الواضحة تقول أن بوتفليقة لا يحكم وإنما الجيش وجهاز المخابرات وبعض المقربين من ذوي المصالح ، الجزائر بلد المليون شهيد والثروات المختلفة لا يحتاج لعصبية سياسية وهيمنة شخصيات معينة وبيروقراطية وقبضة عسكرية بل يحتاج لجيلِ واعي يقود البلاد والعباد إلى المستقبل الذي طالما انتظره الجزائريين منذ استقلالها عن فرنسا ، اليوم استجاب الرئيس بوتفليقة لمطالب الشارع آجل الانتخابات وتعهد بعدم ترشحه لولاية خامسة وفتح باب الحوار عبر ندوة وطنية تنتهي إلى صياغة دستور وطني يتم الاستفتاء عليه آواخر هذا العام ، الجزائر المتنوعة ثقافياً وفكرياً وعرقياً بحاجة لتنوع سياسي تنوع منبثق ومنسجم من تنوعها الثقافي والفكري والعرقي تنوع لا يقصي أحداً فجميع القوى السياسية يساريه أو يمينة إسلامية أو غير ذلك يجب أن تكون حاضرة بالمشهد السياسي ومشاركة بتلك الندوة الوطنية لتخرج الجزائر من عنق الزجاجة وينتهي حكم الحزب الواحد والشخص الواحد الذي يقف وخلفه شعار تعددية وآمة خالدة والواقع يقول غير ذلك ، الجزائر تتنفس بعد أسابيع من المظاهرات السلمية فالقدر قال كلمته والحكمة غلبت احلام البعض والقادم سيكون أجمل إذا صدقت نوايا السياسيين الذين يرون في السلطة كعكة لا يستحق أحد أن يتذوقها من خارج دائرتهم الضيقة ، الجزائر بلد النفط والجيش والقبضة الحديدية والآمال والآدب والثقافة لن تكون لقمة سائغة لمن آراد وهذه رسالة الشعب في الأسابيع الماضية فكان الخبر استجابة على مضض بشروط النخبة الحاكمة التي لن تتنازل بسهولة وبدون مقايضة ..
التعليقات (0)