الجرائد الورقية
قررت جريدة " كريستيان ساينس مونيتور " الأمريكية الاحتجاب عن الصدور اعتبارا من الغد .
وذلك فى نسختها الورقية . مع الاستمرار فى الصدور فى الطباعة الالكترونية .
الجريدة تصدر منذ مائة عام .
ظل عدد التوزيع يتضاءل حتى وصل الى خمسين الف نسخة .
مما اثر على الاعلانات الواردة اليها والتى تعتبر مصدر الدخل الرئيسى لأى " جورنال " .
نسختها الاكترونية يشاهدها ( 2 ) مليون مشاهد .
ولذا قررت ادارة الجريدة التركيز والتطوير للنسخة الالكترونية .
جرنى هذا الخبر الى اجترار بعض الذكريات التى لها علاقة بذات الموضوع .
بعد انتهاءنا من المرحلة الجامعية . وفى انتظار فترة التجنيد الالزامى , كونا مجموعة من الاصدقاء ما يعرف " بصالون الفكر ".
يعقد نصف شهرى فى منزل أحدنا بالتناوب .
تعتمد فكرته الاساسية على ان يقوم واحد منا بتجهيز موضوع ما من كتاب او مجموعة من الكتب . ويطرح الموضوع فى محاضرته ويشير الى المراجع التى استقى منها الموضوع ونبدأ فى مناقشته فيما طرحه والنقاش يكون بأولوية رفع الايدى . وصاحب المنزل الذى نجلس عنده هو الذى يدير الجلسة . ويكلف واحد منا " أيضا بالتناوب " لتسجيل الجلسة حتى يتعلم كل واحد منا كيف يدير جلسه ويتعلم كيف يجهز لموضوع ويلقى محاضرة.
ويتعلم كيف يكتب محضر اجتماع وملخص لكلمات المتحدثين .
وكان بيننا صديق يشارك بالحضور والنقاش فقط .
وعندما حان عليه الدور فى تجهيز موضوع للجلسة القادمة. اعتذر.
وعندما ضغطنا عليه اعتذر بشدة .
وقال لنا كلمة من المأثورات وهى سبب حديثى عن "صالون الفكر"
حيث قال انه اقسم طلاق بالثلاثة بعد الانتهاء من الدراسة الا يمسك كتاب او جريدة .
ويمسك هنا لاتعنى الملامسة ولكنها تعنى عدم القراءة .
كان هذا واحد من جيل من قرفه من المواد الدراسية زهد فى أى قراءة بعد الحصول على الشهادة . واصبح التلفاز مصدر معرفتة ومعلوماته .
شخصيا، ظللت اقرأ الجرائد بانتظام ولسنوات طويلة . ولدى اعداد اثيرة من جرائد ومجلات بعينها احتفظ بها منذ اكثر من ثلاثين عام .
ولدى قصاصات كثيرة من الجرائد .
يعجبنى الموضوع او المقال فاقتطعه من صفحته واشير الى تاريخ واسم الجريدة على هامش القصقوصة .
انتقلت من الجرائد الحكومية الى الجرائد المعارضة هروبا من التطبيل والتسبيح للحاكم والحكومة وقرفا من ذكر اخبار كل العائلة المالكة .
جرائد المعارضة كانت تلهبنا بالتعبيرات النارية والافكار الحماسية . ونستمتع مع اسماء كتاب كبار . الى ان تحولت جرائد المعارضة و الصحف المستقلة الى ( مكلمة ) ، اسماء مغمورة تكتب اعمدة بانتظام . خالية من البهارات و منزوعة الدسم ، وسطحية .
وخلت الجرائد من التحقيقات والتقارير واخبار المحافظات وآراء القراء واسهاماتهم .
انتقلت الى قراءة الصحف عبر الانترنت.
مميزات كثيرة ، فلست مضطرا الى مطالعة صورة الكاتب الفلانى او حتى تصفح عاموده السمج ، ولست مضطرا لمعرفة اخبار الزوجة والابن .
فقد كنت انتقى الاعمدة الاثيرة لدى .
وميزات اخرى , من بينها تصفح جرائد ومجلات لا تصلنا مطبوعة. و التعرف على جرائد لم تكن معروفة لنا بالمرة .
ولولا ان الجرائد الورقية تستطيع ان تقرأها وانت مستلقى ، وتستطيع ان تخرم عين صاحب الصورة التى لا تروقك . وتاخذ خطين تحت العنوان الذى يعجبك ، وتقص ما تشاء دون ان تكون مضطرا للاحتفاظ بالصفحة كاملة او الجريدة كاملة . وهذا ما تفتقده فى الصفحات الالكترونية .
ان ما فعلته " كريستيان ساينس مونيتور " اليوم 27/3/2009 .تنبأنا به منذ اكثر من عشر سنوات .
اضافة الى سوء الادارة ونهب حصيلة الاعلانات . فقد جثم على رأس الجرائد عدد من ( الكتبة ) وليس ( الكتاب ) بلا أفكار
ولا ابداع . ما يجيدونه فقط آلة الدرامز ( الطبله ) فى المعزوفة الشهيرة ( هشتكنا وبشتكنا يا ريس ) .
السؤال :
هل ما فعلته " كريستيان ساينس مونيتور " خطأ ام صواب ؟
وهل ما فعلته هو مقدمة لتحذو حذوها صحف آخرى عريقة ؟
وهل ما فعلته يعد مبررا للصحف اياها للاحتجاب ؟ .
اتمنى هذا .
eg_eisa@yahoo.com
التعليقات (0)