الجبن الإلكتروني .. أهم ما نتميز به كعرب
في الإعلام البديل .. وخدمة تعليق القراء على مواقع الصحف الإلكترونية ، والمدونات 
تلك الصفحات التى يظن الجميع إنها نعمة لتبادل الأراء والأفكار والرؤى .. نعلم ونتعلم منها ومن خلالها .. يظهر هناك من يتألق في الوقاحة .. ليرمي الغير بتعبيرات إن دلت على شيئ إنما تدل على مستويات الحالة السلوكية لدينا .. وسبل توصيل الرأي  
فكم من الجرائم يمكن أن يرتكبها الإنسان إذا ضَمن عدم انكشافه وظل في الخفاء ؟ 
وأيضا ً
كم من السباب ، والتجريح ، والألفاظ القاسية يمكن أن يستخدمها هذا الإنسان إن صح أن نطلق عليه لفظ إنسان , وإن كان حقا ً إنسان !!! لو اختبأ كالفأر خلف اسم مستعار؟
لكن يبدو أنّ الواقع صورة والفرض الافتراضي صورة أخرى تناقضه . فالمشاركات على الشبكة العنكبوتية المفروض فيها تبادل الفكر الحر ومناقشته ليس على المستوى المحلي فحسب بل على المستوى العالمي ، في ظل إمكانية مشاركة المستخدم نفسه مع زملاءه أو قراءه ، لصنع رأي عام غير موجه أو متوجه .. رأي عام حر بلا ضغوط أو مخاوف .. إنما الواقع يفرض نفسه ويقول بإننا كعرب وكمسلمين يجب أن نحيا حياتنا التي إعتدناها .. حياة القهر والعبودية والرق والغزو .. حياة الخليفة والرعية والعسس والمماليك .. هكذا حالنا وهذه أحوالنا .. وقد بدت الصورة حتى في الفكر المدون إلكترونيا ً .. حياة زائفة ، نحياها برضا وإستكانة غريبة أثرت حتى على أقاويلنا وردود أفعالنا ، ولو تجرء أيا ً منا وحاول أن يستخدم حريتة في التعبير عن رأية ولو باللفظ .. أهالنا عليه كمية من تراب تراثنا لا بأس بها وكلها تحت أسماء مستعارة ، هذا مما يدل على ما دائما ما كنت أقول به .. إننا كعرب وتحت قيم المواراة والتقية نكتب بأسماء مستعارة حتى نأمن بطش السلطان .. ومنا من يتطاول على الكاتب بل ويسبه علنا ً .. وإن دل هذا على شيئ إنما يدل على مكانتنا كعرب وسط الأمم الأخرى التي نتهمها بعيوب نحن نتجمل بها ونتزين .. ولكن يجب أن نضع في الإعتبار أن هذا سيؤدي إلى ممارسة عنف لفظي غير مسبوق في سوق المدونات الإلكترونية ، وسيؤدي إلى إنتشار وتحقيق سواد الصورة التي نحياها في عيون الآخرين .. فنحن يا قوم لسنا بمعزل عن العالم كما يريد حراس تراثنا أن نكون بحجة الفضيلة .. فإن كانت الفضيلة بمثل هذه القيم التي نحياها فالله الغني عنها 
والبعض من كتاب المواقع .. كما في مثل حالتنا مع موقع إيلاف يطالب في صمت بحذف التعليقات البذيئة ، أو يقوم هو بحذفها .. ولكن تبقى تأثيراتها على نفسيته وحالته النفسية فيما بعد مما قد يكون له أثر سلبي على كتاباته ، أو هناك من يحاول أن يفسر موقفه بمنتهى الأدب لجمهور قراءه إلا أن البعض من ضعاف النفوس يستغل الفرصة ليظهر أفضل ما عنده من سيئات القول ..
والغريب في الأمر أن أصحاب التعليقات البذيئة لا تعر إهتماما ً بأن هناك من يقرأ لنفس الكاتب غيرهم وسيصدمهم كلامهم الوقح عندما يطلعوا عليه .. ولم يسأل أيا منهم نفسه .. ما ذنب هؤلاء .. 
فليتك يا إيلاف تضعي بروتوكول ل (( فلترة )) التعليقات .. إذ لوحظ تصاعد كبير في العنف اللفظي وترصّد لمعلّقين بعينهم ضد كتّاب بعينهم ، وكإنها تصفية حسابات بين متنافسين .
والتساؤل هنا 
هل هي صعبة لهذه الدرجة ، وإلى هذا الحد ، ممارسة الحرية في العالم العربي، حتى على المستوى الإلكتروني ؟
أعلم أن فلترة التعليقات ماهي إلا مسكنات للألم ولكنها على الأقل ستمنع من إنتشار صور غسيلنا المتسخ على العالم أجمع ، أعلم إنها تخفف ولا تعالج . ولعل يكون ذلك موضع دراسة لعلماء الإجتماع ولو كانوا من الأمم الأخرى ربما نصل لحل لتلك المشكلة .. مشكلة سلوك التواري والتخفي والتقية ، فمَن كان يتصور أن يتفوّق عنف المجتمع العربي الذي نحيا صوره بأشكاله الشتى داخل الشارع العربي ، وينتقل عبر الشبكة العنكبوتية للعالم أجمع .. 
تقبلوا مواساتي يا قوم 
محمد عابدين
التعليقات (0)