تأهل المنتخب الجزائري عشية الأمس إلى مونديال جوهانسبورغ 2010 ، بعد فوزه على المنتخب المصري ، في لقاء السد الذي إحتضنته السودان ، والكل يعلم تفاصيل الجولة الكروية لكلا الفريقين في أرجاء بقعهما الجغرافية ، والكل مشحون بشحنات إما إيجابية وإما سلبية ، فالمشحونون سلبيا إستمدوا شحناتهم من مشاهد (سلبية جدا) صورتها كاميرات مَن أعمتهم (العصبية الجاهلية) عن رؤية (إباحيتهم وجهلهم) التي تصوروها ، وصوروها ، ونقلوها ، على أنها (فضيلة وتحضر) ؟! .. أما المشحونون إيجابيا فقد إستمدوا شحناتهم من تفاصيل أدق من أن تراها عيون (المخرجين المزيفين) ، ومقدمي برامجهم (المتثاقفين) ، لكنها أكبر من (سفسطتهم) وأهم من (تحليلاتهم الأنانية) ، ويكفي نقل أجواء الإخاء التي أيقظها (لقاء كروي) بين ثلاثية هي ثلاثية من كتلة عربية (واحدة ومشتعلة) ؟! .. فالشعب الجزائري عانى الأمرّين ومن حقه أن ينتهز أي مناسبة (دينية ، أو سياسية ، أو حتى عبثية مثل [لعبة] مصنوعة من جلد ينط هنا وهناك !) ، والشعب المصري لايزال يعاني الأمرّين جراء الوضع الإقتصادي ، ومن حقه أيضا أن يخلق له بين الحين والآخر جوا عبثيا يُنسيه آلامه ، ويحاكي آماله في الرقي ، أما الشعب السوداني فهو أشد حاجة من سابقيه في أفراح ( حتى ولو كانت مصدّرة إليه ) تنسيه مؤامرات الكائدين له بتجزئة أراضيه ، والذين سخروا (أوكامبوا) ليزيح (بالقانون) من يعتبرونه دكتاتورا ، فقط لأنه يحافظ على (وحدة) دكتاتوريته ؟!
[أحقية] كل الشعوب (العربية) بالفرح لاتدع مجالا للشك بأن الهدف الواحد(يمنع الإختلاف) ... فجميع الشعوب العربية تحت ضغوط أعداء (وحدة أراضيها) ، وتحت سلطة الكيانات الداعمة (للأصولية اليهودية) ، وتحت رقابة دائمة (لسماسرة المادية) المدفوعين بقوى (الطامعين) في ثرواتها ، والحانقين على (الإرث الديني والعقائدي) .. وجميع الدول العربية ليست في منئى من الفساد (السلطوي) ، والإختلاسات ، والمحسوبيات ، والإستنزافات لطاقات مبدعيها ، وقتل طموحاتهم ، وكتم لأنفاس مفكريها ومثقفيها ، وجميع الأنظمة العربية (تابعة ومنقادة) وخاذلة ومخذولة ، وجميعها أنظمة قاسية ودكتاتورة ولاتعرف المرونة ..... لكننا نختلف ، ونتناطح ( كالكباش) ، ونتسابب ، ونتشاتم ، ونتحاسد أفراحنا ، ونتراشق بالحجارة ، ونفقس رؤوس بعضنا البعض ... فقط من أجل [لعبة عبثية] كان من المفروض أن تكون (مهربنا الجماعي) ومتنفسنا من [هراطق حكوماتنا ، ومجون مسؤولينا] ؟!
فرح الجزائريون على (أرض تشرذمهم) ، ثم فرح المصريون بدورهم على (أرض تشرذمهم) ، وما بين ( أرض تشرذم ) هؤلاء ، و(أرض تشرذم) أولئك ، أحدثوا جميعا شروخا عميقة في أراضي علاقاتهم ببعض ، وعاثوا في أعراض بعضهم البعض ، وداسوا على كرامات بعضهم البعض ، وأسالوا دماء بعضهم البعض ، وجرحوا ، وجرّحوا بعضهم البعض ، في محاولاتهم (الدامية) و(الأنانية) لاحتواء الفرحة (في حدودهم الضيقة) ، فحرموا السودانيين (والعروبة النازفة) من مشاهد : الإخاء ، والتكاتف ، والمؤازرة ... وحولوا حلم (الوحدة العربية) إلى كابوس ! .. ونسفوا (في أزمنة قصيرة) ما بناه الرجال من أصحاب المبادئ الحقيقية ، والذين قطعت نضالاتهم أشواطا طويلة من أجل تجسيد الحلم العربي ؟! ..
تأهلت الجزائر إلى نهائيات كأس العالم ... لكن ... كانت (فرحتي) لتكون أكبر ، وألذ طعما لو كان ذلك (بإحداثيات) أخرى ، و(بتفاصيل) أخرى ، ومعطيات أخرى ، أهمها مُعطى (الهوية الإنسانية)؟!.
ــــــــــــــــ
التعليقات (0)