الجزء السابع والعشرون -سورة(النجم)
سورة (النجم ) :
فى هذه السورة الكريمة وردت مادة (المراء) مرتين "أفتمارونه على مايرى "12"فبأى آلاء ربك تتمارى "55
والمراء يعنى الجدال والشك
وهنا مفتاح سورة النجم .فهى تخاطب الشاكين فى الله تعالى والرسول صلى الله عليه وسلم وتهدف إلى إزالة شكوكهم .
فتبدأ بقسم الله بالنجم عندما يغرب ويزول أثره والله تعالى عندما يقسم ببعض مخلوقاته إنما يوجه النظر إليه وكأنه يقول للشاكّين:
انظروا إلى هذا النجم الذى تعبدونه(الشعرى) وتأملوه هل يثبت على حال ؟أم يظهر ويختفى ؟إنه -إذن-متغير.إنه -إذن-محتاج لمن يظهره ويخفيه .فهل هذا يصلح أن يكون إلاها ؟وهل يعقل -بعد هذا-أن تشكوا فى محمد صلى الله عليه وسلم عندما يدعوكم إلى الله وحده ؟وكيف تشكون فيه وقد صاحبكم عمرا قبل البعثة وكنتم تسمونه الصادق الأمين ؟هل يعقل أن ينقلب الصادق الأمين فجأة إلى ضال منحرف ؟كلا "ماضل صاحبكم وما غوى ".
لقد تعودتم على سجع الكهان الذين ينطقون عن هوى لاأساس له أما محمد فنبى مرسل"وماينطق عن الهوى إن هو إلا وحى يوحى".وإذا كان للشك مجال فيجب أن يتجه إلى سدنة الأصنام
من أين يستمدون أقوالهم ؟من علمهم ؟هل تجدون جوابا ؟
أما هذا النبى المرسل فقد علمه رئيس الملائكة إنه مخلوق "شديد القوى ذو عقل راجح .وإياكم أن تشكوا فى حقيقة الوحى .إنه حقيقة واقعة ولقد التقى محمد بجبريل -وهو على خلقته الأصلية-مرتين بالأفق الأعلى وكان قريبا منه "قاب قوسين أو أدنى "فأوحى إلى عبد الله محمد ما أمربه .وتلقى صلى الله عليه وسلم هذا المشهد وهذا الوحى ببصر ثابت وقلب مستيقن فعلام تجادلونه ؟
أيها المتشككون..
ألا يخطر ببالكم المقارنة بين كهانكم وبين محمد ؟شتان شتان ....
هؤلاء مرتزقة يفترون الأقوال ليفرغوا جيوب الناس وإذا صدقوا حينا كذبوا فى أغلب الأحيان...ثم هم قوم لارسالة لهم .
أما محمد صلى الله عليه وسلم فرجل تعرفونه حق المعرفة وله عندكم قدر غير منكور وله عند ربه قدر عظيم فهاهو فى رحلة تكريم إلى الملأ الأعلى حيث مالاتعلمون من خلق الله من جنة المأوى وسدرة المنتهى فهل تعرفون شيئا عنهما ؟إنهما من مخلوقات رب محمد المعبود بحق .لأنه مالك الكون كله .
وإذا نظرتم إلى آلهتكم المزعومة (اللات والعزى ومناة )فإن المقارنة ستكون مضحكة للغاية ...
ماذا تعبدون ؟أيها العقلاء ماذا تعبدون ؟
أتشكون فى الحق الذى تنطق به الآيات المقروءة والآيات المرئية
ثم تثقون فى أسماء سميتموها أنتم وآباؤكم وصنعتموها أنتم وآباؤكم وليس عليها برهان محترم ؟
إن الإنسان مخلوق متدين بفطرته شاء أم أبى حتى الشاكّون يتخذون لهم آلهة تعجبهم من هواهم أو من المخلوقات ...
وإذا كان التدين ضرورة فأولى بالعاقل أن يبنى دينه على اليقين لا على الظن .وأنتم -أيها الشاكون -تبنون معتقدكم على الظن وما تهوى الأنفس وهذا -بالطبع -يصب فى أنهار أحزانكم ويضع على رقابكم جبال الحيرة والقلق ...فانتبهوا وتفكروا وانظروا إلى أين أنتم ماضون .
أيها الشاكون..
إذا كنتم تشكون فى محمد صلى الله عليه وسلم فإنه رسول يؤدى ما عليه ولكنه حزين من إعراضكم آسف على مصيركم ولكنه رسول ليس له من الأمرشىء فماذا يفعل لكم إن توليتم عن ذكر الله ؟
ليس أمامه إلا تركهم وشأنهم يواجهون مصيرهم المحتوم .ومن خصيمهم ؟إنه الله مالك الكون فهل هم مستعدون ؟وهل يطيقون ؟
إن الله القوى هو الغفور الرحيم الذى يدعوهم إلى مايصلح حالهم
ولن ينصلح حالهم إلا باجتناب كبائر الذنوب وهم المستفيدون من ذلك والله الذى خلقهم يعلم ضعفهم ويغفرلهم صغائر الذنوب بل كبائرها إذا تابوا عنها .
أيها الشاكون
إذا كنتم تشكون فى محمد فقد عرفتموه وعرفتم مقامه عن ربه
وإذا كنتم تشكون فى رب محمد فهاهو يقدم لكم نفسه.
-إنه الله العادل الذى يأخذ كل إنسان بجرمه لابجرم غيره.
-إنه الله الذى يرجع إليه الأمر كله والخلق كله ولا ملجأ منه إلا إليه
-إنه الله خالق الإنسان والمتصرف فيه تفصيلا فهو الذى يضحكه ويبكيه والذى يميته ثم حييه والذى يصنفه ذكرا أو أنثى من نطفة
تقذف فى الأرحام ثم تمضى فى مسارها بقدرة الله.وهو الله الذى بيده تصاريف الأرزاق فيغنى من يشاء ويفقر من يشاء.
إنه الله الذى سيبعث الخلق للحساب حيث لا حكم إلا له جل وعلا.
-إنه رب الكون كله .ونجم الشعرى رمز له .وأنتم جزء صغير صغير ضعيف ضعيف فى هذا الكون وإذا كان الكون كله خاضعا
لله فما بال الإنسان هو الكائن الوحيد الذى يشغب على خالقه ؟ااا
إنه الله الغفور الرحيم ولكنه العادل وليس من العدل مساواة المؤمنين بالكافرين ولهذا جعل الله للكافرين من صفاته تعالى :القوى القهار الجباروقد تجلت هذه الصفات فى إهلاك الأمم السابقة عاد وقمود وقوم نوح وقوم لوط .
أيها الشاكون
هذا ربكم يلفت أنظاركم إلى هذه النذر السابقة ,ويقول لكم :"اقتربت الساعة وانشق القمر"فانتبهوا من غفلتكم وانظروا فى القرآن بعين المتفهم لا المستهزىء اللاهى .إنكم إن فعلتم ستصلون حتما إلى الإيمان بالله سبحانه .وساعتها ستخرون له ساجدين .
فهل أنتم فاعلون ؟
التعليقات (0)