مواضيع اليوم

الجزائر: جدل عقيم حول المقاتلة المغربية اف16 ومحاولة فاشلة لتوجيه رياح التغيير.

إدريس ولد القابلة

2011-08-12 02:13:41

0

الجزائر: جدل عقيم حول المقاتلة المغربية اف16
ومحاولة فاشلة لتوجيه رياح التغيير 

 

  

 
ذ.عبد الرحمان مكاوي كاتب مغاربي  

هل الخلاف السياسي المغربي الجزائري تحول هذه الأيام من البر و البحر إلى الجو بين طائرتي اف16 الأمريكية و الميغ 29 الروسية ؟أم تأويلات و اجتهادات خاطئة شكلت زوبعة في فنجان؟   
     كمغاربة, من الطبيعي و البديهي أن نصفق لكل تطور ايجابي تنجزه أو تحصل عليه الجزائر الشقيقة خاصة إذا كان الأمر يتعلق بقيمة إضافية تهم الأمن القومي العربي والإسلامي و الدفاع المشترك ضد الاستعمار و الصهيونية و الامبريالية و التخلف. و لقد حدث هذا في الماضي عندما اختلط الدم الجزائري و المغربي في الاوراس و الريف.
و لكن مع الأسف ,ما ينشر و يذاع في الإعلام الجزائري المسموع و المرئي و المكتوب (الرسمي و المستقل) حول اقتناء المغرب ل24 طائرة من نوع أف 16 الأمريكية بقيمة 2.6 مليار دولار, أظهرت حقدا و غضبا غير معقول و غير مسؤول و غير موضوعي و حيادي لبعض الأقلام و المحللين العسكريين المعروفين بولائهم للمؤسسة العسكرية ,الذين لم نسمع عنهم من قبل لا في الشرق و لا في الغرب . فكانت تفسيراتهم خاطئة و مضللة و ملغومة, فأصبحوا لا يميزون بصفة مقصودة و مغرضة بين ركائز العقيدة العسكرية التي بني عليها الجيش الوطني الشعبي و الإستراتيجيات التي يعتمدها و تكتيكات هذا الجيش, كما أبانوا عن جهل كبير في معرفتهم للمحطات التاريخية التي مر منها هدا الجيش منذ سنة 1962 إلى الآن .فالجيوش في كل الأوطان مثلها كمثل الإنسان ,يقتني ملابسه حسب الفصول و حسب سنه و وزنه و طوله و عرضه ,و حسب المدا خيل التي يتوفر عليها, و حسب المحيط الذي يعيش فيه, و الأفكار التي يتشبع بها و طبيعة العلاقات التي تجمعه مع الآخرين ...الخ. فكل المقالات و التحليلات الجزائرية, فيما يخص تحديث السلاح الجوي المغربي ، طبعها التعصب و التشنج و اللغط و هذا تم على ما يبدو بتوجيه من مديرية الإعلام و التوجيه التابعة لوزارة الدفاع الجزائرية التي يراسها يا حسرة لواء .
فما هو المقصود من هذا الضجيج المفتعل المتزامن و المتزايد و المركز ؟و ما هي الاهذاف الخفية من هذا التضليل المكشوف ؟ ان هذه الاسطوانات المشروخة التي تعودنا عليها ,عبرت عن خوفها و قلقها بل و غضبها و امتعاضها من تأهيل و تطوير القوات الجوية المغربية خاصة ,و الجيش المغربي عامة. و رأت في تحسين القدرات الدفاعية للمغرب خطرا استراتيجيا مباشرا على سيادة الجزائر و أمنها القومي و استقرارها الداخلي و الخارجي. فالتسلح المغربي بالتكنولوجيا المتطورة في نظرهم, ينبغي أن يخضع لموافقتهم و تزكيتهم ،بل تعتبر بعض العقول المريضة في الجزائر, أن عملية تحديث و تأهيل الجيش المغربي قد يخلخل ميزان القوى في شمال إفريقيا, بل في العالم بأسره!! و كان المغرب قد اقتنى 24 قنبلة نووية أو 24 مقنبلة إستراتيجية ب52 أو 24 من أنظمة صواريخ توما هوك او 24 من نوع طائرة الأشباح ...! انه تحقير لذكاء الجزائريين و نخبتهم العسكرية الوطنية في الجيش الوطني الشعبي . فهذا النوع من التفسيرات المغلوطة والتي تظهر علينا في مناسبات معينة ,هي في الحقيقة محاولة الغرض منها هو إجهاض كل انتفاضة شعبية داخلية منتظرة و الالتفاف حول موضوع الديمقراطية و الإصلاحات و مشروع الخلافة في الحكم و التغيير الدي جاء به الربيع العربي من المحيط إلى الخليج ,و الجزائر ليست استثناء في هذا المشهد الكبير. فلقد استعمل هذا الخطاب النابع من صميم نظرية المؤامرة ,منذ استقلال الجزائر إلى الآن, و في كل مناسبة أحست المؤسسة العسكرية بتصدع او تململ داخلي بين اجنحة النظام الجزائري من جهة ,و بين هدا النظام و الشعب الجزائري المغبون.نظام يدعي انه يتوفر على الجيش الأول و الأقوى في شمال إفريقيا و على اكبر ترسانة حربية في المنطقة ,و هذا أمر فيه نظر و نقاش عميقين و لا يعكس جوهر الواقع ألتصارعي على الارض.
إن الجزائر كما تدعي, تتعايش في وئام و سلام و تعاون مع كل جيرانها ,و هذا غير صحيح, فخفايا الأمور و حقيقة الأشياء تبرز عكس ذلك تماما ,فجنرالات الجزائر يعتبرون شعبهم الجزائري التواق للديمقراطية و العزة و الكرامة بمثابة العدو الاستراتيجي الأول الذي ينبغي السيطرة عليه و قمعه و ترهيبه و تدجينه بواسطة هذه الترسانة من الأسلحة المتنوعة و المتطورة و الباهضة الثمن و التي قاربت 35 مليار دولار من ثروة الشعب الجزائري الفقير ، و ذلك منذ وصول الرئيس عبد العزيز بوتفليقة. فالتحضير لقمع الاحتجاجات الشبابية التي تدل عليه جميع المؤشرات و الأخبار هي حقيقة تابثة و ساعتها آتية لا ريب فيها ،الأمر الذي يدفع بحكام الجزائر إلى استعمال فزاعة المغرب "المروك" لرص الصفوف لمواجهة الخطر الخارجي المتمثل في المغرب ، مخلب فرنسا وأمريكا في إفريقيا قصد التغطية على هذا السباق المحموم نحو التسلح.
و في هذا السياق المشحون, نذكر ان الساسة في الجزائر يتخوفون كذلك من الثورة التونسية الوليدة ,العدو الجديد ,التي قد تطالبهم في المستقبل ب 90 ألف كلم² من الأراضي التونسية التي تنازل عليها الرئيس بورقيبة للعقيد بومدين مقابل %10 من عائدات آبار البترول و الغاز ,بالإضافة الى20%من الرسومات على مرور أنابيب الغاز السائل إلى ايطاليا .و في نفس الدرجة من الخوف و الرعب, نرى المؤسسة العسكرية الجزائرية قلقة من الثورة الليبية التي قد تطالبها هي الأخرى بعد رحيل معمر محمد ابو منيار القذافي ,بأراض ليبية التي تنازل عنها الزعيم الليبي للجزائر في السبعينيات, و لم يستطع استرجاعها. للعلم،فمنطقة غادمس و التي هي بحر من المياه الجوفية العذبة و غنية بالنفط و الغاز و الذهب و الماس هي محور الصراع الجزائري الليبي في المستقبل.نفس التوجس قد يأتيهم من مالي أو النيجر أو موريتانيا الذين قد يطالبون بالهوكاراو كما سماه ذيغول جمهورية تاركستان ,الجمهورية التي أراد خلقها في جنوب الجزائر و التي لها امتدادات ثقافية و عرقية مع قبائل التوارق في دول الساحل بأكملها .
أما على مستوى الحدود الغربية الجزائرية, فلا زال مشكل الصحراء الشرقية و الغربية قائما, و لازالت الحدود بين البلدين الجارين غير مرسومة و غير معتمدة و مغلقة. فالاستعمار الفرنسي ترك ألغاما كثيرة قد تنفجر في كل لحظة و في كل منطقة تحيط بالجزائر.
فالسباق الجنوني نحو التسلح في شمال إفريقيا, لا يكسر إرادة الشعوب و لا يثنيها في المطالبة بحقوقها المشروعة في الوحدة و الديمقراطية و السلام, طال الزمن أم قصر. فالإلحاح المغربي على تطبيع الأوضاع و فتح الحدود المغربية-الجزائرية طبقا للقاعدة الفقهية ^^الله يحب العبد الملحاح ^^ ليس استجداء كما كتبت جريدة الشروق الجزائرية ,و لكنه طموح لتجاوز الحواجز الديماغوجية , و التراكمات التاريخية بين البلدين ، و محاولة لإبطال مفعول تلك الألغام التي قد تنفجر في وجه الجميع الحرب العراقية الايرانية نموذجا .
و سوف نتناول في مقال مقبل و بتفصيل و بناء على تقارير أعدتها بعض مراكز البحوث الغربية و الروسية المختصة في الدراسات العسكرية و الإستراتيجية طبيعة الصفقات العسكرية التي أبرمتها الجزائر و المغرب مع كل من روسيا ،ألمانيا،بريطانيا، ايطاليا،اسبانيا، البرازيل، أمريكا ، الصين الشعبية ،كوريا الجنوبية ،وجنوب إفريقيا .كما سوف نتعرض إلى القيمة المضافة للجيش المغربي على اثر دخول المغرب في مجلس التعاون الخليجي.
في الختام ,هناك صفقات للتسلح رسمية معروفة تبرم بناء على عقود و أخرى تتم تحت الطاولة حسب مخرجات سرية يتفنن فيها تجار الموت في الأسواق السوداء و خفافيش الظلام !
ذ.عبد الرحمان مكاوي كاتب مغاربي






التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

فيديوهاتي

LOADING...

المزيد من الفيديوهات